برمّانا: المشاريع عالقة في فخّ الروتين والسياسة

0

صحيفة الجمهورية ـ
جويس الحويس

برمّانا، منطقة سياحية بامتياز، تجمع بين سحر القرية اللبنانيّة التقليديّة وفخامة منتجعات الاصطياف الحديثة. برزت قبل الحرب في العام 1975، مقصدا مهمّا للسيّاح العرب والأجانب الذين يأنسون في جوّها الهادئ ومناخها اللطيف وبعدها عن صخب المدن. إنّها بلدة تنبض بالحياة والفرح طوال أيام السنة، نظرا إلى خدماتها السياحيّة المتنوّعة من فنادق ومطاعم ومحالّ تجاريّة، إلى مصارف وأندية رياضيّة ومؤسسات تربويّة وثقافيّة…
موقع مميّز
تتمتّع برمّانا بموقع جغرافي مميّز في قلب جبل لبنان النابض، على ارتفاع 750 مترا عن سطح البحر، ومسافة 20 كيلومترا فقط عن العاصمة بيروت. إنّها مزيج من التراث الثقافي والفنّي العريق، تاريخها الماضي والحاضر يزخر بأهمّ الأحداث السياسيّة والثقافيّة والرياضيّة، إضافة إلى المهرجانات الفنيّة والأنشطة السياحيّة على أنواعها.
وسْط جمال طبيعي أخّاذ، وفي أحضان غابات الصنوبر الخضر، توفّر هذه البلدة لأبنائها وضيوفها إقامة مشمسة في ظلّ مناخ صحّي معتدل ومناظر طبيعيّة خلّابة. هذا ما يجعل منها منتجعا سياحيّا مثاليّا لتمضية أجمل العُطَل الصيفية. ولا ننسى طبعا مقوّمات الخدمة والكرم والانفتاح وحسن الضيافة التي طالما تميّز بها اللبنانيون، ما يمنح السائح شعورا بالراحة والأمان والثقة بأرض هذه البلاد وطيبة شعبها.
يضاف إلى ذلك البرامج والخطط الفاعلة التي تعدّها بلديّة برمّانا وتحرص على تنفيذها تدريجا. فهي أوّلا تسهر على أمن سكّانها وزوارها وسلامتهم من خلال انتشار عناصر من شرطة البلديّة والحرس طوال ساعات النهار والليل. كذلك تهتم بصيانة الطرق والأرصفة، وتحرص على نظافتها وجمالها، عبر زراعة الأحواض والساحات بالأزهار الملوّنة والشجيرات الخضر.
الأشقر: لتطوير القوانين
رئيس البلدية بيار الأشقر تحدّث لـ”الجمهورية” عن أبرز الإنجازات، مستعرضا المعوقات التي تواجه الأعمال والمشاريع.
البلدية قامت بالأشغال الطبيعية التي يجب أن تقوم بها، من صيانة الطرق والجدران والقنوات، إلى جانب عدد من المباني التي تملكها البلدية. ويؤكد الأشقر أنّ كلّ ما قام به المجلس حتى اليوم هو الأعمال الروتينية، نظرا إلى العرقلة التي تواجه المشاريع الكبيرة، فهي لا تزال متعثرة ومتوقفة “لأن القرار ليس بيدنا”. مثلا، هناك بعض التخطيطات بالنسبة إلى طرق دائرية حول برمّانا التي يمكن أن توسّع البلدة وتخلق إفرازا جديدا وإعمارا في المنطقة “لم نتنه منه بعد، بين التنظيم المدني ووزارة الأشغال. هذا الروتين الإداري يؤخّر المراسيم، فنحن عندما نتحدث عن مرسوم تطويري لطرق دائرية حول برماّنا، وتبقى الأمور معرقلة سنتين أو ثلاث سنوات بين دراسات وقوانين ووزارة، إلى حين صدور المرسوم، كلّها عوامل تؤخّر في تطوير المنطقة”.
