عشرات مكبّات النفايات العشوائية بقاعاً.. والحلول الرسمية مؤجلة

3

صحيفة السفير ـ
سامر الحسيني:
«مشاريع تهجيرية لمئات العائلات»، هي عبارة يستعملها عدد كبير من البقاعيين لوصف مكبات النفايات العشوائية، التي لا تزال تتغلغل في السهول الزراعية في منطقة البقاع، حتى باتت تجاور بعض المساكن، التي تعاني من قدرها الأسود، الذي حوّل مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية إلى موطن للسموم والروائح والدخان، الذي يستوطن مئات المنازل البقاعية، وأجسام سكانها، التي تعاني الأمراض الصدرية، والرئوية.
سنوات تمضي، وبالرغم من عشرات التحركات الاحتجاجية، المطالبة بوقف ما يسميه الأهالي المتضررون بـ«الموت اليومي»، إلا أن المكبّات العشوائية لا تزال مكانها، تعمل بقوة القرارات البلدية المدعومة بـ«تطنيش رسمي»، الأمر الذي يشرّع وجودها. وتبدأ خريطة تلك المكبات من منطقة الحدود اللبنانية – السورية، حيث يتربع مكبّ نفايات بلدة مجدل عنجر، الذي يقع على أحد سفوح السلسلة الجبلية الشرقية، إلى جانب الطريق الدولية بين لبنان وسوريا. ففي البلد، الذي يراد له أن يكون سياحيا، يشرع وجود مكبّ للنفايات بدءا من الأمتار الأولى للحدود اللبنانية على الطريق الدولية بين البلدين، حيث يستقبل المكب بروائحه وسمومه وسحب دخانه العابرين الآتين إلى لبنان. وإقفال المكب دونه عقبات وعراقيل، على الرغم مما يشكله من قلة احترام لمفهوم البلد السياحي، فلا يعقل أن يكون المشهد الأول لأي واصل إلى لبنان أكواما من النفايات تقع على إحدى هضاب سلسلة جبال الشرقية، التي كان من المفترض أن تقوم وزارة البيئة بتشجيرها وتزيينها بالأخضر وليس بالنفايات المحترقة. والبديل، وفق البلدية «غير موجود»، كما يقول رئيسها سامي العجمي، الذي لا ينكر، ولا يدافع عن المكبّ، وهو «شرّ لا بد منه في ظل ارتفاع كلفة الطمر في زحلة».
وتكمل مكبات النفايات مسيرتها، في قضاء زحلة وصولاً إلى بلدة بر الياس، التي تحتضن في وسط سهلها الزراعي، مكباً لا يبعد عن أماكن السكن سوى عشرات الأمتار. وتصل انبعاثاته إلى مئات الأمتار بفعل عملية الحرق المستمرة، التي يراد منها إطالة عمره وتقصير عمر المحيط السكني، حيث تزداد الأمراض الوبائية والصدرية، بسبب سحب الدخان التي تتكفل بتلويث المساكن والأراضي الزراعية، عدا أضرارها التي تطال الحياة الزراعية، وطبقات الأرض الجوفية، جراء تسرب سوائل النفايات إلى باطن الأرض. وما ينطبق على مكبّ بر الياس، يسري على واقع مكبّ قب الياس، الذي يجاور الأراضي الزراعية، الأمر الذي يؤدي إلى إلحاق أفدح الأضرار البيئية والصحية بالمواطنين. وتصل تأثيراته السلبية إلى المرج، وقب الياس، وتعنايل، وكذلك السهول الزراعية التي تتشارك أرضها مع أرض المكبّ.
مكبات أخرى تعاني منها بلدات النبي شيت، وسرعين، وبدنايل، وتمنين، والخضر، والخريبة، تتصدر تأثيراتها قائمة المشاكل البيئية والصحية، في ظل ارتفاع الشكوى من الأهالي الذين «ملوا» من تقديم العرائض إلى وزارات الصحة والبيئة، لإقفال تلك المكبات التي تهدد حياتهم اليومية، حتى أن بعضهم هدد بترك بيته، بسبب ما يسميه الأهالي بـ«الموت اليومي»، الذي يصل كذلك إلى ساكني جانبي اوتوستراد رياق – بعلبك، وبلدات رياق، وحوش حالا، وعلي النهري. ويغطي الدخان تلك القرى التي انتفضت على الواقع من دون جدوى، إذ انتصرت حجة المعادلة القاتلة «إما المكبّ العشوائي، وإما النفايات أن تبقى أمام المنازل».
