ليس بالدعم وحده يحيا الزهراني

0

صحيفة الأخبار ـ
آمال خليل:

معالجة النفايات والصرف الصحي، تأمين مياه الشفة وإمدادات شبكة الكهرباء وإحياء القطاع السياحي البحري، ملفات متعددة وصعبة تمتحن اتحاد بلديات ساحل الزهراني الحديث العهد والصغير الحجم. فهل يسعفه الدعم السياسي في تخطّي محنة تغييبه المزمنة؟

يقدّم كثيرون اتحاد بلديات ساحل الزهراني مثلاً حيّاً عن تأثير الحسابات السياسية على العمل البلدي، وذلك منذ ولادته قبل ثلاثة أعوام، أي قبل أن يبدأ العمل فعلياً على الأرض. ذلك أن ولادة الاتحاد في 4 شباط 2009 بناءً على المرسوم الرقم 1297 الصادر عن وزارة الداخلية والبلديات، مثّلت انتصاراً لزعيم المنطقة السياسي، ونائبها الرئيس نبيه بري. ويؤكد مصدر معنيّ متابع أن استحداث الاتحاد جاء «رداً على رفض اتحاد بلديات صيدا ـــــ الزهراني ضمّها إليها حتى لا تفرض أكثريتها الشيعية والعددية رئيساً من صفوفها».
الانتخابات البلدية الأخيرة التي أجريت قبل عام تماماً، وضعت الاتحاد حيّز التنفيذ. ويشير الكثيرون إلى لمسات بري الخضراء في المساعدة على إنعاشه، وخصوصاً بعد نجاحه في تعيين رئيسه ونائبه بالتزكية. وقد كان لافتاً على سبيل المثال اختيار رئيس بلدية اللوبيا الصغيرة انتخابياً، علي مطر، بدلاً من رئيس بلدية الصرفند حسين خليفة الذي كان المرشح الأقوى لاعتبار بلدته مركز الساحل، الى جانب تزكية رئيس بلدية المروانية محمد حجازي نائباً للرئيس. يومها، مرّرت مصادر بري أن الأخير ضرب عصفورين بحجر. فمن جهة أولى، نبّه عدداً من رؤساء بلديات الزهراني إلى أنه غير راض عن عدد من الأمور التي تجري في نطاق عمل بلدياتهم، ومن جهة ثانية كان يردّ بطريقة عملية على رفض ضمّ بلديات الاتحاد الحديث إلى اتحاد صيدا ـــــ الزهراني الواقع ضمن نفوذ النائب بهية الحريري.
هذا الشق السياسي من الموضوع لا يمكنه أن يكتمل من دون تحقيق نجاحات إنمائية. وهذا ما يعوّل عليه الجنوبيون. ذلك أنه بعد التأليف والانتخاب، بقيت الأنظار شاخصة إلى المصيلح، حيث دارة بري والتي تتبع عقارياً لبلدية المروانية. ورجّح الكثيرون بأن يكون الاتحاد الوليد الطفل المدلل لعرّابه بري، ما يعكس رفاهية خدماتية وإنمائية على بلديات المنطقة.
بعد أسابيع، يحتفل الاتحاد بميلاده الأول، فكم إنجازاً سيضيء؟
عن هذا السؤال يجيب رئيس بلدية اللوبيا والمسؤول التنظيمي السابق لحركة أمل، علي مطر. يبدو الأستاذ المتعاقد متهيّباً ومتحمّساً للتجربة التي يأمل أن ترفع المنطقة من التعتيم المزمن اللاحق بها، والذي تبدّد جزئياً في الفترة الأخيرة مع انطلاق شرارة التعديات والبناء على الأملاك العامة والبحرية من بلدات الزهراني. وإن كانت أزمة المشاعات تتخطى دور الاتحاد نحو الإرادة السياسية والأمنية، فإن أمامه قضايا أخرى تستلزم وقفة جدية منه.
نبدأ من الملف الساخن، الذي يوضح مطر أنه كان حاسماً في الطلب من القوى الأمنية والسياسية ضبط انتشار الظاهرة ومحاسبة المتعدين. وبرغم أننا كاتحاد وبلديات أكثر المتضررين من استباحة الأملاك العامة وتشويه الواجهة البحرية التي تمثّل ثروة هامة بالنسبة إلينا لإنشاء مشاريع تنموية عليها، في ظل عدم قدرتنا على شراء أو استئجار عقارات. التحدي الثاني الذي لا يقلّ أهمية هو النفايات. في المنطقة الساحلية الخضراء، تنتشر المكبات والمحارق العشوائية، في ظلّ عدم وجود مكب موحد أو مطمر صحي. ولمواجهة الأزمة، يشير مطر إلى أن الاتحاد قرر إنشاء معمل خاص ببلدات ساحل الزهراني «بعد الاستفادة من العثرات التي وقعت بها اتحادات أخرى في هذا المجال»، علماً بأن الحاجة إلى معمل مستقل سببها اشتراط الشركة المشغلة لمعمل صيدا دفع 135 دولاراً لكلّ طن نفايات، وهذا مبلغ يقول مطر إن الاتحاد غير قادر على دفعه.
