محطة تكرير اليمونة: ولادة معطلة

0

صحيفة الأخبارـ
رامح حمية:
ثماني سنوات مرّت على إنشاء محطة تكرير مياه اليمونة في أعالي بلدة فلاوى من دون أن يلمس الأهالي فوائدها. فالمحطة لم تُشغّل بعد لأسباب غير منطقية، في وقت تتضاعف فيه أزمة مياه الشفة في ظل قرارات غير مفهومة كان آخرها إقفال قسم شمسطار لمياه الشفة في مؤسسة المياه، وإلزام موظفيه بالدوام في مكتب ريّ بلدة السعيدة… لمجانيته! ثماني سنوات مرّت على إنشاء محطة تكرير مياه اليمونة في أعالي بلدة فلاوى من دون أن يلمس الأهالي فوائدها. فالمحطة لم تُشغّل بعد لأسباب غير منطقية، في وقت تتضاعف فيه أزمة مياه الشفة في ظل قرارات غير مفهومة كان آخرها إقفال قسم شمسطار لمياه الشفة في مؤسسة المياه، وإلزام موظفيه بالدوام في مكتب ريّ بلدة السعيدة… لمجانيته!

بعيداً عن انقطاع المياه والتعديات التي تطاول شبكة توزيع مياه اليمونة، يجمع معظم أهالي قرى غربي بعلبك على أن «مياه اليمونة غير صالحة للشرب». المشكلة التي فاق عمرها عقدين من الزمن، تشهد اليوم تفاقماً كبيراً. وإذا كانت المياه في السابق تحتاج إلى تحاليل مخبرية لإثبات تلوّثها وعدم صلاحيتها للشرب، فإنّه بات ممكناً اليوم، وبالعين المجردة، رؤية الأوساخ والحشرات الصغيرة فيها، إضافةً إلى الرمال واللزوجة والرائحة الكريهة. المشكلة لم تشهد حلولاً جذرية من جانب مؤسسة مياه البقاع حتى اليوم، بل كان يجري اللجوء إلى حلول مؤقتة لا يجد الأهالي بعدها مفراً إلا التفتيش عن بديل يتمثل في إضافة فاتورة جديدة إلى أعبائهم، وشراء غالونات مياه للشرب.
رئيس بلدية شمسطار سهيل الحاج حسن أكد في حديث لـ«الأخبار» أن ثمة تلوّثاً كبيراً في مياه اليمونة، فهي «مليئة بالحشرات والروائح الكريهة التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة»، عازياً ذلك إلى «التقصير المزمن» من جانب مؤسسة مياه البقاع في معالجة مشكلة «تطاول صحة الناس وسلامتهم، إذ جرى إهمال تشغيل محطة التكرير الخاصة بمياه الشفة في بلدة فلاوى ـــــ قضاء بعلبك، التي تستفيد منها القرى، بدءاً من شليفا بتدعي وفلاوى وبوداي مروراً بكفردان وحدث بعلبك والنبي رشادة، وصولاً إلى طاريا وشمسطار ومزارع بيت مشيك وبيت صليبي».
ففي عام 2003 وأمام المطالبات المتلاحقة من جانب أهالي المنطقة بمحطة تكرير لمياه الشفة، بغية التخلص من تلوّث مياه اليمونة، استبشر الأهالي خيراً بعد إنشاء محطة بتمويل من «القرض الإسلامي»، ذات تقنية عالية لمعالجة مياه الشفة، لكن الآمال تبددت مع الوقت، وخصوصاً أن المشكلة بقيت، والمحطة لم تعمل حتى اليوم، بذريعة أن تشغيلها يحتاج إلى محطة كهرباء بجانبها. الحاج حسن يتساءل «هل يعقل أن مؤسسة مياه البقاع لم تتمكن منذ عام 2003 من تأمين محطة كهرباء؟»، ليتابع «المؤسسة لا تكترث لسلامة الناس، ولا حتى للأعباء التي يتكبدونها»، مناشداً وزير الطاقة والموارد المائية جبران باسيل «التدخل مباشرة، وإيلاء المشكلة الأولوية والمسارعة في تفعيل عمل المحطة بغية تخليص المنطقة من الأمراض التي من الممكن أن تسببها».
