ندوة اللامركزية الادارية في مجلس النواب: وسيلة لتطبيق الديموقراطية

0

نظم مجلس النواب بالتعاون مع مؤسسة “ويستمنستر للديموقراطية” وبتمويل من الاتحاد الاوروبي، ندوة عن “اللامركزية الادارية”، في قاعة المؤتمرات في مجلس النواب حضرها النواب: ياسين جابر، فادي الهبر، عبد اللطيف الزين، نوار الساحلي وشانت جانجنيان وعدد من المهتمين والمختصين بهذا الشأن.

افتتح الجلسة الاولى رئيس لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النائب سمير الجسر الذي قال: “بداية أريد أن أوجه التحية الى مجلس النواب الكريم ممثلا بدولة الرئيس نبيه بري على تنظيم هذه الندوة بالشراكة مع مؤسسة “وستمنستر للديمقراطية” الذين أتاحا لنا من خلال البرنامج المشترك الموقع بينهما تقديم الدعم الكبير للمجلس وللجانه وتقديم الخدمات الاستشارية لهما، والتي تمثل هذه الندوة ثمرة من ثمار هذا التعاون”.

وأضاف:”كذلك أتوجه بالشكر الجزيل الى الاتحاد الأوروبي الذي مول هذا البرنامج المشترك ما أتاح له أن يكون حقيقة لا مجرد أحلام على ورق. يسعدني في هذه الصبيحة المباركة أن نلتقي حول موضوع مهم يشغل الناس في بلاد مختلفة وهو أيضا كان الشغل الشاغل للبنانيين على مدى عقود من الزمن من دون أن يبصر النور”.

وتابع:”فاللامركزية الإدارية، التي هي وسيلة من وسائل تطبيق الديموقراطية عن طريقة توسعة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار في الكثير من أمور الحياة اليومية للناس وعلى الأخص ما يتعلق منها بالتنمية من قبل المجتمعات المحلية، لم تكن عند الكثيرين بهذا الوضوح إذ غلب الهاجس الناتج عن المشقة والتكلفة المادية التي تخلفها المركزية الإدارية المكثفة على حقيقة البعد العلمي لمفهوم اللامركزية. فإذا بالكثيرين من العامة وبعض الخاصة يرون فيها عن خطأ نهاية لمشقة الإنتقال من الأطراف الى مركز القرار السياسي في بيروت لقضاء الكثير من الخدمات عن طريق الوزارات والمؤسسات العامة. الأمر الذي يمكن توفيره عن طريق اللاحصرية”.

وقال:”إن المفهوم الخاطىء للامركزية الإدارية لا ينقص من قيمتها، واللامركزية من خلال التجربة في كثير من البلدان وخاصة تلك التي تتميز بالتعددية كانت وسيلة للتهدئة السياسية وللاستقرار السياسي عن طريق الإفساح في المجال للمجتمعات المحلية التي تتسم بنوع من التجانس بحل مشاكلها التنموية بنفسها عن طريق إعطائها سلطة القرار لذلك من خلال الإدارات المحلية التي تتمتع بقوة التمثيل الشعبي”.

وأضاف:”لقد تضمنت وثيقة الوفاق الوطني (ما يعرف باتفاق الطائف) النص على وجوب اعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة على مستوى الوحدات الإدارية الصغرى (القضاء وما دون) عن طريق انتخاب مجلس لكل قضاء يرأسه القائمقام تأمينا للمشاركة المحلية. والمؤسف أن هذا النص ككثير من نصوص وثيقة الوفاق الوطني لم يأخذ طريقه الى النور. وهذا لا يعني أنه لم تكن هناك محاولات لذلك، لكن هذه المحاولات اقتصرت على دراسات ومشاريع قدمت من هنا وهناك لم تأخذ طريقها الى التنفيذ. وآخر هذه المحاولات هو اقتراح القانون المقدم من الزميل روبير غانم والذي جرى تحضيره بمساعدة هيئة تحديث القوانين في مجلس النواب والذي حوِّل الى لجنة الدفاع في بدايات العام 2009، وقد قمنا في حينه في لجنة الدفاع والداخلية والبلديات وعلى ليالي الانتخابات بالبدء بدراسة المشروع عموما انتهينا من خلاله الى وضع إطار عام لدراسة اقتراح القانون (وهي العادة التي نتبعها عادة في دراسة أي مشروع قانون او اقتراح قانون). وقد جاء الإطار العام عاكسا لهوامش التفاهم بين أعضاء اللجنة ومبددا مخاوف البعض من أن يكون القانون مقدمة لضرب مركزية الدولة او توجها نحو الفدرلة أو التفتيت”.