وفي هذا الإطار، تستمع لجنة خاصة في الاتحاد الى عروض عدد من الشركات المختصة بمعالجة النفايات وفرزها بالتنسيق مع وزارة التنمية الإدارية «لاختيار التقنية الأفضل، وخصوصاً أن المعامل التي أنشئت في الفترة الأخيرة في الجنوب تعتمد تقنيات باتت قديمة في أوروبا». واللافت أن الاتحاد الذي يؤمن مصدر التمويل، تعلّم من تجربة زملائه فأمّن «قطعة أرض لإنشاء المعمل وقطعة أخرى لطمر النفايات غير القابلة للفرز» يؤكد مطر. أما بالنسبة الى النفايات الطبية الناتجة من المستشفيين الواقعين في الصرفند، فإنها غير ملحوظة في دراسة المعمل لأن كلاً منهما، متعاقد مع شركات خاصة تتولى نقلها ومعالجتها، إلا أن معمل الفرز يلحظ النفايات الصادرة عن عشرات الملاحم والمسالخ المنتشرة في المنطقة، وأبرزها تجمع مسالخ المنطقة في البيسارية، ويخصص لها قسماً خاصاً بها.
بعد النفايات، يواجه الاتحاد، جار البحر، أزمة المياه المبتذلة التي تصبّ إما في الأودية ومجاري الأنهار وإما في البحر مباشرة من دون تكرير. ولأن نحو أربعين في المئة من بلداته ليست مرتبطة بشبكة صرف صحي، جرى الاتفاق مع مجلس الإنماء والإعمار لتمويل مد وربط شبكات بين بلدات الاتحاد ووصلها بساحل الزهراني. هناك، كانت الحكومة اللبنانية قد استملكت عقاراً واسعاً لإنشاء مؤسسات ذات منفعة عامة، أُنجز منها معمل الزهراني الحراري ومحطة الغاز، بقي منها محطة لتكرير المياه المبتذلة التي من المنتظر أن تنطلق عمليات البحث عن مصادر لتمويل إنشائها بعد نحو خمسة أشهر يفترض أن ينجز خلالها مخطط الشبكة.
وكسائر مناطق الجنوب، تتأهب منطقة الزهراني لمواجهة أزمة مياه الشفة كما في كلّ صيف، على الرغم من توافر العديد من الأنهار وتجمع الآبار في تفاحتا. وقد وجد الاتحاد الحلّ بتنفيذ مشروع جرّ مياه من نبع البراك الواقع على شاطئ البيسارية، صعوداً نحو الآبار بإمدادات طولها عشرة كيلومترات، بالتعاون مع مجلس الجنوب الذي كان قد أنشأ الآبار. إلا أن الاستحقاق الذي يواجه المنطقة هو قدرتها على إحياء النشاط السياحي على شواطئها التي كان قبلة للسياح ورواد السباحة ومتذوقي المأكولات البحرية. ذلك أن تشغيل الطريق السريع بين صيدا وصور الذي استبدله كثيرون بطريق الزهراني البحرية، قلّل من حجم الحركة على هذا الخط لمصلحة مدن أخرى، ما حرم أهالي المنطقة من روّاد المنطقة.
ونظراً إلى أهمية الأمر، التفت الاتحاد إلى أهمية الإعداد المسبق لموسم الصيف المقبل، فعمل على إحياء الشواطئ. ويؤكد مطر أن الاتحاد اتخذ أخيراً قراراً بإنشاء ثلاثة مسابح شعبية في السكسكية والبيسارية والخرايب تتوافر فيها أبراج مراقبة وزوارق مطاطية، بعد الاستحصال على موافقة وزارة النقل والأشغال العامة. على خط مواز، ستتولى شركة فرنسية خاصة بناء مزارع للسمك للتعويض عن تدهور الثروة السمكية في المنطقة بسبب الصيد العشوائي.

——————————————————————————–

15 بلديّة ساحليّة

يتألف اتحاد بلديات ساحل الزهراني حالياً من خمس عشرة بلدية، هي: البيسارية التي حُلّت لاحقاً وقعقعية الصنوبر والسكسكية والعدوسية، وخرطوم وتفاحتا وكوثرية السياد وعدلون والصرفند وأنصارية والنجارية والمروانية واللوبيا والغسانية والبابلية. وأخيراً، طلبت كل من بلدات الزرارية وارزي والخرايب الانضمام الى الاتحاد. وإذا ما تمّت الموافقة، فإن النطاق الجغرافي للاتحاد سيتوسع ليلامس حدود قضاء صيدا شمالاً وقضاء صور جنوباً. وتوفر البلدات الأعضاء موارد متنوعة هامة، بدءاً من الشريط الساحلي الزراعي من حقول الموز وبساتين الحمضيات وخيم الخضر من العدوسيّة، مروراً بالمسابح والمطاعم والفنادق والمسامك على شواطئ خيزران والسكسكية والصرفند، وصولاً إلى مركز المؤسسات التجارية والصناعية والطبية في الصرفند والعاقبية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.