بدوره رئيس بلدية بتدعي سمير فخري أكد أن «نسبة تلوث مياه اليمونة بلغت 95% وذلك بحسب فحوص دورية تجريها البلدية كل عام»، مشدداً على العبء المرهق الذي يتحمله أبناء القرى المستفيدة من مياه اليمونة. وعزا التلوث إلى «تسرّب الصرف الصحي إلى بركة اليمونة، فضلاً عن الأوساخ والمسامك وحمامات المطاعم»، موضحاً أن ثمة «تقصيراً كبيراً بحق أهل المنطقة، من جانب مؤسسة مياه البقاع ووزارة الطاقة، اللتين لم تتمكنا منذ ثماني سنوات من تركيب محطة كهربائية وتشغيلها» يقول. زيارة البطريرك بشارة الراعي إلى المنطقة منتصف الشهر الجاري، ستكون الوقت المناسب بالنسبة إلى أهل بتدعي والجوار، للتوجه إليه «بطلب وحيد»، كما يقول فخري، يتمثل في دفع وزارة الطاقة إما إلى تفعيل محطة التكرير، وإما إلى تحويل أو حتى تركيب قساطل الضخ إلى القرى في ينابيع عين التفاحة اليمونة، بدلاً من البركة، حتى ننعم بنقطة ماء نظيفة غير ملوثة».
مصدر في مؤسسة مياه البقاع رفض ذكر اسمه، أكد في اتصال مع «الأخبار» أن المؤسسة «على علم بتلوّث مياه اليمونة، لكنها تواجه مشكلة في تشغيل محطة التكرير في أعالي بلدة فلاوى، نظراً إلى حاجتها إلى محطة كهربائية بجانبها، ومولّد كهربائي لتشغيل المحطة في محاولة لتغطية التقنين، إضافةً إلى موظف فني يمتلك الخبرة في تشغيلها ومعدلات الكلور والمواد التي ينبغي أن تضاف إلى المياه». ولدى السؤال عما إذا كانت الفترة الزمنية من عام 2003 إلى اليوم لم تكن كافية لتأمين محطة كهربائية ومولّد، رأى المصدر في المؤسسة أن «ثمة مشكلة أخرى تواجه عمل المحطة، تتمثل في التسرّب الذي تعانيه شبكة التوزيع، وفي التعدّيات الحاصلة عليها، فضلاً عن أن الكادر البشري الذي يعمل في المؤسسة يقتصر على 230 موظفاً، وهو يمثل ثلث الكادر المطلوب فيها».
وفي سياق متصل أكد رئيس بلدية شمسطار سهيل الحاج حسن أن المدير العام لمؤسسة مياه البقاع مارون مسلم ارتكب منذ أيام «مخالفة قانونية كبيرة، تمثلت في إصداره قراراً يقضي بإقفال قسم شمسطار لمياه الشفة التابع للمؤسسة، وإلزام موظفيه بالدوام في مكتب ري بلدة السعيدة»، موضحاً أن «المخالفة تظهر في أن قرار المدير العام لا يمكن أن يلغي المرسوم رقم 14916، الذي حدّد أقسام المياه في المنطقة بأربعة وهي بعلبك ورياق ودير الأحمر وشمسطار، بذريعة أن مكتب السعيدة مجاني». واستغرب ما وصفه بـ«التصرف الكيدي الذي يمارسه مسلم تجاه المنطقة، فقراره إبعاد المكتب عن الناس وعن أكبر تجمع قرى خاطئ، لأنه يريد الهروب من معاناة الناس والابتعاد عنهم، فهل يعقل وضع مكتب زحلة في قاع الريم!».
قرار إقفال مكتب شمسطار، رأى فيه المصدر في مؤسسة مياه البقاع أنه في «غير محله القانوني، لأن قرار المدير العام لا يلغي مرسوماً صادراً عن مجلس الوزراء»، مرجحاً «تصويب القرار في وقت لاحق، فلو احتاج الموظف في مكتب السعيدة إلى طابع مالي، فعليه أن يتوجه إلى شمسطار أو بعلبك» يقول، كما رفض المصدر حجة نقل قسم شمسطار بسبب مجانية مكتب السعيدة، «بناءً عليه يصبح بإمكان كثيرين نقل مؤسسات تابعة للدولة من مبان مستأجرة، إلى قراهم بحجة المجانية!».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.