البلديّات المنفصِلة وتحدّيات النجاح

0

صحيفة الأخبار ـ
رامح حميّة:

قبل الانتخابات البلدية الأخيرة، عبّرت أكثر من بلدية عن رغبتها في الانفصال عن بلديات كبرى كانت تتبع لها تحت حجّة حرمانها من الخدمات الأساسية. فهل نجحت البلديات المستحدثة في إنجاز مشاريع إنمائية؟ إضاءة على تجربة بلديات في بعلبك الهرمل

يجهد رؤساء المجالس البلدية، التي استحدثت مؤخراً لتقديم إنجازات سريعة، تبرر إنشاء بلديات منفصلة عن البلديات الكبرى التي كانوا يتبعون لها. وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن هذه البلديات الصغيرة التي استحدثت «غير قابلة للحياة»، يحاول رؤساء هذه البلديات وأعضاؤها، على الرغم من ضعف إيراداتهم وإمكاناتهم، ومن بعض العوائق والصعوبات، في إنجاز مشاريع خدماتية وإنمائية في قراهم، كنوع من التحدي مع أنفسهم من جهة، ومخافة «الشماتة» من البلديات التي كانوا ينضوون تحت لوائها من جهة ثانية.
بلدة معربون المجاورة للحدود السورية في أعالي السلسلة الشرقية، تمكنت من الحصول على قرار استحداث بلدية منذ آذار 2006، لتبقى بعهدة القائمقام في بعلبك حتى الانتخابات البلدية الأخيرة في عام 2010، حيث انتخب مجلسها البلدي المؤلف من اثني عشر عضواً. «الهمة والنشاط والنية الكاملة بالعمل»، بدت واضحة في بلدية معربون، حيث شرع سريعاً بتوفير الخدمات الضرورية، «لأن التحديات كبيرة والمنطقة محرومة ومهملة رسمياً منذ عقود طويلة»، كما يقول رئيس بلديتها محمد العالول، الذي أشار إلى أن «الفارق كبير بين الفترة التي كانت فيها البلدية مع القائمقام حيث لا مشاريع، وبين هذه الفترة الحالية، التي نفذت فيها البلدية عدداً كبيراً من المشاريع، بدءاً من تعبيد طرقات البلدة التي كانت حالتها «يرثى لها»، وتعبيد طريق البساتين الزراعية بغية مساعدة المزارعين في نقل منتجاتهم الزراعية، بعدما كانت تفرض عليهم أعباء وخسائر كبيرة في نقل منتجاتهم، وصولاً إلى إنارة أحياء البلدة وإقامة جدران دعم ومشاريع صغيرة أخرى.
بلدية معربون لم تكتف خلال أقل من عام بهذه المشاريع، بل تمكنت بمساعدة وزير الأشغال غازي العريضي من تعبيد طريق البلدة الرئيسية التي تصلها بمدينة بعلبك وبريتال، والتي لم تشهد بحسب العالول أي نوع من الإصلاحات سابقاً، في الوقت الذي ينتظر البلدة أحد المشاريع السياحية الهامة، حيث كشف عن تشييد مقهى سياحي كبير على نبع معربون، وحفر بئر مع خزان مركزي كبير لجمع المياه، بهدف منع هدر مياه خمسة ينابيع فصلية دائمة في البلدة.
ومن السلسلة الشرقية إلى الغربية، وعلى الارتفاع نفسه عن سطح البحر (1450)، انتخب أهالي قرية رماسا (إحدى قرى بيت مشيك)، مجلسهم البلدي، بعدما جرى استصدار قرار فصلهم عن بلدية شمسطار ـــــ غربي بعلبك في عام 2006، وهو ما رآه رئيس بلدية رماسا فياض مشيك بمثابة «إنجاز»، وخصوصاً أن البلدة لم «يصلها من بلدية شمسطار أي خدمات، على الرغم من أنها كانت ضمن كنف بلدية شمسطار منذ عام 1963، الأمر الذي زاد من تراكم الحرمان. وأقلّ ما يمكن الإفادة منه شرطي بلدي من أبناء البلدة وموظفان في البلدية» يقول.
موازنة البلدية الضئيلة، التي لا تتعدى مئة مليون، لا يراها مشيك «دافعاً إلى التراجع، بل هي حافز لتنفيذ ما أمكن من المشاريع فيها»، مشيراً إلى أن جعبة البلدية لا تخلو من المشاريع الخدماتية بانتظار جهات مانحة، في الوقت الذي يتم فيه السعي إلى ترميم مدرسة البلدة لاعتمادها قصراً بلدياً بعد موافقة وزارة التربية، بالإضافة الى تنفيذ جدران دعم ضرورية في البلدة. وإذا كانت بلدية رماسا تعاني ضعف الإيرادات المالية، فإن بلدية نبحا الدمدوم إحدى البلديات الأربع لبلدة نبحا (المحفارة، القدّام، قليلة ـــ الحرفوش) تنشط في عملها الإنمائي، إلا أنها تواجه مشكلة القرار الذي اتخذه وزير الداخلية زياد بارود رقم 604 بتاريخ 20 نيسان 2010 والذي جرى بموجبه تقسيم بلدة نبحا المحفارة ونبحا الدمدوم إلى بلديتين، في الوقت الذي تعدّ فيه هاتان البلديتان عبارة عن «حيين متداخلين في بلدة واحدة»، كما يقول رئيس بلدية نبحا الدمدوم أحمد أمهز، الذي رأى أن قرار وزير الداخلية كان «ضاراً جداً»، وخصوصاً أنه «حرم البلدة المشاعات التي يمكن الاعتماد عليها أساساً لجهة إيرادات الصندوق البلدي من خلال ضمان المراعي» يقول.
بلدية الدمدوم تقوم بعملها الخدماتي على نحو طبيعي، فقد أشار أمهز إلى أن الطريق الرئيسية للبلدة والطريق الزراعية جرى تلزيمهما وسيبدأ تنفيذهما خلال أيام، موضحاً أن لقاءً سيجمع البلدية مع وزير الأشغال غازي العريضي بالتنسيق مع مكتب البلديات في حركة أمل، بهدف تعبيد الطرقات الداخلية للبلدة. وانتقد أمهز التأخير الحاصل في وزارة الطاقة والمياه، لجهة بتّ مشروع جر قسطل مياه شفة للبلدة من مياه عيون أرغش، ضمن مشاعات بلدة نبحا، مؤكداً أن «لا أسباب جوهرية لعدم الموافقة عليه، وخصوصاً أن الملف والدراسات وخرائط الري أصبحت منذ يومين في مكتب الدراسات في الوزارة.
من جهة ثانية، لفت أمهز إلى أن بلدية نبحا الدمدوم، بنتيجة تداخلها مع بلدية نبحا المحفارة (حلّ المجلس البلدي بقرار من وزير الداخلية وتكليف قائمقام بعلبك عمر ياسين القيام بأعمالها)، يفرض عليها نفقات إضافية (مليون ونصف مليون ليرة شهرياً)، لقاء جمع النفايات من المحفارة والدمدوم، «حيث لا يمكن جمع النفايات من حي دون آخر، وأهلك وناسك موجودون في الحيين، وهناك خمسة أعضاء من المجلس البلدي للدمدوم يسكنون في المحفارة» يقول أمهز، مشيراً إلى أنه بنتيجة الحديث مع القائمقام منذ أيام قليلة، أكد له أنه «حتى اليوم لم يفتح حساب، وأنه ليس من الممكن أن نصرف أموال بلدية المحفارة».

