ازاحة الستارة عن نصب الشيخ اسكندر بمناسبة العيد ال500 لتأسيس زغرتا برعاية عريجي

0

1455453511_
كرمت مدينة زغرتا بمناسبة مرور 5 قرون على تأسيسها، واحدا من ابنائها الذين وضعوا في بنيانها أول حجر وهو المؤسس الشيخ اسكندر (1516 – 2016)، في احتفال دعت اليه جمعية “إحياء التراث الأهدني” بالتعاون مع بلدية زغرتا – اهدن، وبرعاية وزير الثقافة ريمون عريجي، في المسرح البلدي – قاعة الفنان بيار فرشخ.

حضر الاحتفال خليل الدويهي ممثلا النائب اسطفان الدويهي، جوزف كرم ممثلا النائب سليم كرم، النائب السابق نايلة معوض، رئيس اتحاد بلدية زغرتا – الزاوية زعني خير، رئيس بلدية زغرتا – اهدن شهوان الغزال معوض، رئيس لجنة “إحياء التراث الاهدني” المطران بولس امين سعادة. وكل من: أسعد كرم، سايد فرنجية، زياد المكاري وحشد من اللجان والجمعيات الاهلية، ورؤساء البلديات والمخاتير، والكهنة وعائلة اسكندر الزغرتاوية.

قبل إزاحة الستارة عن نصب اسكندر – “ابن ريس اهدن منذ 500 سنة”، الذي قام به النحات سايد بو محرز، قدم الاديب محسن يمين الحفل، وقال: ان “تأسيس زغرتا كان نعمة من نعم الله علينا يوم انفتح السبيل لتملكها كشقيقة صغري بالمعنى الزمني لاهدن”.

ثم قرأ يمين قسم الشيخ اسكندر الذي تعهد فيه بانه “لا يخصص لنفسه ولاهله نصيبا من المزرعة الجديدة اي زغرتا عند تملكها اكثر من غيره من الاهالي وقد وفى بوعده”.

معوض

ثم تحدث رئيس بلدية زغرتا – اهدن، فشكر المطران سعادة والمهندس انطوان اسكندر على “سعيهما لإحياء الذكرى”، وقال: “يسرني ان أرحب بكم في بلديتكم لنحيي معا ذكرى مرور خمسة قرون على تأسيس زغرتا، ونقوم بواجب الوفاء لذكرى الشيخ اسكندر الذي كان له فضل السعي الى منحنا هذه الارض الطيبة، فاتحا بذلك أمام أهل زمانه باب الاستقرار على هذا التراب المبارك. وكنت رحبت بفكرة هيئة إحياء التراث الاهدني الرامية الى إقامة تمثال يخلد ذكر الشيخ اسكندر فور مفاتحتي بالموضوع، وذلك قناعة مني بان السنة الحالية ينبغي ان تكون سنة مخصصة للاحتفاء بالمئوية الخامسة لنشأة زغرتا”.

وأضاف: “دشنا احتفالاتنا بإعادة إحياء “خميس الذكارى” متعاونين مع عدد من المؤسسات والجمعيات الناشطة، ونعد العدة لاحقا لإطلاق “كرنفال الربيع” مجددا في ايار المقبل، لتأكيدنا في المجلس البلدي أهمية ان نولي زغرتا عناية أشد، تستوجبها إقامتنا فيها معظم أيام السنة، بدءا من الحي القديم الذي كان نواة التمدد والتوسع، أي الحي الذي بنى الشيخ اسكندر فيه أول بيت، يوم بنى عليته”.

سعادة

ثم تحدث المطران سعادة، فقال: “ان وضع تمثال الشيخ اسكندر في زغرتا في هذه الأيام حدث مهم جدا يحمل الكثير من المعاني، وصفحة مجيدة خالدة في تاريخ العلاقة الودية التي تربط اهدن زغرتا المارونية بطرابلس الإسلامية، ان الوالي الغزالي يومها أخذ على عاتقه مسؤولية الأمان للذين يقطنون فصل الشتاء في زغرتا”، مضيفا: “يقول المستشرق دومينيكو ماغي الماليطي الذي زار زغرتا: “لم أتوقف في ذاك اليوم في طرابلس، بل تابعت رحلتي يرشدني دليل ماروني الى جبل لبنان، فوصلت الى زغرتا وهي بلدة صغيرة يقيم فيها بعض العائلات الموارنة، أتت من الجبل لتربية دود القز ونزلت ضيفا على رئيس أساقفة اهدن المطران جرجس عميرة”.

