أزمة النفايات في منطقة صيدا تدخل أسبوعها الرابع من دون معالجة

0

صحيفة البناء ـ جمال الغربي:
دخلت أزمة تراكم النفايات في بعض قرى شرق صيدا أسبوعها الرابع على التوالي، بعد قرار بلدية صيدا القاضي بإقفال المكبّ في وجه نفاياتها، لعدم قدرته على استيعاب المزيد منها، وفيما يستعد الاهالي لبدء تحركات احتجاجية، بدءاً من اليوم الجمعة في بلدتي عبرا والهلالية، عقد أمس رئيس التنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد مؤتمراً صحافياً في مكتبه في صيدا، خصصه لتقديم اقتراح حل لمشكلة النفايات.
سعد
وأكد سعد أن «النفايات المكدسة منذ ما يزيد عن ثلاثة أسابيع في الشوارع والساحات، وبين المنازل، وقرب المدارس والمستشفيات، باتت مشكلة شديدة الخطورة لم تعد تقتصر آثارها على الصحة العامة والبيئة فحسب، بل أضحت تطال أيضاً الجوانب السياسية والوطنية، والعلاقات بين صيدا وجوارها. وهي علاقات تاريخية متينة حرصنا على ترسيخها على مر السنوات. وقدمنا التضحيات الجسام في مواجهة مخططات «إسرائيل» وأعوانها التي هدفت إلى تخريبها، وإيجاد شرخ طائفي ومذهبي في منطقة صيدا. هذه المنطقة التي لا نقبل، في ظل أي ظرف كان، بالإساءة إلى نسيجها الاجتماعي الواحد، أو إلى ما تتميز به من تنوع سياسي وديني ومذهبي، يرتكز على قواعد الحرية والديمقراطية».
النفايات والفتنة!
ولفت سعد إلى أن «القوى الطائفية والمذهبية تبذل كل جهودها من أجل إثارة الفتنة. وهي على استعداد لتوظيف كل شيء من أجل أهدافها، بما في ذلك أزمة النفايات. فنراها تعمل على إعطاء هذه الأزمة أبعاداً لا تمت إليها بصلة، وتسعى إلى إيجاد شرخ بين أبناء مدينة صيدا وأبناء بلدات الجوار، وبين سكان هذه البلدات وبلدياتها، وافتعال خلاف بين ابناء الديانات والمذاهب».
وطالب سعد «جميع الوطنيين الشرفاء الحريصين على العيش الوطني الواحد، التحرك بسرعة لنزع فتيل الأزمة وتفشيل المخطط الخبيث، وذلك من خلال المعالجة الفورية للذريعة المستخدمة، أي مشكلة النفايات المكدسة في الشوارع».
وأضاف قائلاً: «ما دامت المكبات القائمة لم تعد قادرة على استيعاب المزيد من النفايات، وما دامت وزارة البيئة لا تسمح باستحداث مكبات جديدة، فإن الحل الوحيد الملائم يكون بتشغيل معمل النفايات على الفور. وهو جاهز للعمل بشهادة الجميع؛ من وزير البيئة، إلى رئيس بلدية صيدا، إلى النائبة بهية الحريري».
وتساءل سعد قائلاً: «إذا كانت العقبة الوحيدة التي لا تزال تعترض مباشرة العمل في المعمل هي عقبة مالية تتمثل في إصرار مالكيه على أسعارهم الباهظة. فإن المصلحة العامة، وطنياً وصحياً وبيئياً، تفرض المباشرة في العمل، على أن يجري الاتفاق على الأسعار لاحقاً في إطار التفاوض بين وزارة الداخلية والبلديات، والبلديات ذاتها من جهة اولى، ومالكي المعمل من جهة ثانية. فالحفاظ على المصلحة الوطنية العامة، وصحة المواطنين، وسلامة البيئة، يبقى أهم بكثير من حجم الأرباح التي سيحققها مالكو المعمل».
المعمل!
