طاريا.. بين الحسابات الحزبية والنزاعات العائلية

0

صحيفة البناء ـ
عبير حمدان:
لم يستطع فرّيسو الآثار من اقتفاء نشوئها البدائي، وإرجاعه إلى تاريخ دقيق، لكنهم يؤكِّدون أن تاريخها يعود إلى بداية العهد الروماني، أو المرحلة التي سبقته كحد أدنى، أما تسميتها فهي مشتقة من أصل سرياني «طور، ايا» أي مجموعة جبال، وتحتوي على نموذج مصغر عن معبد جوبيتر، كونها تتوسط قلعتي بعلبك ونيحا والحمامات الرومانية التي خصصت للأمراء الرومان، الذين كانوا يمرون بها للاستجمام، حتى عام 1006، صورت فيها أعمدة قنينية لكنها لم تعد موجودة اليوم.
شكّلت طاريا في العهد العثماني مديرية من عشر قرى، ضمنها قرية تسمى «كسارا أرباني» كانت «جفتالت» أي مُلك السلطان العثماني، إضافة إلى ما تبقّى بارزاً من آثارها، كالقبو الروماني في «حوش باي» الذي حُفر عليه «هذا ما نذره قيوس بن فلان لأجل سلامته وسلامة أولاده» وهي إشارة إلى أن هذا الموقع، كان مخصصاً لإقامة النذور.
مع بداية مرحلة الإحتلال الفرنسي، تحوّلت من مديرية إلى بلدة على الرغم من اتساع مساحتها الجغرافية.

أما اليوم، فتعيش طاريا معاناة القرى البقاعية كافة من الناحية الاجتماعية بانتظار «فرج» سياسة الإنماء المتوازن، لتحول بلديتها إلى مرجعية رسمية تنوب عن القطاعات المعنية في الدولة.
تقع البلدة على السفح الشرقي لسلسلة جبال لبنان الغربية، في وسط البقاع، تحدها شمالاً بلدتا حدث بعلبك والنبي رشادة، وتتصل أراضيها غرباً بجبل الفتوح – كسروان وفيما تصل شرقاً إلى مجرى نهر الليطاني، مروراً ببلدات طليا وحوش السنيد، أما جنوباً فجارتها بلدة شمسطار، وأراضي كفردبش وحوش النبي.
مقدّرات
يعتمد أهلها على الزراعة، في غياب تام للصناعة والتجارة، وأبرز عائلاتها: حمية وسماحة وشداد وبواري وأبو عاصي وجنبلاط. ويبلغ تعداد سكانها العشرة آلاف نسمة، أما عدد ناخبيها فيصل إلى ستة آلاف.
رئيس البلدية
رئيس البلدية الحاج مهدي حمية، يعتبر أن هذا الحرمان الذي يطاول معظم قرى البقاع وبلداته، ناتج عن إهمال الدولة لاحتياجات البلديات، خصوصاً في ما يختص بقرى غربي بعلبك التي تعنيه، حيث أن طاريا تندرج ضمن القرى المنضوية تحت لواء اتحاد بلديات غربي بعلبك، كما يشير إلى أن المشاكل والصعوبات التي تواجه القرية تندرج في أكثر من خانة واحدة قائلاً: «من الصعب إحصاء المشاكل التي تواجهنا كبلديات معنية بتلبية حاجات الناس الضرورية على الأقل، العلة الأساس تكمن في سياسة الدولة التي تغيب عن هذه المنطقة رغم أنه من المفترض أن تعتمد سياسة الإنماء المتوازن، واذا حصرنا المشهد ببلدية طاريا، نستطيع القول أن هناك غياباً فادحاً لاحتياجات أساسية لأبناء البلدة، قد لا تملك البلدية الامكانيات لتلبيتها، كمشكلة المياه، حيث يتعذر تأمينها للناس، وهي مشكلة قديمة جديدة ورثتها المجالس البلدية على التوالي».
