بنت جبيل: غابة للصداقة بدلاً من مكبّ للنفايات

0

صحيفة الأخبار اللبنانية ـ
داني الأمين:
بسحر ساحر، تحوّل واحد من أكبر مكبّات النفايات في منطقة بنت جبيل إلى واحد من أكبر الأحراج الطبيعية في المنطقة، بعد أكثر من 15 سنة من المعاناة والتلوّث بسبب المكبّ السابق. فقد كانت الروائح الكريهة والمسمّة تنبعث منه وتنتشر على مساحات واسعة، وكذلك الأمر عند إحراقه، إذ كان دخانه يتسرّب إلى معظم منازل المنطقة المحيطة به.
وبحسب أبناء المنطقة، فإن «عدداً من الأهالي عانى من الأمراض المختلفة بفعل الروائح السامة للمكبّ، ومنهم من بات يعاني من حساسيّة مفرطة، سببها تنشّق الهواء السّام الذي كان ينبعث منه». وفي هذا الإطار، يؤكد الطبيب يوسف كريّم «لم نكن نستطيع الجلوس خارج المنزل لتنشّق الهواء النظيف، فنضطرّ دائماً الى البقاء في الدّاخل وإقفال جميع النوافذ، رغم الطقس الحارّ».
حلّت المشكة إذاً، وأصبح مكبّ النفايات الكبير غابة مليئة بالأشجار الحرجية المتنوّعة، على مساحة أكثر من 10 آلاف متر مربع، بعدما سعت بلدية صفد البطيخ إلى الحصول على هبة من قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب، بالتعاون مع قيادة الكتيبة الماليزية، وعلى دعم كامل لمسح الأرض وتنظيفها من النفايات، ومن ثم زراعتها بأكثر من 1000 شجرة متوسطة الحجم، على أمل زراعة آلاف أخرى من الأشجار بدعم من وزارة الزراعة، كما يشير رئيس البلدية سهاد زين الدين. يشرح الأخير أن البلدة عانت طويلاً من أضرار المكبّ وتداعياته البيئية والصحية وحتى الاجتماعية. ويتحدّث عن شكاوى كثيرة كان يتلقاها من أبناء القرى المجاورة، بالإضافة إلى شكاوى أبناء البلدة والمقيمين فيها. ويلفت إلى أن عدد المقيمين في البلدة من غير أبنائها «ارتفع نتيجة انتشار المباني السكنية والتجارية بصورة لافتة».
وعن تمويل تحويل المكبّ إلى حرج، يوضح زين الدين أن «الكتيبة الماليزية تجاوبت معنا بسرعة بعدما أمّنت لنا هبة مالية من قيادة اليونيفيل بقيمة 25 ألف دولار أميركي، كانت كافية لاستصلاح 10 آلاف متر من أرض المكب العامة، وشق طريق واسع إليها وزراعة الأشجار الكبيرة، لذك قرّرنا تسمية حرجنا الجديد والوحيد حرج الصداقة بين اليونيفيل وصفد البطيخ».
وقد حرصت البلدية على الاحتفال بمناسبة افتتاح الحرج الجديد، بحضور قائد الكتيبة النيبالية الكولونيل بادريل، ومسؤول التواصل المدني والعسكري في اليونيفيل العقيد آشيت، وعدد من الأهالي والمهتمين، الذين زاروا الحرج الجديد واطلعوا على الأشغال التي تم تنفيذها، كما أولمت البلدية للحضور وقدمت درعي شكر ووفاء لكل من بادريل وآشيت. وقد عبّر بادريل عن سعادته بهذا الإنجاز الرائع، داعياً الى «الاهتمام بهذه الأشجار المقدّسة التي تقدّم فوائد جمّة للبيئة والإنسان».
يذكر أن بلدية صفد البطيخ أنجزت مؤخراً مشروع تشجير طرقات البلدة، وحوّلت بعض الأراضي العامة الى حدائق صغيرة.
والجدير ذكره أيضاً أن ظاهرة الروّائح السّامة المنبعثة من مكبّات النفايات تعمّم على أكثر من بلدة في قضاء بنت جبيل. ويبدو أنّ معالجة مشكلة النفايات في بعض البلدات، من خلال إنشاء معامل الفرز، لم توفّر حلاً نهائياً للقضاء على التلوّث البيئي. فجميع معامل النفايات التي أنشئت حديثاً في المنطقة هي متخصّصة بفرز النفايات فقط، وبتجميع المواد العضوية ومن ثمّ إحراقها، ما يؤدي إلى انبعاث الروّائح الكريهة في المنطقة القريبة منها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.