(الثقافي) في الهرمل: صرح فني يمزج بين التراث والحداثة

0

صحيفة السفير ـ
ركان الفقيه:
يضفي الطابع العمراني لـ «المركز الثقافي في مدينة الهرمل»، والذي يمزج بين التراث والحداثة من جهة، والسكون المخيم على المكان في الكثير من الأحيان من جهة أخرى، بعض الإحساس بالمهابة، يرافق الزائر لحظة دخوله المركز المؤلف من ثلاث طبقات، يركن وسط المدينة وبالقرب من قصرها البلدي. ويتحول المركز، الذي يتبع لبلدية الهرمل، إلى مقصد للعديد من المهتمين بالكتاب والنشاطات الثقافية، بعدما تم تعيين مدير له من قبل المجلس البلدي السابق، واستكمال بنائه وتجهيز قاعاته وبات أحد المعالم الرئيسية في المدينة.
ويروي إسماعيل شاهين (ناشط اجتماعي) حكاية تأسيس المركز والتي بدأت مجرد فكرة لإنشاء مكتبة عامة في العام 1984، حيث تمّ جمع عدد كبير من الكتب، وضعت في مركز الشؤون الاجتماعية. ولكن تم ٳحراق معظمها، ما دفع اللجنة الشعبية التي أنشئت حينذاك، بهدف تحقيق عدد من المشاريع الإنمائية في المنطقة، إلى المباشرة بوضع أساسات المبنى الخاص بالمركز، وإنشاء قاعة للنشاطات الثقافية. ويشير شاهين إلى أنه، وبمبادرة شخصية منه، قام بتوقيع اتفاق مع اللجنة الشعبية لاستخدام المبنى كمكتبة عامة. ووضع الكتب التي تم إنقاذها من الحريق، وكتب أخرى جمعها بالتعاون مع زوجته حنان في القاعة التي جرى إنشائها. وحدثت النقلة النوعية الأخرى في عمل المكتبة، عندما تمّ تأسيس لجنة العمل الثقافي في العام 1996، وضمت نحو خمسين ناشطاً. وعملت على توفير الدعم والمساعدة للمكتبة من «المركز الثقافي الفرنسي»، وعدد من الجمعيات والبعثات الثقافية الأخرى، خصوصاً الكندية، التي موّلت القسم الخاص بالاطفال. واستمرت اللجنة بإدارة المكتبة حتى العام 2003، حين طلبت البلدية إخلاء المبنى لاستكماله وتجهيزه. وقررت بعدها أن يكون هناك لجنة جديدة لإدارة المركز، الذي بات تحت الإشراف المباشر للبلدية، ما دفع «لجنة العمل الثقافي»، التي تحوّلت إلى «جمعية منتدى التراث والثقافة»، إلى إنشاء مركز ثقافي جديد، بدعم من «هيئة التعاون الايطالي» وجمعيتي «أسميا» و»كوبياك».
ويقول المدير الحالي لـ «لمركز الثقافي في مدينة الهرمل» عبد الله ناصر الدين: «إن البلدية، وبعدما قامت باستلام المبنى، عملت على تأمين تمويل استكماله وتجهيزه بمساعدة من مؤسسة الوليد بن طلال الانسانية. وتم افتتاحه بشكله الحالي في العام 2008. ويتكوّن من قاعة للمسرح تتسع لحوالى 240 شخصاً، ومزودة بكامل التجهيزات المطلوبة». ويضمّ المركز «مكتبة عامة شريكة لوزارة الثقافة، تقوم على مساحة 200 متر مربع، وتضمّ التقنيات المطلوبة كافة. وتحتوي على 5700 كتاب، إضافة للصحف اليومية والمجلات والدوريات، وهي مفتوحة أمام الجميع ومن كل الفئات العمرية لقراءة الكتب داخلها أو استعارتها وفقاً لنظام المكتبة»، وفق ناصر الدين. كما يضم المركز محترفا فنيا، «فيه قاعة مجهزة بمقاعد ولوحات خاصة، وتنظيم دورات لتعليم فن الرسم داخله، بإشراف فنانين تشكيليين، وقاعة مجهزة بالآلات الموسيقية، تتسع لخمسة عشر متدرباً، بالإضافة إلى قسم التأهيل العلمي (تعليم اللغتين الفرنسية والانكليزية ودورات دعم لطلاب الشهادات الرسمية)، وقاعة مخصصة للمعلوماتية واستخدام الانترنت».
وينفذ المركز مجموعة من النشاطات السنوية والدورية، يأتي على رأسها أسبوع المطالعة، الذي يشمل استضافة كتاب، وإقامة معرض كتب الأطفال والرسوم، في إطار تنمية المواهب والابداعات الموجودة في المنطقة، وعرض مسرحي وقراءات قصصية للأطفال، وتنظيم مسابقات وأنشطة أشغال يدوية وبيئية وصحية، وعرض أفلام سينمائية خاصة بالأطفال، وتوزيع عدد من القصص الخاصة بهم، وزيارات لتلامذة المدارس لتعزيز علاقتهم بالمركز. بالإضافة إلى الملتقى الثقافي، الذي يستضيف كل شهر أحد الكتاب أو المفكرين، وساعة القصة للأطفال أسبوعياً، التي تأتي وفقاً لبرنامج يتم وضعه لمدة ستة أشهر، بالشراكة مع «جمعية السبيل». ويترافق مع نشاطات لتعزيز مهارات الأطفال، واستقدام كل ما هو جديد من خبرات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.