مياه الشفة
وعن الإجراءات التي اتخذتها البلدية للتعامل مع هذه «التركة» يقول: «نحن نتغذى من مياه اليمونة، وهي تغطي ثلاثة فروع وتصل إلى بلدتَي شليفا ودير الأحمر وفقاً للدستور اللبناني، وباقي القرى التي نحن ضمنها تستفيد منها عى صعيد الري، أما المشكلة فتكمن في مياه الشفه التي لا تصل كما يجب ولا تلبي احتياجات الناس. لدينا بئر لكنها تبعد حوالى 7 كيلومترات عن البلدة، وكلفة جرّ المياه منها باهظة، والمواطن لا يستطيع تحملها ونحن نعلم كيف هي أحوال الناس وضائقتهم المادية، وتعاني البلدة الحرمان من المياه طوال فصل الصيف، أو بالأحرى من حزيران حتى فصل الشتاء أي حين يتوقف ري الأراضي الزراعية». مؤكداً أن الحلول مستعصية، لأن مصلحة المياه لا تتجاوب، بحجة عدم قدرتها على تأمين التكاليف المطلوبة».
ضعف الميزانية
أما عن الميزانية التي ترصدها الدولة للبلدية، فيؤكد حمية أنها هزيلة جداً حيث أنه من المفترض أن تدعمها بالمال في شهر أيلول لكن، ذلك لم يحصل حتى اليوم، يضيف: «هناك كلام عن وجوب دفع أبناء المنطقة بعض الرسوم المالية للبلدية، لكننا جميعاً ندرك صعوبة الأوضاع الاقتصادية لأبناء البلدة، ففي طاريا 1150 وحدة سكنية، وفي المقابل لا أسواق تجارية أو مصانع، لذا فالقيمة التأجيرية يجب أن نقبضها على السكن فقط، وقد يقول المواطن أنه عاجز إضافة إلى أنه قد يعلِّل عدم دفعه الرسوم إلى غياب الخدمات الانمائية والاجتماعية».
يتابع: «نحن كبلدية نحل مكان الدولة التي تغيب عن هذه المنطقة في ما يتصل بالخدمات، ونتحمل مسؤولية تأمين المياه والكهرباء وتعبيد الطرق، وإلى ما هنالك من أمور تفوق قدرتنا وهذا وضع غير منطقي، لكننا نحاول التعايش معه رغم الظروف، ولأن الناس تتوجه بالشكاوى إلى البلدية كونها لا تستطيع الوصول إلى الجهات الرسمية، نجد أنفسنا كمجلس بلدي مجبرين على تلبية حاجات الناس بالقدر الذي نستطيع».
وعن المجلس البلدي السابق يقول: «للأمانة، أؤكد أن المجلس البلدي السابق لم يراكم الأعباء ويتركها عقبة أمامنا، بل حاول من جهته معالجة الكثير من المشاكل، واستلمنا البلدية بوضع جيد لنواصل ما بدأه المجلس السابق، من الطبيعي، أن بعض القررات كانت معلقة، لأنه لم يتسن لهم تنفيذها جميعها، وعلى سبيل المثال كانوا قد انشأوا حديقة عامة في البلدة، ونحن نواصل العمل على تجهيزها، وهناك البئر التي حفرتها البلدية السابقة، ولم يكتمل المشروع، ونعمل الآن على اتمامها، من خلال التواصل مع الجهات المعنية لتشغيلها بشكل يكفي البلدة كلها، كما أن الحكومة الحالية تحاول تصحيح الخلل الذي خلفته الحكومات السابقة، لذا نحن متفائلون بإمكانية التجاوب مع مطالبنا بشكل أفضل».
الصرف الصحي
أمّا في ما يتعلق بمسألة الصرف الصحي، والقضية التي أثيرت في وقت سابق عن إنشاء محطة تكرير في إحدى الأماكن الأثرية «حوش باي»، وما تبع ذلك من أخذ ورد، فيجيب حمية: «منذ استلمنا رئاسة البلدية، وضعنا هذه القضية على قائمة الإنجازات الضرورية والمستعجلة، لكن بلدية طاريا مستحدثة منذ 1998 والمجالس التي سبقتنا لم تفكر بهذا الأمر، الصرف الصحي ضرورة ويجب أن تُعالج مشكلته حفاظاً على البيئة والنظافة والصحة، لكن هذا يفوق طاقتنا أقله من الناحية المادية، وهو يحتاج إلى إعانات سواء من قبل الدولة أو من قبل الجمعيات التي تقدم الهبات»، مشيراً إلى أن المجلس الحالي أعدّ دراسة شاملة عن هذا المشروع وقدّمها للجهات المعنية، بانتظار الردّ من مجلس الإنماء والإعمار، والتوجيهات بالخطوات اللاحقة، حيث ينظم المجلس اجتماعات مع الجهات السياسية والحزبية في المنطقة، لإيجاد صيغة ناجعة تصبّ في مصلحة إقرار هذا المشروع رسمياً ووضعه حيّز التنفيذ، كما ثمة وعود حصل عليها المجلس بأن يبدأ العمل بالمشروع في 2013 لينتهي في 2016، مع الإشارة إلى أن تكلفة المشروع بحسب الدراسة، قاربت المليون ونصف المليون دولار، من هنا يستحيل على البلدية أن تنجزه».
