فرعية البقاع: حلم التزكية ومعركة الواقــع

1

صحيفة الأخبار ـ
رامح حمية:

تراجعت مشاعر الندم، وحلّ مكانها شيء من الأمل بإنتاج مجلس بلدي متجانس في عدد من القرى البقاعية. قرى حرمتها الخلافات إنجاز انتخاباتها البلدية في أيار 2010، أو تسبّبت بحلّها لاحقاً، إضافةً إلى البلديات التي ولدت حديثاً

حدّد وزير الداخلية والبلديات مروان شربل يوم الأحد الواقع في 6 أيار المقبل موعداً لإجراء الانتخابات البلدية الفرعية للبلديات المنحلة والمستحدثة، أو تلك التي لم تجر فيها انتخابات. وعلى الرغم من عدم الإعلان بعد عن دعوة الهيئات الناخبة، فقد سجل حراك في قرى بقاعية تحضيراً لخوض الانتخابات الفرعية، وإن كان كل ذلك لا يزال في طور ما يقال عنه إنه محاولات «جسّ نبض» من قبل العائلات.

من الشواغير الفوقا والتحتا في قضاء الهرمل، إلى الفاكهة ـــــ الجديدة ونبحا المحفارة ونبحا القدام ونبحا الدمدوم، ومقراق وحوش النبي في قضاء بعلبك، ثمة خلافات عائلية، وأخرى سياسية، أفضت إلى حلّ المجالس البلدية لهذه القرى، ليستيقظ بعض الأهالي فيها، على شعور بالندم يختلج صدورهم مع كل معاملة قانونية يضطرهم إنجازها إلى الانتقال إلى القائمقامية في بعلبك أو الهرمل، بدلاً من البلدية التي لا تبعد سوى أمتار منهم.
هذه ليست المرة الأولى التي ستشهد فيها قرى بقاعية انتخابات بلدية فرعية، فقد سبق لعدد منها أن خاضت مراحلها عام 2002. ومن هذه البلديات، بلدية الفاكهة، التي شاركت حينها، وهي تستعد اليوم لخوضها، بعد حلّ مجلس بلديتها.
أما بلدة حوش النبي، التي استحدثت بلديتها منذ عام 2005، فأهلها لم يتمكنوا حتى اليوم بعد من «تكحيل» عيونهم برؤية صناديق الاقتراع الانتخابية، لتبقى بلديتهم طيلة الفترة السابقة على الورق، وفي عهدة قائممقام بعلبك. فالبلدة التي صدر قرار استحداثها بتاريخ 22 كانون الأول 2005، لم تتمكن في الانتخابات الأخيرة من خوض حتى مرحلة الترشيحات العائلية، إذ تقدم أربعة عشر مرشحاً فقط بطلبات ترشيحهم، سحب ستة منهم ترشيحاتهم من قلم قائممقامية بعلبك، وذلك قبل ساعات قليلة على إقفال باب سحب الترشيحات، الأمر الذي دفع البقية، وعددهم ثمانية إلى العزوف أيضاً عن الترشح وسحب ترشيحاتهم بهدف عدم خسارة الرسوم المالية.
ويرى بُرير الحاج حسن، مدير مديرية الحزب القومي في البلدة، أن «الصراعات العائلية أدت إلى انقسامات حادة، زادت من حدتها الولاءات الحزبية والتصرفات الخاطئة»، مشدّداً على أن البعض يسعى إلى أن تكون البلدية «بيده»، وعلى مبدأ «أنا أو لا أحد» باستغلال واضح لـ«الجبية»، وعلى نحو لا ينسجم مع الجو العائلي في البلدة، لكن موعد الانتخابات البلدية الفرعية المقبل أطلق بحسب الحاج حسن حراكاً بدأت تظهر معالمه من خلال طرح أسماء أشخاص «وسطيين وغير محسوبين على الجبّين الكبيرين في البلدة»، وذلك بغية تبديد الإشكالات التي يمكن أن يسعى خلفها البعض، كاشفاً عن شخص توافقي بدأ طرحه على سائر أطراف البلدة، وحتى اليوم هناك «تجاوب عليه، وحلمنا الكبير التزكية».
مختار البلدة من جهته، عبّر عن أمله بإنشاء بلدية توافقية تأتي بطريق التزكية، لكنه لم يخف وجود «البعض اللي همه التنقير والكيدية»، مشدداً على التمسك بالعمل من أجل إنشاء بلدية لحوش النبي.
إلى الفاكهة في البقاع الشمالي، حيث لا يزال الجو بارداً انتخابياً. هنا لم تعش البلدية أكثر من شهرين، إذ لم تسمح الخلافات والانتقالات المتبادلة بين اللائحتين الفائزتين، «الإنماء البلدي» وأعضائها العشرة، و«الإرادة الشعبية» وأعضائها الخمسة، للمجلس البلدي بأن يتابع مسيرته. استقال ثمانية أعضاء من المجلس، الأمر الذي أطاح البلدية. الدكتور فؤاد سكرية أحد أعضاء المجلس البلدي المستقيلين لا يخفي أن ثمة مزيجاً من الشعور بالنقمة والندم لدى أهالي الفاكهة، فالبلدة التي تحوي 1000 مجاز عاجزة عن تشكيل مجلس بلدي متجانس ينهض بها ويعالج مشاكلها المتعلقة بالنفايات والصرف الصحي وتوزيع المياه. ويشير إلى أن الندم وليد معاناة الأهالي مع كل معاملة قانونية، فهم يتكبدون مشقة الانتقال إلى بعلبك بغية إنجازها.
مكوّنات الطيف السياسي في الفاكهة والجديدة والمعلقة والزيتون أركان بلدية الفاكهة، تشمل مسيحياً التيار الوطني الحر وعدداً محدوداً جداً من القوات اللبنانية، فيما يمثّل تيار المستقبل الغالبية الإسلامية وإلى جانبه الناصريون والقوميون والشيوعيون. حراك الجولة الانتخابية الجديدة بدأ في الفاكهة، في ظل وجود «شرخ كبير»، وبحسب سكرية «لن يفضي إلى إنتاج مجلس بلدي متجانس، بل مجلس كيف ما كان، ولن يعيش أكثر من أشهر كما المجالس التي سبقته، فعندما يرى مسلمو الفاكهة أن مسلمي الجديدة لا يمثلونهم، وكذلك الأمر بين مسيحيي الفاكهة والجديدة، ففي ذلك مشكلة كبيرة وانقسام حاد». الأطراف التي شرعت بالاستعدادات للانتخابات هي «التي يهمها الانقسام وبقاؤه، وهو ما يريدونه لإبقاء الانقسام الذي يساعدهم على تركيب اللوائح»، فيما لا تزال أطراف أخرى «تتريث لفرصة توافق حقيقي». وأمام كل هذا يرى سكرية أنه لا يزال هناك متسع من الوقت قبل موعد الانتخابات، «لدور فاعل لمرجعيات البلدة السياسية، بالتدخل بقوة وفعالية لانتشال البلدة ومساعدتها على تخطي المشكلة، لا أن ينحصر دورهم في محاولات تدخل خجولة، الهدف منها إعلامي فقط».
وليس بعيداً عن الفاكهة، تبرز بلدة نبحا التي أمعنت الكيدية السياسية وضغوطها في تقسيم بلدة العيش المشترك إلى بلديتين، نبحا الدمدوم (عائلات أمهز، وهبي) ونبحا المحفارة (عائلات كيروز ـ حدشيتي ـ الضناوي). الأولى انحلّ مجلسها البلدي بسبب المشاكل التي نشأت بين الأعضاء والرئيس. أما بلدية نبحا ـ المحفارة، فلم يكتب لها أن تستمر في عملها بعدما حلّت بموجب قرار صادر من مجلس شورى الدولة ببطلان الانتخابات فيها.
وفيما يرى مختار بلدة نبحا المحفارة نعمة حدشيتي أن الانتخابات الفرعية تمثّل «فرصة حقيقية للتعالي على المصالح العائلية والحزبية من أجل إنتاج بلدية»، فإنه لا يخفي وجود محاذير من قبل الطرف الذي «لا يسكن البلدة ولا يبغي سوى المناكفة والكيدية»، مشيراً إلى حراك انتخابي منفتح على سائر أبناء البلدة للخروج بمجلس همه الأساس إنماء البلدة.
وتعدّ نبحا المحفارة الخاسر الأكبر، بحسب حدشيتي، إذ افتقرت إلى المشاريع الإنمائية والخدماتية التي تنتجها البلدية، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل: «ما الفائدة التي حققتها «القوات اللبنانية» من الطعن غير الصحيح وحلّ المجلس البلدي؟». وكشف حدشيتي عن مساع لإعادة بلدتي نبحا المحفارة والدمدوم إلى توأمتهما من جديد ببلدية واحدة، «لأن غنى البلدة بعيشها المشترك منذ أيام أجدادنا».