وتابع: “اننا فيما نرفع اليوم تمثال لهذا الإهدني الكبير الشيخ اسكندر أمام سراي زغرتا، ما ذلك الا وفاء منا لما قام به هذا الإهدني بإيجاد مشتى لأبناء بلدته إهدن في الساحل. فلم يتشتت الإهدنيون في المناطق اللبنانية كما حدث للكثير من أبناء القرى الجبلية، ومنها مدينة بشري ومدينة تنورين والعاقورة اللذين لا أمكنة لهم لقضاء فصل الشتاء فيها”.

وأردف: “إننا نكبر بادرة جمعية إحياء التراث الإهدني التي أخذت على عاتقها إحياء تراثنا الوطني والإضاءة على رجالاتنا المغمورين ليكونوا لنا مثالا وقدوة بتضحياتهم وأعمالهم ومن ثم نتعرف على تاريخها، وما قدمه أبناء إهدن للدين وللدنيا والوطن. وهم الذين خاضوا المعارك في سبيل الحفاظ على الأرض والعرض والدين، لأنه كما قال القديس البابا يوحنا بولس الثاني: “ان الشعب الذي يجعل تارخيه هو شعب الى زوا”، واننا نكبر ما قدمه المهندس انطوان اسكندر الذي تكفل بمصاريف التمثال كما نحيي النحات سايد ابو محرز الذي أتحفنا بهذا التمثال الذي يذكرنا بصفحة خالدة من تاريخنا المجيد”.

اسكندر

بعد ذلك، كانت كلمة المهندس انطوان اسكندر، فقال: “نشكر وزير الثقافة ريمون عريجي على رعايته هذا الإحتفال، وهو المجلى في تكريم المبدعين من لبنان. ونشكر المطران سعادة الذي كان أول من أطلق فكرة هذا التكريم، ورئيس بلدية زغرتا الذي بفضل جهده وجهد أصحابه وصلنا الى هذه الخاتمة السعيدة، وكل من اشتغل على هذا التكريم من قريب أو بعيد، بدءا من الفنان سايد ابومحرز، وانتهاء بالصديق محسن يمين”.

وأضاف: “نحتفل اليوم بتكريم الشيخ اسكندر، هذا الجندي المجهول الذي بقي في غياهب النسيان، قصة تروى للأبناء والأحفاد فقط. وهو من كتب فصلا مجيدا في تأسيس مدينة زغرتا، فالشعوب الحية تستنهض تاريخها وتتطلع الى المستقبل، وترفع رموزها في الساحات والميادين لتبقى ذكراهم حية للأجيال الطالعة، وتزين شوارعها بهم، وبهم تحتفي وتفاخر لتؤكد عراقتها وماضيها المشرق”.

وتابع: “في مثل هذا اليوم، ومنذ 5 قرون نزل هذا الشيخ الإهدني مع أصحابه على هذه الأرض. جاء من الجبل العالي الى السهل الخصيب ليبني لنا بيتا آخر أكثر دفئا، وليوفر علينا مرارة الشتات الى كل ارض خلال فصل الشتاء. أسس لنا إهدنا أخرى في الساحل. ومد بمساحتها الى مشارف البحر ثم الى ما وراء البحر. وعندما فتحنا نوافذنا على العالم وشرعناها للابحار الى كل مكان في الأرض، في مغامرة دائمة وتألق وجودي لا ينتهي فصولا”.

وأردف: “اليوم نعود الى زغرتا وذاكرتها لتكرم من وضع في أساسها أول حجر تضيء له شمعة في عيده ال500 وسط هذه الظلمة الحالكة التي تلف الوطن، وتلفحنا برياح الخراب الذي يعصف بالجو. فقد كان خادما للقوم هو السيد، واليوم ليس بيننا الا السياد الذين يختصرون الوطن على مقاس ثرواتهم ومساحة شهواتهم، ورغم الجحود ذهب في البذل والتضحية الى الآخر، وكانت حصته من زغرتا عليه متواضعة متداعية لأن الزهد والتنسك والنزاهة والحرية كانوا مفرادات حياة الموارنة في ذلك الزمن السعيد”.

وقال: “أيها الشيخ الجليل، اليوم تعود الى عليتك بعد طويل غياب، فتجدها أطلال وخراب، وقد نبتت عليها الأعشاب”، مضيفا: “ان مسكنك بعد اليوم في كل دار وبيت، اليوم تغادر العلية وتسكن في ذاكرتنا وذاكرة اطفالنا من بعدنا، أليسوا بأحفادك من نقص عليهم في العشية فصول قصتك المثيرة التي تروى للأطفال وكيف بدأت. وكيف ذهبت الى الشام وكيف رجعت، بالملكية والفرمان من أعين السلطان، ليهللوا ويناموا فرحين بما انجزت. اليوم تشاركنا ضفة هذا الشارع وتتجول في يومياتنا، تفترش هذا النصب الأبيض الجميل مسكنا القا. وتنتصب في مدخل زغرتا لتستقبل الغادي والرائح كل صباح وكل مساء، والإبتسامة ملء شفتيك، فلا تقنط يا سيدي من جماد الحجر. ان بعض الحجر ينطق ويضحك ويتحرك أكثر من بعض الناس”.