وعن تفاصيل المشروع يقول حميّة «المشروع عبارة عن شبكة متكاملة للصرف الصحي من المفترض أن تصب في الليطاني، بشرط أن تكون هناك محطة تكرير، خصوصاً أن الجهات الرسمية تسعى إلى تنظيف مجرى نهر الليطاني نتيجة الضرر الذي تسببه هذه الملوثات للأراضي الزراعية، كما من غير المنطقي أن نبعد الضرر عن أراضينا الزراعية ثم نرميه في أماكن أخرى، لذلك فإن محطة التكرير ضرورية جداً، خصوصاً أن هذه الشبكة ستتصل مع القرى المحيطة أي شمسطار والحدث، ويجب أن يكون المصب في تمنين التحتا، التي وافقت بلديتها أن تكون هذه المحطة في أرضها بناء على دراسة مجلس الإنماء والإعمار المخول بحل مسألة استملاك الأرض التي يفترض أن تقام المحطة عليها».
فرز النفايات
مشروع فرز النفايات، هو مسألة أخرى تشغل أهالي البلدة، ويؤكد حمية عدم امتلاكه أي تفاصيل تخص المشروع المزمع تنفيذه، حيث ترمي طاريا وما يحيط بها من قرى وبلدات في الجرد، نفاياتها عبثياً، ما يؤثر سلباً على البيئة، لافتاً إلى وجود توجه من قبل الجهات المعنية من فعاليات حزبية وسياسية بضرورة إنشاء مكب لفرز النفايات في «دورس»، وسيكون منتهياً أواخر عام 2012، وهو مخصص لقرى غربي بعلبك كافة، وميزانيته متوفرة في مجلس الإنماء والإعمار.
التعليم
أما في مسألة القطاع التعليمي، فيشير حمية إلى وجود «مخطط جاهز قدمناه لبناء ثانوية وتكميلية في البلدة، والأرض جاهزة، إلا أننا حالياً في انتظار التمويل اللازم، إضافة إلى بناء مركز للدفاع المدني وقصر بلدي مكان التكميلية الحالية».
الطرق والبنى التحتية
أما الإنجاز الأهم الذي يسعى المجلس البلدي إلى إكماله، حسب حمية، فهو شق طرق البلدة وفلشها بالبحص، وإذا أمكن تعبيدها بالزفت، لتمكين المزارع من الوصول إلى أرضه، فطاريا بلدة زراعية، وأراضيها شاسعة، مشيراً إلى أن البلدية تتواصل مع وزارة الزراعة وتعمل على احتضان المزارعين. ضمن برنامج الإرشاد الزراعي.
كما تحدث عن استراتيجية خدماتية يسعى المجلس لتنفيذها، سواء في ما يتصل بالمياه وما عداها من الأولويات التي تهم الناس، حيث ينوي حفر العديد من الآبار الارتوازية لحل مشكلة المياه وإكمال شبكة الطرقات الداخلية التي بدأها وكلفت الملايين.
الجمعيات والمراكز الثقافية
تضم طاريا عدداً من الجمعيات الأهلية التي تتواصل مع البلدية وهي الضياء والغفران والعون والبناء، وهي تساعد المزارعين من خلال تفعيل دور المرأة في المجتمع الريفي عبر تنظيم دورات تثقيفية، والريف واتحاد أبناء طاريا والعمل التطوعي والإصلاح البلدي، إضافة إلى التعاونيات المعنية بتربية المواشي والدواجن والزراعة في البلدة. أما في ما يتصل بالمراكز الثقافية فتضم البلدة مركز «الإمام الخميني الثقافي»، الذي يحتوي على مكتبة عامة وقاعات تقام فيها الدوارت العلمية والتثقيفية وتعليم اللغات والكمبيوتر.