——————————————————————————–

الإنماء بيد المختار

شعور الندم الذي عاشته البلدات التي خسرت مجالسها البلدية، لم يسيطر على حوش النبي. فهي لم تشعر بأي خسائر تتعلق بغياب مشاريع خدماتية وإنمائية، وذلك بفضل مختار البلدة حيدر الحاج حسن. الأخير تمكن، وبمخصصات لا تزيد على 70 مليون ليرة، من إنجاز عدد من المشاريع، وفي مقدمها إنارة الشوارع والأحياء، وبكلفة وصلت إلى حدّ 22 مليون ليرة، والتخلص من مكب النفايات في أراضي البلدة، والاتفاق مع متعهد على جمع النفايات ونقلها إلى مكب زحلة كل يومين، بدلاً من كل أسبوع، إضافةً إلى تعبيد ثلاث طرقات من أصل 22، ملفاتها في وزارة الأشغال، مع جدران دعم وتنظيف لقنوات تصريف المياه.

تعليق 1
  1. احمد الحاج حسن يقول

    اما حول بلدية حوش النبي اصاب العزيز برير الحاج حسن بشي وهي الجبية التي تمنع قيام البلدية
    انما السبب الواضح والاساسي والذي لا لبس فيه في عدم قيام البلدية هو عقلية انا وبس واظن الامر واضح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.