وتابع:”وقد تضمن الإطار العام ما يلي:
1 – المحافظة على الثوابت الوطنية المنصوص عنها في اتفاق الطائف.
2 – احترام وثيقة الوفاق الوطني فيما نصت عليه حول وجوب اعتماد اللامركزية الإدارية.
3 – الحرص على المحافظة على مركزية الدولة.
4 – الحرص على عدم الإقدام على اي خطوة من شأنها ان تؤدي الى تفتيت الدولة.
5 – البدء بدرس واقع البلديات والقانون البلدي وتحديد الحاجات التي يجب ان يعالجها القانون.
6 – تحديد الحاجات الى التجمعات البلدية والاتحادات البلدية وبأي صيغة.
7 – تحديد الحاجة لمجالس الاقضية ودورها في عملية التنمية.
8 – تحديد الحاجة لمجالس المحافظات ودورها في عملية التنمية والتوحيد الوطني.
9 – الحرص على عدم وجود تضارب في الصلاحيات بين مختلف الوحدات الإدارية.
10 – دراسة تأمين الأموال اللازمة لهذه الوحدات الإدارية للقيام بدورها.
11 – عدم اغفال دور السلطة المركزية لمساعدة الوحدات الإدارية ولانجاز المشاريع الكبرى التي تبقى على عاتق الدولة”.

وتابع:”وبعد انتخابات 2009 عاودنا دراسة الموضوع وعدنا لتأكيد بنود الإطار العام وأردفناها بإطار آخر حددنا فيه الأمور التالية:

1- طبقات اللامركزية الإدارية من خلال اتفاق الطائف والحاجة:
“وحدة لامركزية في نطاق المحافظة.
“وحدة لامركزية في نطاق القائمقامية.
“وحدة لامركزية في نطاق البلدية.
“وحدة لامركزية في نطاق تجمع بلديات Syndicat
“وحدة لامركزية في نطاق اتحاد بلديات.

2 – شخصية الوحدة الإدارية؟ استقلالية؟

3 – اختصاصات الوحدات المختلفة: “عدم تعارض الصلاحيات بين مختلف الوحدات، عدم تعارض الصلاحيات مع صلاحيات السلطات المركزية، إمكانية التعايش… في الإطار الإداري الواحد”.

4 – مجلس الوحدات:تكوينها: انتخاب، تعيين، مختلط.
“سلطتها: – تقريرية – تنفيذية؟ منتخب أم معين؟

5 – مالية الوحدات الإدارية:
مستقلة.موارد خاصة.تمويل السلطة المركزية”.

وقال:”من ثم بدأنا دراسة المشروع ابتداء من القسم الخاص بالبلديات. وبالمناسبة، أقول أن التأخر الناجم عن تناول الموضوع يعود لأمور عديدة منها ما سبق ان اشرت اليه عن حذر البعض من ضرب مركزية الدولة (الفدرلة أو التفتيت) وتأخر وزارة الداخلية في تزويدنا بمعلومات ومشاريع كانت تعدها للغاية نفسها”.

وتابع:”في كل الأحوال، ومع تقديري للجهد الذي تمثَّل باقتراح القانون، ومع الاعتراف بأن اقتراح القانون على الأقل هو خطوة متقدمة تضع موضوع اللامركزية الإدارية موضع بحث وتدقيق ودراسة. إلا أني اعتقد بأن الاقتراح هو دون الطموح المطلوب. وبشكل سريع ألقي بعض الضوء على عناوين المشروع”.

وقال:”لقد اعتمد اقتراح القانون اللامركزية على ثلاث طبقات او ثلاث مستويات: المحافظة، القائمقامية، البلدية. وقد جاء ترتيب النصوص لتتناول الموضوع بهذا الترتيب مع أن قوانين اللامركزية تبدأ في العادة من الوحدة الصغرى (البلدية مثلا) لتنتقل الى الوحدات الأكبر فالأكبر. في البلديات جاء القانون ماسخا لقانون البلديات وخاصة فيما يتعلق باتحاد البلديات، معتبرا ان اللامركزية على مستوى القضاء تغني عن اتحاد البلديات. وهذا أمر مجانب للصواب لأن اتحاد البلديات يكون في العادة اختياريا وبين وحدات بلدية تجمعها مصالح محددة في حين أن الوحدة اللامركزية على مستوى القضاء يكون لها مصالح مشتركة أوسع “.

