بلديتا طرابلس والميناء تترنحان على وقع الخلافات المستفحلة

0

صحيفة السفير ـ
غسان ريفي:
اتجهت الأزمة البلدية في طرابلس والميناء نحو مزيد من التأزم خلال اليومين الماضيين، في ظل الخلافات المستحكمة، والتي تتصاعد وتيرتها يوماً بعد يوم، بين غالبية أعضاء المجلسين البلديين، وبين رئيسيهما الدكتور نادر غزال والسفير محمد عيسى، الأمر الذي يصعّب من مهمة أركان التوافق السياسي، حيث بدا واضحاً أن الحلّ لا يمكن أن يكون إلا ضمن سلة واحدة، تطال البلديتين معاً، وتضع حلاً نهائياً لانعدام الوزن، والجمود التام، الذي ينعكس غياباً في الخدمات، وتعطيلاً لمصالح المواطنين، الذين ازدادوا قناعة في أن “البازل” السياسي، الذي جرى تركيبه بتوافق كل القيادات قبل نحو 16 شهراً في البلديتين، بدأ يفقد قطعه الواحدة تلو الأخرى، ويتجه نحو التشوّه، الذي ينعكس سلباً على الجميع بدون استثناء.
ويمكن القول إن انسداد الأفق أمام الحلول، يضع الجميع أمام حال من الإرباك غير مسبوقة، في ظل رفض المعارضين الاستمرار بالتعاون مع الرئيسين غزال وعيسى، وعدم قدرة القيادات السياسية على إقناع الرجلين بالاستقالة بالدرجة الأولى، ومن ثم التوافق على شخصيتين تتقاطعان معها، يحلان مكانهما بالدرجة الثانية، وعدم رغبة القيادات إجراء انتخابات بلدية جديدة، خوفاً من النتائج التي قد تحملها وتأثيراتها على الاستحقاق الانتخابي الكبير في العام 2013، كل ذلك يجعل البلديتين أمام مراوحة قاتلة بدأت شظاياها تصيب القيادات السياسية والمجلسين البلديين.
ففي طرابلس يستمر الجمود مسيطراً على العمل البلدي، في ظل مقاطعة الأكثرية المعارضة لجلسات المجلس البلدي منذ شهر رمضان الفائت، احتجاجاً على أداء غزال، وكان من المفترض بعد الاتصالات التي أجراها غزال مع بعض القيادات السياسية أن ينعقد المجلس مساء السبت الفائت، بحضور الأعضاء المعارضين، الذين كانوا أشاعوا أجواء إيجابية وأكدوا حضورهم الجلسة لتسيير بعض المعاملات وإقرار البنود المتعلقة بمصالح المواطنين، لكن تلك الأجواء ما لبثت أن تلاشت، بعدما تبين عدم اكتمال النصاب بسبب غياب المعارضين، وسفر بعض الأعضاء، فحضر 11 عضوا بينهم بعض المتعاونين مع غزال واثنين من المحسوبين على “تيار المستقبل”، لكن العدد لم يكن كافياً لتأمين النصاب الذي يحتاج إلى النصف زائداً واحداً أي 13 عضواً.
أمام ذلك الواقع بدا واضحاً أن بلدية طرابلس تتجه نحو المواجهة الحتمية، حيث أشارت مصادر مقرّبة من غزال إلى “أنه لن يسمح بعد اليوم بتعطيل العمل البلدي، وأنه كان طيلة الفترة الماضية يحرص على عدم دعوة المجلس البلدي للانعقاد بثلث الأعضاء، بحسب ما ينص عليه القانون البلدي، لكن اليوم وفي ظل التعطيل القائم، يجد نفسه مضطراً لعقد الجلسات بثلث الأعضاء”. وبالفعل فقد دعا غزال إلى عقد جلسة ثانية مساء يوم غد الثلاثاء، لإقرار بعض البنود المتعلقة بمصالح المواطنين. ويؤكد مقربون منه، أنه “ما يزال يمدّ يده لكل الأعضاء من أجل التعاون، داعياً إياهم إلى كلمة سواء بما يحقق مصلحة الطرابلسيين، وإلى الحضور، وممارسة دورهم ضمن المجلس البلدي وبشكل ديموقراطي، انطلاقاً من أن التباينات في وجهات النظر والتنوع القائم، يمكن أن يشكل غنى لعمل المجلس، ويجعله أكثر فاعلية وقدرة على خدمة المدينة”.
أما في مدينة الميناء، فقد خرجت الخلافات من الغرف المغلقة إلى الشارع، حيث نفذت المجموعة المعارضة، المؤلفة من تسعة أعضاء اعتصاما في ساحة الشراع بمشاركة شعبية واسعة، رفعت خلاله اللافتات التي تطالب بإسقاط الرئيس، وذلك في خطوة متقدمة، تهدف إلى دفع السفير محمد عيسى للاستقالة، واستبداله بأحد الأعضاء القادرين على تسيير شؤون البلدية.
وتشير مصادر “مجموعة التسعة”، لـ “السفير”، إلى أنها “وجهت من خلال اعتصامها رسالة واضحة للقيادات السياسية، بأن الأمور لا يمكن أن تستمر على المنوال نفسه في بلدية الميناء”، مؤكدة أنها “ستلتزم اعتباراً من جلسة المجلس البلدي المقبلة بالحضور لمواجهة الرئيس من الداخل، وعدم السماح له باتخاذ القرارات بثلث الأعضاء، خصوصاً أن ديوان المحاسبة وضع يده على ثلاث مخالفات كبيرة خلال الشهرين الماضيين”. وتقول المصادر: “إن مجموعة التسعة تدعو القيادات السياسية إلى تحمل مسؤولياتها في هذا الإطار، مهددة بأن الخطوة المقبلة ستكون أكثر تصعيداً وصولاً للإطاحة بالسفير عيسى”. ومن جهته، يؤكد مقربون من عيسى، على أنه “يمدّ يده للتعاون، وللاستماع إلى وجهات نظر المعارضين، وأنه يعمل على تنفيذ القانون بحذافيره”.
في المقابل، انتقدت “اللجان الأهلية” بشدة، في بيان لها أمس، ما يجري في بلديات الفيحاء، “والذي ينعكس سلباً على أداء المجالس البلدية وخدماتها، ويرخي على مشاريع المدينة القصور والإهمال”. وقالت: “انطلاقا من الحرص على وحدة قرار أبناء مدن الفيحاء، ترى بأنه آن الأوان كي تقول القيادات السياسية كلمتها بعيداً عن مصالحها الخاصة، وخوفها من نتائج الانتخابات، فيما لو حصلت. وتهيب بكل الغيورين وفي طليعتهم أعضاء المجلس البلدي تقديم استقالاتهم إلى محافظ الشمال بشكل جماعي والدعوة إلى انتخابات بلدية حرة ونزيهة، بعيداً عن التعليب السياسي وترك الحرية للناخبين كي يختاروا الأفضل والأنسب لأن البلدية هي الحكومة المحلية في ميادين التنمية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.