——————————————————————————–

مطالبات بالإنفصال

في عام 1998 عاد العمل البلدي لينطلق من جديد في لبنان، ومع مرور سنوات على الولاية البلدية الأولى، وإزاء الشعور بالغبن من بعض البلدات المدمجة مع جاراتها التي تتمتع «بقرار بلدية»، بدأت المطالبات من قبل أهالي هذه البلدات بالانفصال، واستحداث بلديات خاصة بهم. وبالفعل هذا ما حصل وعملت وزارة الداخلية منذ عام 2003 وصولاً حتى عام 2010، على اتخاذ قرارات باستحداث بلديات جديدة، ممن تتوافر فيها المواصفات المطلوبة. وفي بعلبك ـــــ الهرمل استحدثت أكثر من 16 بلدية، منذ عام 2003 وحتى عام2010. فبين عامي 2003 ـــ 2006 استحدثت في قضاء بعلبك نحو ثلاث عشرة بلدية، فيما استحدثت في قضاء الهرمل ثلاث بلديات.

 

 

مراح السّراج تنجز شبكة الصرف الصحّي
عبد الكافي الصمد
لا يُخفي رئيس بلدية مراح السراج، خالد دياب، ارتياحه العميق لما أنجزته بلديته على صعيد تنفيذ مشاريع البنى التحتية في البلدة، وخصوصاً إنجازها القسم الأكبر من شبكة الصرف الصحي، بما يجعل تلك البلدة الصغيرة الواقعة على جانبي طريق الضنية الرئيسية التي تربطها بمدينة طرابلس تتجاوز مشكلة كبيرة ومعقدة، لا تزال تعاني منها، كلياً أو جزئياً، بلديات أخرى في المنطقة. فمنذ أيام قليلة أنهت البلدية تنفيذ نحو 95% من شبكة الصرف الصحي الواقعة على طول الطريق العام، فضلاً عن انتهائها من تنفيذ قسم آخر من الشبكة يربط بين المنازل الواقعة عند الجانب الغربي من البلدة، وصولاً إلى أطراف بلدة كفرشلان المجاورة. ويؤكد دياب العمل على استكمال القسم الباقي «قبل نهاية هذا العام على أبعد تقدير»، مشيراً إلى أن البلدية «غيّرت الشهر الماضي قساطل الشبكة الرئيسية وجعلتها أكثر اتساعاً من الشبكة القديمة كي لا تعترضنا مشاكل في السنوات المقبلة، وتحديداً لجهة عدم قدرة شبكة الصرف الصحي السابقة على استيعاب الزيادة السكانية والعمرانية اللافتة في البلدة خلال السنوات الأخيرة».
وقد شهدت مراح السراج في السنوات الأخيرة نشوء أحياء وحارات جديدة فيها، مثال الحي السكني الجديد القائم في تلة حورالية، والكائن عند أقصى الجهة الغربية من البلدة. هذا الحيّ، حسب رئيس البلدية دياب، «هو الحيّ الوحيد في البلدة الذي ليس فيه شبكة لمياه الصرف الصحي بعد، حيث تسعى البلدية إلى إنجازها في أقرب وقت».
لكن إيلاء بلدية مراح السراج جهدها للبنى التحتية في البلدة لا يقتصر على تنفيذ مشروع شبكة مياه الصرف الصحي فقط. فبعدما أنهت البلدية تنفيذ مشروع الإنارة العامة قبل سنوات، توجهت صوب الطرقات الفرعية وجدران الدعم، فنفذت مشروع طريق يبلغ طوله أكثر من 1200 متر، يربط الجهة الشرقية من البلدة بحي بيت العرب الكائن عند أطراف بلدة بخعون المجاورة، وهو مشروع، حسب دياب، «بلغت تكلفته نحو 100 مليون ليرة، نفّذناه بالتعاون مع اتحاد بلديات الضنية الذي ساعدنا في هذا المجال، ولم يعد ينقص هذا الطريق سوى تعبيده».

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.