الحرائق في لبنان… فالج ما تعالج: تدابير احترازية للبلديّات تفادياً للكارثة

0

صحيفة الجمهورية ـ
جويس الحويس:

لم ترفع نسب الحرائق الكبيرة في لبنان خلال السنوات العشر الأخيرة من الوعي البيئي لدى الأهالي، بما يمكّنهم من تأمين حماية استباقية لبلداتهم وأحراجهم، باستثناء بعض الأماكن التي بدأت تتخذ فيها إجراءات حماية ووقاية، تلافياً للنيران التي تدهم القرى والبلدات من دون سابق إنذار.

إلّا أنّ بعض البلديات عمدت، أخيرا، إلى اتخاذ سلسلة إجراءات لتفادي احتراق ما تبقى من المساحات الخضر في لبنان.

عكّار

وعمدت بعض القرى العكّارية إلى إعادة تحريج المناطق التي التهمتها النيران في غابات المورغان في القبيّات، ووادي عندقت – عودين، إضافة إلى حملات توعية وغرس أشجار، وإنشاء ما يسمّى بالمشتل الحرجي، واستحداث برك مياه اصطناعية. إلّا أنّ الأمور تبقى أشدّ تعقيداً في منطقة جرد عكّار، أي في غابات فنيدق ومشمش، التي طاولتها الحرائق بكثرة خلال العامين المنصرمين وفي عكار العتيقة، لاعتبارات تتعلق بانخفاض مستوى الوعي البيئي، والانتهاكات الكبيرة التي تتعرّض لها الغابات من قطع جائر يفلت أصحابه من العقاب لاعتبارات يتداخل فيها السياسي بالمحلي، إضافة إلى أنّ الجمعيّات البيئية، وبرنامج مكافحة الحرائق، والخطّة الوطنية الموضوعة، لم تنجز نشاطات لافتة في المنطقة.

بشرّي

وفي إطار التوجهيات التي أعطاها وزير الداخلية ومحافظ الشمال، لاتّخاذ ما يلزم من احتياطات لمنع حصول الحرائق، عقد في مكتب قائمقامية بشرّي، اجتماع بدعوة من قائمقام بشرّي بالتكليف رولا البايع، حضره أعضاء اتّحاد بلديات بشرّي ومسؤول الدفاع المدني أسعد عيسى الخوري، عرضوا خلاله للسبل الآيلة الى منع حصول الحرائق ومواجهتها متى حصلت، عبر سلسلة من الإجراءات التي يجب اتّخاذها من قِبل اتّحاد البلديات، لمؤازرة الدفاع المدني في إطفاء الحرائق، وهي: العمل على تأمين مأخذ للمياه القريبة من الغابات وفي وادي قنوبين وإمكان شقّ طرقات زراعية جديدة داخل الغابات والأحراج وتأمين صهاريج للمياه من المواقع التي يمكن أن تنشب الحرائق فيها، مع تكليف الشرطة البلدية بمساعدة عناصر الدفاع المدني على مختلف المستويات.

وقد أكّد أعضاء الاتّحاد وقوف كلّ البلديات إلى جانب العناصر البشرية المتطوّعة لما فيه خدمة الحفاظ على البساط الأخضر، إضافة الى دعم عمل الدفاع المدني عبر تعزيز المراكز ماديّا ومعنويّا.

وشدّدت البايع على ضرورة إخضاع حرّاس الأحراج لدورات تدريبية وتحديد مواقع خزّانات المياه، وتقديم المعلومات اللازمة للاتحاد، وتأمين أجهزة اتصالات لاسلكية تسمح بالتواصل السريع وبالتنسيق الفعّال ما بين المعنيين، كما طلبت من مسؤول الدفاع المدني وضع لائحة بالصعوبات التي يواجهها.

المتن

أظهر الحريق الأخير الذي وقع في منطقة المتن، في معمل البلاستيك، منذ نحو أسبوع، عجز الدفاع المدني وعدم قدرته على التعاطي مع الواقع، نظرا إلى ضعف المعدّات وعدم قدرتها إلّا على إطفاء الحرائق الصغيرة نسبيّا.

وأفاد مصدر مطّلع “الجمهورية” أنّ الدفاع المدني واجه صعوبات كبيرة خلال قيامه بإطفاء الحريق، أظهرت الإهمال الواضح من قبل الدولة والمسؤولين.

ويتابع أنّ لبنان يفتقر إلى وسائل متطورة في مكافحة الحرائق التي حصدت عشرات الهكتارات من المساحات الخضر خلال السنوات الماضية، “ومع كلّ كارثة يتحرّك المسؤولون باتّجاه تعزيز قدرات الدفاع المدني، لكن الأحلام والطموحات تتبخّر مع مرور الوقت”.

واقع مرير

وفي هذا المجال يحذّر خبراء بيئيّون في لبنان من تضاؤل الثروة الحرجية المهدّدة بالاندثار ما لم تنفّذ خطة سريعة لإنقاذها وإعادة تحريج الأماكن المحروقة. هذه الحلول ترتكز على استراتيجية دعم البلديات وإمدادها بالأموال اللازمة، والتي وإن بدت نتائجها طويلة الأمد إلّا أنها يمكن أن تكسر لعنة الحرائق. وفي وقت يصرّ فيه الاختصاصيّون على صعوبة استرجاع الثروات الحرجيّة المفقودة ليصل بعضهم إلى حدود الاستحالة، يبقى الأمل في أن يختار المعنيّون بدائل مناسبة طبيعية من حيث النوع والتقنيات.

وبانتظار تحرّك المعنيين، يبقى على المواطن تجنب أسباب اندلاع الحرائق، خصوصا خلال فترات الصيف، مع ازدياد المشاريع التي تختار الطبيعة مربعا لها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.