أميون.. كنوز بيئية وآثار تنتظر الوعي والمبادرات

0

صحيفة البناء ـ
الكورة ـ فاديا دعبول:
نظّمت لجنة مهرجان أميون التراثي، بالتعاون مع مجلس بلدية أميون، لقاءً مع رئيسة مصلحة استثمار الأماكن الأثرية في وزارة السياحة الدكتورة منى حداد فارس حول «الدور البشري في التنمية السياحية» في مركز المطالعة والتنشيط الثقافي clac – أميون في حضور رئيس اتحاد بلديات الكورة المهندس كريم بو كريم، رئيس بلدية أميون جرجي بركات، منسق المهرجان الصيدلي شوقي الشماس، منشطة المركز جويل عبيد، كاهن البلدة الأب الياس نصّار، رؤساء جمعيات ونوادٍ أهلية وحشدٍ من المدعوين.
الشماس
بدايةً النشيد الوطني، ثم كلمة منسق مهرجان أميون شوقي الشمّاس الذي قال: «للمرة الأولى منذ دولة الاستقلال يُطل أحد مسؤولي الدولة على بلدة أميون الغنية بتراثها وحضارتها وشعبها وتاريخها، وعندما قصدنا الوزارة وجدنا الدكتورة منى، التي كان لها الفضل الكبير في إرشادنا لإطلاق ورشة عمل سياحية في أميون والتوصل حديثاً لإنشاء مكتب إرشادٍ سياحي لكل الكورة فلها منّا كلّ تقدير وشكر».
بركات
وألقى رئيس البلدية جرجي بركات كلمة توجّه فيها إلى الحضور قائلاً: «إنّ البلدية على استعداد لتنفيذ كلّ المشاريع التي تطرحونها لمصلحة البلدة، إنّما ضمن شرطٍ واحد وهو أن تبقى الأيدي متشابكة، ونعمل معاً بروح الجماعة لأهدافٍ ورؤيةٍ مستقبليةٍ واضحة».
فارس
واستهلت الدكتورة فارس حديثها منوهة بالكنوزالمدفونة في الكورة، حيث قامت بجولة فيها، وشاهدت بيوتها التراثية وتعرفت الى أصالة شعبها، وقالت: «ما كنت لأقدم على هذه الخطوة بالمجيء لو لم يكن هناك مجلسٌ بلدي يدعم ويهتم، مثل مجلسكم، بالبلدة وما تضمّ من سياحة وآثار، لأن أحداً وحده لا يستطيع أن يجعل سياحة في منطقة، ولا حتى الوزارة، إن لم يكن هناك وعيٌ ومبادرات من السلطات المحلية وهيئات المجتمع المدني، وهذا كله متوافر في أميون التي سبق أن قامت بجهود حثيثة للوصول إلى مبتغاها في تحقيق سياحة لافتة في المنطقة».
وعرّفت فارس السياحة بـ«صناعة الحلم والحنين، صناعة الحلم للسائح الذي لم يتعرّف الى البلد من خلال إبراز صورمشوِّقة تشدّه للزيارة، وصناعة الحنين تكمن في الاستقبال الحار وترك الأثر الانساني لدى الزائر، فيحمل معه الذكريات، كي يعاود زيارته إلى المنطقة»، مؤكدةً «أن السياحة لا تقتصر فقط على الأماكن الاثرية بل تتخطاها إلى السياحة البشرية وهذا العامل بات يفتقد إليه في زمننا، وهو ما يميّزنا عن سائر دول العالم على الرّغم من كل ما تحويه من سياحة مميزة، إذ إن السائح في لبنان بمقدوره أن يبقى مشدوداً إلى البلد مهما طال به الوقت، في حين أن إقامته في سائر بلدان العالم لا تتجاوز الأيام المعدودة على أصابع اليد».
أهمية السياحة
وتناولت فارس في كلمتها أيضاً «أهمية السياحة البيئية، وظروفها كلها متوافرة في الكورة، وهي التي تدخل ضمن نظرية اقتصادية رائدة من حيث الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتخفيف الضغط عن المدن، واستثمار موارد الريف، وإدخال المجتمع المحلّي كلّه في عملية الإنتاج ما يعزز بالتالي دور المرأة، فالسياحة البيئية عملية متكاملة حسب قولها تحتاج إلى ورشة عمل على كل الأصعدة بدعمٍ ومساندة وشراكة بين السلطات المحلية والمجتمع المدني».