ومن المفارقة أن البلديات والقيمين عليها، يعتبرون أن تلك المكبات ضرورية، في ظل الغياب الرسمي عن أي حلول ومعالجات. فلا إمكانيات مالية لمعالجة المشكلة في ظل عدم وجود تشريع قانوني يجيز استيفاء رسم بلدي مقابل إزالة النفايات. وكما أن المنطقة تفتقد الأهم، وهو التوعية وإرشادات الفرز، الكفيل بتخفيف كميات النفايات واستثمار المدورة منها في خفض كلفة التخلص من النفايات المتبقية. وتتزايد مخاطر مكبات النفايات يومياً، حيث دفعت بالعشرات من البقاعيين إلى هجرة أرضهم، وبيعها بأبخس الأثمان، إضافة إلى امتناعهم عن زرع بعض الأراضي المحيطة بها، كما هي الحال في بر الياس وكفرزبد، ومنطقة السهل الزراعي الواقعة قرب الطريق الدولية رياق – بعلبك.
وتنتظر قرى قضاء بعلبك منذ أكثر من سنة إنشاء معمل للفرز والطمر، إلا أن الاشكالات تتنقل من مكان إلى آخر، جراء عدم الاتفاق على مكان إقامة ذلك المعمل، الممول من «الاتحاد الاوروبي»، في حين يشير رئيس بلدية سرعين الفوقا طريف شومان إلى أن الاتفاق قضى مؤخراً بإقامة المعمل على قطعة ارض تقع بين بعلبك ونحلة. ووفق شومان «المعمل مخصص لفرز النفايات وتدويرها، وإعادة طمر ما لا يدور منها. وسيتم تنفيذ المعمل بمواصفات ومقاييس لاستيعاب كامل نفايات قضاء بعلبك، مقدرا بقاء المكبّات العشوائية لفترة تطول عن السنة، إذا بوشر سريعا في إنشاء المعمل إن لم تظهر عقبات جديدة».
وفي ظل ذلك الواقع، يتحدث أطباء الأمراض الصدرية والرئوية في البقاع عن ارتفاع مطرد في تشخيص الحالات المرضية المصابة بالأمراض الصدرية، وذلك مرتبط بسكان المناطق القريبة من تلك المكبات، كما يؤكد رئيس مجلس إدارة «مستشفى رياق العام» ونائب رئيس نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان الدكتور محمد عبد الله، الذي يشير إلى «تكاثر الإصابات بالأمراض الرئوية والصدرية، التي باتت تسجل يوميا في المستشفى، وأغلبها من قرى رياق، والنبي شيت، وسرعين، وبدنايل، وتمنين». وأخطر ما يعيشه الواقع البيئي والصحي الخطير في البقاع هو غياب التشريع الرسمي لموضوع معالجة النفايات، وحصر موضوع النفايات بوزارة الداخلية، من دون وجود أي علاقة لوزارة البيئة به. ويتحدث وزير البيئة السابق محمد رحال عن «خطة وطنية أقرها مجلس الوزراء السابق لمعالجة النفايات، بإشراف وزارة البيئة. وتشمل الخطة إنشاء معامل لمعالجة النفايات، ستبدأ بعملها في حدّ اقصاه السنوات الأربع المقبلة، بعد الانتهاء من تقديم المواصفات المطلوبة للشركات التي من الممكن أن تلتزم بإقامة تلك المعامل وتشغيلها». ويشدد رحال على أن «وزارة البيئة عملت في الفترة السابقة مع البلديات، لتخفيف الآثار السلبية للمكبات. كما أنها تعمل على توفير بعض الإمكانيات المالية من أجل الاسراع في إقفال تلك المكبات، التي تؤرق عيش آلاف من السكان الذين يقعون ضحايا السموم الدخانية والروائح المنبعثة».

3 تعليقات
  1. mrinas@hotmail.com يقول

    nosomme cotre mkab des poubel a tal alabyad termine

  2. mrinas@hotmail.com يقول

    nous sommes contere les poubelles a ta al abyad terminé

  3. mrinas@hotmail.com يقول

    a balbak

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.