المواقع الأثرية
على غرار باقي قرى البقاع، تتوزع بقايا أثرية في طاريا، حيث يحظى كل موقع بقصصه المتوارثة جيلاً بعد جيل، وأبرز هذه المواقع هو «القبو الروماني» في «حوش باي»، الذي هو عبارة عن قنطرة رومانية مقبية فوق نبع من الماء، إلا أنه خارج إطار «الخارطة السياحية»، حيث لو نال الموقع الاهتمام الرسمي اللازم، لربما أصبح مورداً مهماً للبلدة ومحيطها. ويستفيد أهالي المنطقة من مياه النبع الموجود هناك في أوقات الشح حيث يتم نقل المياه منه بالصهاريج إلى المنازل التي لا تصلها مياه اليمونة، وتعمل البلدية الحالية جاهدة على تعبيد الطريق التي تصل إلى القبو والنبع لتسهيل الأمر عليهم.
يقول الأهالي أن جرود البلدة فيها العديد من المغاور ومنها «مغارة العطشان» التي كانت محطة للعابرين يدخلونها زحفاً ليبلغوا، مكاناً أشبه بالغرفة الكبيرة وفيه بركة مياه قد تكون نبعاً.
قرار انشاء البلدية
تباين المعلومات حول تاريخ إتخاذ الجهات الرسمية قراراً بانشاء بلدية مستقلة لطاريا، بعد أن كانت تابعة لبلدية شمسطار، ويتحدث الحاج محمد حمية الذي ترأس المجلس البلدي الأول لها عن هذا القرار وغيره من المواضيع المتعلقة بالعمل البلدي فيقول: «قرار الفصل كان في العام 1962 حيث تمت المطالبة بسلخ طاريا عن شمسطار وصدر قرار بفصل حدث بعلبك وطاريا عن بلدية شمسطار وأشير إلى إنشاء بلدية لحدث بعلبك، ولم يشر إلى انشاء واحدة لطاريا، والأسباب كانت سياسية واجتماعية مرتبطة بطبيعة التفكير الضيق في تلك الحقبة. كما استمر الوضع معلقاً حتى العام 1987 حيث عملت أنا وشقيقي الحاج عقل حمية من موقع حراكنا الاجتماعي كجهة نافذة على الأرض لتحريك الموضوع، وحينها صدر المرسوم من وزير الداخلية جوزيف سكاف، بانشاء بلدية وقد دعونا أهل البلدة ليختاروا مجلسهم البلدي، إلا أنهم اختلفوا في ما بينهم، فبقي القرار في عهدة القائم مقام حتى الانتخابات التي حصلت في عام 1998».
وتسترجع ذاكرة حمية التحالفات التي نشأت في تلك الفترة فيقول: «لم يكن الصراع حزبياً، إنما هو صراع عائلي، وأحياناً يكون ضمن العائلة الواحدة، وقد سميت حينها على جهة معينة علماً بأني لست مختلفاً معها عقائدياً، إلا أننني لم أكن مرشحها فعلياً، وكان لكل مجموعة ميولها، وأنا سعيت للجمع بين الأطراف كافة، إلا أنني وجدت في الأمر لعبة من قبل شخص طموح، في نهاية المطاف ترشحت في مواجهة التيارات الحزبية النافذة كافة وفازت اللائحة التي ألفتها بالكامل، فبدأت العمل وفي رصيد البلدية إيصال مالي بـ21 مليون ليرة وكان من المنطقي وجود مقر لنا، فاستأجرته من حسابي الشخصي».
أما أولويات البلدية حينها فكانت، توسيع الطرقات وتنظيفها وإنارتها، حيث أن كلفة الإنارة مرتفعة جداً، فتكلفت شخصياً بتوفير لوازمها من سورية، وكانت ورشة تجهيزها قائمة في منزلي.