وأضاف:”على مستوى القضاء لم يراع في تكوين مجالس الأقضية المشاركة الشعبية المباشرة، الأمر الذي يسقط هدفا أساسيا من أهداف اللامركزية الإدارية.. فقد نص القانون على انتخاب مجالس الاقضية من قبل المجالس البلدية القائمة متجاهلا الاعتبارات الفئوية أو العشائرية التي تدخل في تكوين هذه المجالس عادة وبخاصة في المجتمعات القروية لتنتهي باعتماد القائمقام (ممثل السلطة المركزية على مستوى القضاء) رئيسا لمجلس القضاء”.

وتابع:”لقد جاء تنظيم الوحدة اللامركزية على مستوى المحافظة نقلا حرفيا عن القانون الصادر في العام 1959 الذي نص على إنشاء مجالس محلية على مستوى المحافظة، وبالطبع هذه المجالس لم تر النور. في كل الأحوال، لم يراع القانون المشاركة الشعبية في تكوين المجلس”.
وأضاف:”اذا كانت هناك قوانين تنظم بعض الموارد للبلديات (قانون الرسوم البلدية) إلا أن اقتراح القانون أغفل بالكامل بحث الموارد المالية للوحدات الإدارية اللامركزية على مستوى القضاء أو على مستوى المحافظة. ومع علمي الشديد بالحاجة الملحة والمستعجلة لإنجاز قانون اللامركزية الإدارية ووضعه موضع التطبيق إلا أنني أدرك في الوقت نفسه حساسية الموضوع ودقته مما يوجب دراسة متأنية تعمل على تحقيق الغاية التي من أجلها نصت اتفاقية الوفاق الوطني على تقرير اللامركزية الإدارية الموسعة. من هنا فإننا نرجو من مؤسسة “وستمنستر للديمقراطية” تقديم المساعدة التقنية والقانونية لإنجاز قانون اللامركزية الإدارية على ضوء التجارب التي اطلعت عليها أو شاركت في إنجازها في بلدان لديها بعض الهواجس المماثلة لهواجسنا إما من ثقل السلطة المركزية الإدارية أو من جنوح التوجه اللامركزي نحو الفدرلة أو التفتيت. واضعين في عين الاعتبار تأكيد الممارسة الديمقراطية من خلال أوسع مشاركة شعبية ومن خلال وحدات تؤمِّن من جهة تمثيل مجتمعات محلية متجانسة بمجالس تأخذ على عاتقها التنمية داخل هذه المجتمعات الى مجالس أخرى أكثر إتساعا تؤمِّن مصالح مشتركة لمجتمعات متعددة الثقافات او التطلعات بما يحفظ النسيج الوطني ووحدة الدولة”.

وختم:”لقد جاءت هذه الندوة بما تضمنت من عناوين لجلساتها المتعددة مقدمة قد تلقي بعض الأضواء في طريق الخبراء الذين كلفوا بتقديم المساعدة. ونأمل بما تتناوله هذه الندوة من توضيح للامركزية الإدارية بمعاييرها وأبعادها ومسألة تطبيقها مع تجربة مقارنة من المملكة المتحدة البريطانية ومن تجارب أخرى كوسيلة لتحقيق التنمية ودعم الوحدة الوطنية وبيان أهمية تمويل الإدارات اللامركزية التي تنشأ عن إقرار القانون. نعم نعلم أن الطريق قد يكون طويلا ولكن نعلم أيضا أن اجتياز الطريق يبدأ بخطوة أولى”.
ثم تحدث رئيس مجلس الخدمة المدنية الدكتور خالد قباني عن اللامركزية ومعاييرها وابعادها، كما تناول الدكتور طارق المجذوب مسألة تطبيق اللامركزية الادارية. واعطى الدكتور كريس غايم من جامعة برمغنهام في معهد دراسات الحوكمة المحلية لمحة عامة عن اللامركزية الادارية في المملكة المتحدة البريطانية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.