خلافات بلدية طرابلس تصل إلى إسرائيل!

0

صحيفة الأخبار ـ
عبد الكافي الصمد
لم تنتهِ النزاعات داخل بلدية طرابلس بعد، ولم تعد المياه إلى مجاريها بين رئيس البلدية نادر غزال ومعارضيه. وإذا كانت الظروف قد برّدَت السجال بين الطرفين مؤقتاً، إلا أنّه ما لبث أن عاد هذه المرّة من باب جديد لم يكن متوقعاً
ضجّت الأوساط السياسية في طرابلس أمس بخبر ورد إلى البريد الإلكتروني الخاص بعدد منهم، يفيد بأن رئيس البلدية نادر غزال شارك أخيراً في مؤتمر عقد في العاصمة الإيطالية روما، وحضره وفد إسرائيلي كبير! الخبر كان له وقع «المفاجأة»، وتوقف العديدون عنده، على عكس الرسائل السابقة التي كانت تصلهم بالطريقة نفسها. فمنذ عدة أشهر، يواظب أحدهم، تحت اسم مستعار (Mairie Tripoli)، على إرسال أخبار تتعلق بمخالفات إدارية ومالية يرتكبها غزال خلال مهامه.

بقيت هذه الرسائل قيد التداول ضمن إطار محدود، وفُسّرت على أنها إحدى وسائل الصراع بين غزال ومعارضيه داخل المجلس البلدي وخارجه. إلى أن جاءت الرسالة الأخيرة لتضع الجميع أمام مسؤولياتهم، لأن أمراً كهذا لا يمكن أن يمر مرور الكرام. فقد كشفت أن غزال شارك مع رئيس بلدية البداوي حسن غمراوي في مؤتمر «نصف المدة لبرنامج المتوسط للتعاون عبر الحدود»، الذي عقد في روما يومي 17 و18 تموز الفائت، إلى جانب ممثلين من دول عربية وأوروبية، بحضور وفد إسرائيلي ضم مدير قسم المؤسسات الأوروبية في وزارة الخارجية الإسرائيلية السفير تزيبورا ريمون، يرافقه شاي دافيد، شارون ريجيف وهايا ميلر. واعتبرت الرسالة أن مشاركة غزال في المؤتمر الأوروبي ــ المتوسطي تأتي بعد قرار اتخذه اتحاد بلديات الفيحاء خلافاً للقوانين المرعية الإجراء في لبنان، التي تفرض على من يريد المشاركة في مؤتمرات دولية بصفة رسمية ويكون فيها مشاركة مؤكدة لإسرائيل، أخذ الموافقة المسبقة من مجلس الوزراء والتنسيق مع وزارة الخارجية في هذا الموضوع، وحضور ممثل عن السفارة اللبنانية في المؤتمر في حال الموافقة، والامتناع عن الالتقاء بالوفد الإسرائيلي وأخذ الصور التذكارية. واستبعدت الرسالة عدم معرفة غزال المسبقة بوجود وفد إسرائيلي في المؤتمر، مشيرة إلى أن «الإعلان عن المؤتمر أشار قبل شهر من انعقاده إلى مشاركة غزال إلى جانب السفير الإسرائيلي، إضافة إلى ممثلين للحكومات، والمفوضية الأوروبية، والسلطات المحلية، وقطاع الأعمال والمجتمع المدني، سيتناقشون حول حالة التواصل في العلاقات الأورو ــ متوسطية وتوفير معلومات رئيسية عن وجهات نظر التعاون في المستقبل».
صاحب الرسالة الإلكترونية طرح جملة أسئلة، أبرزها: هل حصل غزال على موافقة رسمية لحضور هذا المؤتمر، وهل يملك تفويضاً رسمياً من الحكومة اللبنانية للتحدث باسم لبنان؟ وماذا سيكون الموقف الرسمي من غزال أمام هذا الحالة وهل سيستدعى للتحقيق أمام المحكمة العسكرية بتهمة الاتصال بالعدو الإسرائيلي؟ وهل سيتخذ مجلس الوزراء القرار المفترض بكف يد الغزال عن رئاسة البلدية لمخالفته القوانين المرعية الإجراء؟
هكذا، وبعدما كان التساؤل يدور حول من يقف وراء هذه الرسائل الإلكترونية التي تستهدف غزال، وتمحور الشبهات حول أشخاص محسوبين على «تيار المستقبل»، بات التساؤل يدور حول حقيقة ما حصل في مؤتمر روما فعلياً، وعن كيفية تعامل الجهات الرسمية مع أمور كهذه، وكيف ستتعاطى معها مستقبلاً؟
غزال تجنّب الإدلاء بأي تصريح حول حقيقة الأمر، لكن بعض من التقوه واستفسروا منه ما حصل، أوضحوا لـ«الأخبار» أنه «لم يكن على معرفة مسبقة بمشاركة وفد إسرائيلي، وأنه عندما بدأ ممثل إسرائيل بإلقاء كلمته انسحب مع غمراوي فوراً من القاعة، ولم يلتق بالوفد الإسرائيلي، ولم يحضر الجلسة المخصصة لرؤساء الوفود حتى لا يجتمع بالإسرائيليين، وأن الأردنيين والفلسطينيين المشاركين في المؤتمر هنأوه على خطوته، وقالوا له نتنمى أن ننسحب ونسجل موقفاً مثلكم، ولكننا لا نستطيع». ونقل عن غزال قوله إنه «لا يمكننا السفر بلا موافقة وزارة الداخلية، وهي على اطلاع مسبق على أي مؤتمر نشارك فيه، لأنه إذا ذهبنا بلا إذن رسمي فسنتعرض للمساءلة»، وتساءل: «إذا صح قيامنا بذلك فلماذا جرى التعتيم على الموضوع كل هذه الفترة؟».
وأضاف الناقلون عن غزال أنها «ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها، فقد اتهم بأنه يعمل مع شركة أميركية كانت تلاحق علماء عراقيين بعد غزو العراق 2003، والآن يتهمونه بالتعامل مع إسرائيل»، معتبراً أن «كل ذلك لا يتجاوز إطار عدم تأمين مصالح محلية ضيقة لبعض الأطراف في طرابلس».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.