وتابع: “اليوم تطل من نافذة تمثالك لتتفقد الأطفال، وهم يلعبون حولك في الأزقة والأحياء لتأمن عليهم، وتتابع ورشة البناء التي لم تتوقف منذ رحيلك، لأن عجلة الزمن تمضي، والتاريخ يمضي، ولا يترجل. اليوم تفرح وتهنأ بالقرية الوادعة التي ضربت فيها أول معول وقد تصيرت الآن الى مدينة عامرة تفاخر بها من عليائك. ان غرسك الاخضر تمدد كثيرا بعد غيابك والبنيان تمدد أكثر، وحبة الحنطة التي زرعت يوم بنيت العلية نمت وأعطت سنابل كثيرة واعدة، وها هي زغرتا الوفية تأخذك بأحضانها تعيدك الى تاريخها، وترفعك في ساحاتها”.

عريجي

من جهته، قال عريجي: “نحتفل اليوم بإزاحة الستار عن تمثال الشيخ اسكندر الذي كان له الفضل بحصول الإهدنيين على مشتى يقيهم صقيع الشتاء”، مضيفا: “حكاية موثقة ثابتة بوجداننا الشعبي صارت من المسلمات، تعود الى القرن السادس عشر كما رواها المطران سعادة ولن أجد منعا لتكرارها. لحظة احتدام الحرب بين السلطان سليم العثماني وقانصو ملك مصر. يومها طلب السلطان من والى دمشق الغزالي جمع الأموال من ديار الشام. وفي الطريق من دمشق الى طرابلس عبر إهدن، انقطعت الطرق امام الوالي ومرافقيه بسبب العواصف والثلوج، فاستضافهم الإهدنيون خمسة أيام بحفاوة وتكريم (وهي سمات نعتز بها)، وكان لهذا الإستقبال أثر كبير في نفس الوالي، نقله الى السلطان، مع الإشادة بضيافة الشيخ اسكندر وكرمه وروح الضيافة الإهدنية. وأثناء عودة الوفد من مصر التقى وجهاء إهدن وفي مقدمهم الشيخ اسكندر، الذي التمس من السلطان – عبر الوالي – إعطاء الاهدنيين قطعة ارض ساحلية، تشكل لهم مشتى يقيهم أهوال العواصف والثلوج وشتاء اهدن القارس، فوافق الوالي واختار الاهدنيون، مزرعة بالقرب من مياه رشعين وهكذا وبمبادرة من الشيخ اسكندر، المعطاء الذي باع بعضا من ممتلكاته لدفع رسوم الفرمان السلطاني، القاضي بمنح زغرتا الى اهالي اهدن، اصبح لاهالي اهدن موطئا لقضاء فصل الشتاء، وكانت ولادة زغرتا، التي نفاخر اليوم بشرف الانتماء اليها”.

وتابع: “التاريخ مسار متواصل الحلقات والاحداث، ونحن اليوم نكرم الشيخ اسكندر لمآثره، فللقامات التاريخية التي اطلعتها زغرتا، لحظات مفاخرة يعتز بها”.

وأردف: “زغرتا الضاربة جذورها في المسيحية، الرافضة للتقوقع، المنفتحة على شموس الدنيا وروح الوطنية الجامعة الممارسة لحقائق العيش المشترك. هذه المدينة تتقدم مع العديد من بلدات لبنان، الى الواجهة الوطنية، إسهاما في إعلاء لبنان ورص النسيج الوطني ومكوناته، وتطوير حياتنا السياسية والاجتماعية نحو الافضل. ولزغرتا حضور قوي فاعل خارج حدود الوطن، ونحن نفاخر بنجاحات أهلنا بالمهاجر والمغتربات اللذين رفعوا عاليا اسم لبنان”.

وقال: “أغتنم المناسبة السعيدة لاهنىء هيئة التراث الاهدني لإحياء دور رجل فاضل مقدام، هو الشيخ اسكندر”، موجها التحية إلى “الفنان النحات بو محرز مبدع التمثال والمهندس اسكندر لوفائه لذكرى جده الاعلى”.

وفي الختام، أزيحت الستارة عن نصب الشيخ اسكندر الحجري، الذي وضع في الجزيرة اللصيقة بسراي زغرتا، ووزعت لجنة “إحياء التراث الاهدني” كتيبا عن العيد ال 500 لتأسيس زغرتا، تضمن نشر الوثيقة التاريخية التي تقص حكاية تملك زغرتا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.