ولفتت فارس إلى أنه في «ظل غياب الدولة نحتاج إلى تربيةٍ مدنيّة ووعيٍ على مشاكلنا وكيفية إيجاد الحلول الملائمة لها، فكيف يمكن أن نرى الجبال مشوّهة مثلاً جرّاء الكسّارات ولا نسارع إلى عملية تشجيرها كهيئات مدنية أو محليّة ، ولماذا لا تتشابك الأيدي في العمل و لماذا دائماً يجب أن ننتظر الدولة للقيام بمثل هذه الأعمال».
وأوضحت فارس دور مكتب الإرشاد السياحي، الذي فتح حديثاً في أميون بفضل جهود المجلس البلدي، من حيث «تعريف الزوار على الآثار المهمّة في لبنان بشكلٍ عام، والكورة بشكل خاص، وإقامة ندواتٍ ومحاضرات تتعلق بالإرشاد والسياحة، ضمن خطّة وبرنامج عملٍ سنوي أو نصف سنوي، يؤثّر في جعل المنطقة نموذجية».
وقدّمت أخيراً اقتراحاتٍ عملية لمهرجان أميون التراثي المزمع إقامته للمرة الخامسة على التوالي هذا الصيف.
بو كريم
ثم كانت مداخلة لرئيس اتحاد بلديات الكورة كريم بو كريم الذي رأى «أن العائق الأساسي والمهم الذي يحول دون العمل على المستوى المطلوب، هو عدم إقرار اللامركزية الإدارية وحجز أموال البلديات في وزارة المالية»، مؤكداً «أن كل الإنجازات التي تتم على المستوى المحلي هي نتيجة جهودٍ شخصية ولا تلاقي الدّعم المطلوب من الدولة».
غنطوس
أما عضو لجنة مهرجان أميون رولى غنطوس فطالبت وزارة السياحة بـ«إرسال مختصّين لتأمين التدريب اللازم للمرشدين السياحيين في أميون، وتصنيف المواقع السياحية في البلدة من قبل وزارة الثقافة».
الزين
وعلى هامش اللقاء التقت «البناء» مؤرخ مدينة أميون الدكتور الياس خليل الزين، الذي قال : «إن أفضل أنواع السياحة وأرقاها هي السياحة الثقافية والعلميّة والروحيّة وما شابه ذلك ، ففي باريس اليوم مثلاً سياحةٌ رائجة لبيوت المفكرين والأدباء، أمثال «فيكتورهيغو» و«فولتير» وفي إنكلترا «شارل ديكنز» و«شكسبير»، وهذه السياحة الفكرية تذكّر الزائر لهذه المناطق بنتاج المفكّرين والأدباء وميراثهم الفكري الذي أغنى البشرية، وإذ بنا نتذكر الأدباء والشعراء والمفكرين أمثال المعرّي والمتنبّي الذين هم عماد النهضة والباقون إلى الأبد، ولا نتذكر مثلاً المباني والمغاور».
وشدّد الزين على «ضرورة استخدام بيوت المفكرين كمواقع سياحية كما يجري في لندن وباريس وبشرّي».
واقترح «أن يصار إلى جعل المدرسة الروسية التي تأسست عام 1897 مركزاً سياحياً، لأنّ نهضة أميون انطلقت منها، ولا يزال مبناها قائماً حتى اليوم كما كان»،
كما اقترح في السياحة الدينية «أن تكون كنيسة مار فوقا، مركزاً سياحياً ومزاراً للجاليات الروسية والسلافية، وأن يتحول منزل الشاعر العظيم المقدسيّ حنّا سعادة، الضرير العبقري الذي لقِّبَ بمعرّي أميون إلى مقصد سياحي لأنّه ساهم إسهاماً كبيراً في نهضة البلدة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الدكتورة فيكتوريا خزامي التي حملت أول شهادة في علم الآداب، وعملت في باريس وساهمت في تعليم المئات من اللبنانيين وكانت على صلة وطيدة بالرئيس جاك شيراك، وغيرُهم كثُر من الشخصيات الأميونية البارزة فكرياً، وكانت لها بصماتها في المجتمع اللبناني والعالمي».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.