بالنسبة إلى الصرف الصحي، يعتبر الأشقر أنّها نقطة سوداء في أداء مجلس بلدية برمّانا، نظرا إلى أنّ المشكلة الأساسية هي كيفية الوصول إلى شبكة الصرف الصحّي الرئيسة، “إذ هناك قرية جورة البلّوط، ومنذ مدّة نطالب وزارة الطاقة والمياه أن تأخذ على عاتقها رسميا مدّ خط صرف صحي رئيسي ضمن هذه البلدة لكي نتمكّن من وصل شبكتنا بالشبكة الرئيسة، إلّا أنّ هذا الموضوع معطّل بسبب عدم وجود قرار، إذ إنّ كل شيء محكوم بالسياسة”.
وحسب الأشقر، فإنّ التأخير في تلزيم المشروع يعود إلى رفض إهالي برج حمود وضع المحطة الرئيسة في بلدتهم، شارحا أنّ عدم فرض الموضوع عليها سببه “أنها مفتاح انتخابي رئيس، لذا، لم تتم معالجة الموضوع ولم يجدوا بديلا عنه، وكل القرى والمدن الموجودة في هذا الخط تعاني في ظل غياب القرارات السياسية”.
وأكد الأشقر أنّ البلدية تعمد إلى إصلاح بعض الأعطال على نفقتها الخاصة، “مع أنّ هذا التصرّف غير شرعي. المشكلة الكبيرة هو روتين المعاملات وعدم تطوير قوانين المجلس البلدي، والمسؤولون يعتبرونها أمرا طبيعيا”.
اللامركزية وحدها ليست الحلّ، حسب الأشقر، “ففي اللامركزية يجب تطوير القوانين، وفي المركزية يجب تطويرها. فعندما استلمنا البلدية في العام 1998 لم يكن يحق لرئيس البلدية أن يصرف مبلغ يفوق 3 ملايين ليرة، وهذا المبلغ في تلك الفترة كان ذا قيمة. تدخّلنا مع وزير الداخلية فتجاوب معنا بسرعة، فرفع المبلغ إلى 20 مليونا بإجماع من المجلس البلدي، لكنّ الغلاء الحاصل حاليا يحتّم زيادته”.
ويعتبر الأشقر أنّ هذه القوانين القديمة تكبّل رئيس البلدية، وإنّ من يريد أن ينجح عليه أن يخالف، “وعلى رغم الحماسة والسعي للعمل وتطوير البلدة، فإنّ الروتين الذي نحن فيه يعوّق القيام بالأعمال”.
السياحة أساس
برمّانا منطقة سياحية بامتياز، وتشهد حركة ناشطة خلال فصل الصيف، لذلك يعمل المجلس البلدي على أن تكون البلدة وجهة سياحيّة على مدار السنة، “كان من المفترض أنّ نبني دارا للبلديّة، لكننا استعضنا عن ذلك بإنشاء قصر للمؤتمرات يتضمن صالات للمعارض، على نحو يغطّي حاجات المؤسسات السياحية في المنطقة، ومن ضمن هذا القصر سيكون هناك دار للبلدية”.
أمّا الموارد البلديّة فترتكز على الضرائب وعلى الصندوق البلدي الذي لا تصل عائداته بانتظام، “لذلك لا تستطيع البلدية إدراجها ضمن موازنتها. كذلك لا تستطيع زيادة الضرائب في ظلّ عدم قدرتها على القيام بواجباتها”.
لجهة حراس البلدية، تملك برمّانا 9 حراس، إلا أنّ عددهم غير كاف، من هنا عمدت البلدية إلى وضع كاميرات مراقبة لمساعدتهم، “فرضنا على كل مبنى جديد وضع محطة تكرير، والتزود بأنظمة كاميرات مراقبة، للتخفيف من التوظيف، ونحاول حاليا ربط كل كاميرات المراقبة بمركز متخصص”، منتقدا عدم تمكّن الحراس من حمل السلاح، و99 في المئة من اللصوص مسلحون. لذلك يواجه الحارس البلدي صعوبة في التدخل.
وختم الأشقر مؤكّدا ضرورة تطوير رؤيا جديدة، “يجب أن يتم تنظيم ورشة عمل فعلية، اليوم قبل الغد، لاختصاصيين غير سياسيين، لنصل إليها بعد أربع أو خمس سنوات، لكن إذا استمررنا في الحديث من دون التحرّك لن نصل إلى أيّ مكان”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.