للثانوية قصتها…
في تلك المرحلة لم يكن هناك ثانوية في البلدية واعتبر حمية أن الأمر كان تحدياً له وعن هذا الأمر يروي: «في تلك الفترة، قصدني مراسل تلفزيون المنار أنور جمعة الذي كان يقدم برنامجاً بعنوان «بلديتي» وكانت طاريا آخر بلدية يقصدها حيث أضاء على ما حققته من انجازات وفي سياق الحوار سألني بماذا تعد أهالي بلدتك؟ أجبته وقتها، «أعدهم أنهم هذا العام سيتعلمون في ثانوية طاريا الرسمية»، وقد سجّل موقفي هذا مشيراً إلى أنه سيعود مطلع العام الدراسي ليتأكد بأني وفَّيت بوعدي. في 25 أيار من العام نفسه كان الوزير عبد الرحيم مراد راعياً لمعرض الكتاب في ثانوية شمسطار ودعوته ليرى موقع بناء الثانوية المفترضة في طاريا، طالباً إليه التزاماً بإصدار مرسوم خاص بها، بعد اتمام بنائها على أرض هي ملك لشقيقي الحاج عقل، لتكون جاهزة أوائل العام الدراسي، وبالفعل أنهيت البناء في الوقت المحدد وحصلت على القرار ولم أقبض إيجارها من الدولة على مدى خمس سنوات».
كما يؤكد أن البئر الموجودة في البلدة وحين حفرت، كي يستفيد منها أهالي البلدة، وهي تبعد أكثر من سبعة الآف متر، وتعود فائدتها لأشخاص معينين فقط وقد عارض المشروع في حينه، لكنه كان العضو الوحيد المعارض مقابل 14 عضواً، ذلك لأن القرار بحفرها اتخذه المجلس البلدي الذي خلف مجلسه.
بلوة «صباح الخير»
كثيرة هي مشاكل المزارعين في البقاع، إلا أن ما يعاني منه مزارعو طاريا حاليا غريب إلى حد قد يخاله العقل «طرفة»، على قاعدة «شر البلية ما يضحك»، فالبلية اليوم هي نبتة ضارة فتكت ولا تزال، بمزروعاتهم، فكبّدتهم إلى الآن خسائر فادحة، كما أدت بالبعض منهم إلى الإمتناع عن زراعة أراضيهم التي انتشرت فيها هذه النبتة، إذ لم يتمكنوا من القضاء عليها. وقد اطلقوا عليها اسم «صباح الخير»، ذلك لأنها تخبو ليلاً وتعاود النمو بسرعة مع صباح اليوم التالي، كما تفعل الأمر نفسه، عندما تنزعها أو تقصها، إذ تعاود النمو في الصباحات اللاحقة.
من مساوئها أنها تنتشر بشكل كثيف جداً، ففي أراضي بلدة التليلة البقاعية تكاد تكون بين العشبة والعشبة عشبة، فتراها بين «أجباب» البندورة والخيار والقثاء (المقتة). هذا الإنتشار فرق بين الكثير من المزارعين وأراضيهم. هكذا، يمرّ هذا العام من دون زراعة في بعض الأراضي فهي تقتل الشتول على أنواعها، إذ تخترق بأوراقها القاسية التي تشبه البلاستيك أوراق المزروعات الطرية من جهة إلى أخرى، ويشير المزارعون إلى أن الأدوية تساهم في نموها وامتدادها بدل القضاء عليها.
بعض المزارعين حاولوا الزراعة بطريقة غطاء النايلون الأسود، لاعتقادهم بأن حرارة النايلون يمكن أن تقضي عليها، لكنهم فوجئوا بتمزيقها النايلون وخروجها عبره، إضافة إلى تكاثرها بطريقة غريبة، وبحسب وزارة الزراعة لا يوجد دواء قاتل لهذه النبتة تحديداً ويمكن التخلص منها في حالةٍ واحدة عبر اقتلاعها بطريقة حراثة التربة جيداً وتنظيفها بشكل جيد، وتحديداً من فنودها وأوراقها وآثار بصيلاتها، وعدم رميها في عقارات أخرى، أو الحراثة بالجرار الزراعي الذي لا زال يحمل بين شفرات الحراثة بقايا من النبتة، وذلك حتى لا تنتقل النبتة إلى عقارات أخرى. كما ينبغي بعد ذلك كله العمل على زراعة الأرض بزراعات مختلفة عما كانت تزرع به سابقاً، ولفترة زمنية تتجاوز الثلاث سنوات، مع التأكيد على أن الزراعات المناسبة للقضاء على النبتة الضارة هي «القمح والشعير»، أي تلك التي تتميز بارتفاعها، والتي يمكنها حجب ضوء الشمس عن البصيلات المتبقية في التربة، فتمنعها من النمو مجدداً ويذكر ان الاسم العلمي لـ«صباح الخير» هو «Cyterus rotundus».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.