وأشار سعد إلى عدة نقاط أساسية وأهمها: «إن السعر الذي يسعى مالكو المعمل إلى فرضه، أي 135 $ لمعالجة الطن الواحد، هو سعر مرتفع جداً، وهو أيضاً أعلى بكثير من الأسعار المعتمدة في جميع انحاء العالم، بما في ذلك الدول الغنية في أوروبا وأميركا. فضلاً عن ذلك، المعايير التي اعتمدت لتحديد السعر لا تمت إلى المنطق، ولا إلى الشفافية، بأي صلة ولا يخفى أن العديد من البلديات ليست قادرة على دفع هذا السعر وفوق كل ذلك، الشرط الإضافي الذي يضعه مالكو المعمل لبدء العمل، والمتمثل بتوفير كمية 350 طن يومياً كحدّ أدنى، هو شرط غير منطقي أيضاً، لا على صعيد المبادئ التجارية، ولا على أي صعيد آخر».
وأضاف: « كما إن إقدام مالكي المعمل على تغيير الاتفاق الأصلي مع بلدية صيدا الذي يتضمن معالجة نفايات اتحاد بلديات صيدا الزهراني مجاناً، هذا التغيير من طرف واحد ليس عادلاً، ولا قانونياً. وإن مكب النفايات في صيدا لم يتم إقفاله تماماً، على العكس مما يشاع، بل لا يزال يستقبل كماً كبيراً من النفايات من مدينة صيدا، وربما من مناطق أخرى. والمطلوب هو إقفاله نهائياً تمهيداً للبدء بمعالجته وإزالته. ومن الضروري لفت النظر إلى أن أحد أسباب تفاقم مشكلة النفايات في صيدا هو التأخر في إنجاز معمل المعالجة، حيث كان من المفترض إنجازه سنة 2004, أي قبل7 سنوات. هذا التأخر غير المبرر أحد أسبابه طبيعة نص الاتفاق الذي أبرمه المجلس البلدي الأسبق في صيدا الذي كان يترأسه هلال القبرصلي. فالاتفاق المذكور لم يتضمن أي بند جزائي بشأن احتمال التأخر في الانجاز، كما أنه لم يتضمن أي ضمانات بيئية، ولا ضمانات أخرى بشأن حسن سير العمل في المعمل مستقبلا ولذلك أسمينا هذا الاتفاق «اتفاق إذعان» البلدية لمالكي المعمل. وأبديت حينذاك، وكنت عضواً في ذلك المجلس البلدي، عدة تحفظات على الاتفاق ولكن للأسف الشديد لم يؤخذ بها، واعتبرها البعض نوعاً من «العرقلة» لمشاريع البلدية. وإن اللقاء الذي عقدناه مساء أمس مع رؤساء بلديات إتحاد صيداـ الزهراني أظهر بوضوح أنّهم يبذلون كل جهدٍ ممكن لمعالجة الأزمة المستجدّة، إلاّ أنّهم يواجهون عراقيل عديدة، ومواقف سلبية من قبل الوزارات المعنية، وتعنّتاً شديداً من قبل مالكي المعمل في ما يتعلّق بالأسعار والكميات المعفاة».
وختم سعد قائلاً: «إن مسار المعالجة الحالي لأزمة النفايات لم يصل إلى أي نتيجة إيجابية، بل على العكس من ذلك أدخل منطقة صيدا في تجاذبات تهدد بنتائج بالغة الخطورة، داعيا الدولة اللبنانية، ممثلة بوزارة الداخلية والبلديات، إلى وضع يدها على هذا الملف، وإلزام المعمل بالمباشرة في معالجة النفايات على الفور، إضافة إلى البدء بالتفاوض مع مالكيه على أسعار منطقية عادلة، منبها إلى أنّه إذا كانت الغاية من افتعال الأزمة الأخيرة هي إخضاع البلديات وإجبارها على دفع السعر الذي حدّده مالكو المعمل ومن يقف وراءهم، فإنه سيكون لهذا الأمر نتائج كارثية على صناديق البلديات، وعلى المشاريع و الخدمات المفترض أن تنفّذها».
لقاء معالجة
وازمة النفايات كانت محور اللقاء الذي جمع المسؤول السياسي لـ«الجماعة الاسلامية» في الجنوب بسام حمود مع راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك المطران الياس حداد، الذي اعلن أن المطرانية وحرصاً منها على مصلحة جميع المواطنين، وافقت على إعادة افتتاح مكب عبرا الواقع ضمن أراضي المطرانية بعد إجراء المقتضى مع مستثمر الأرض، وهذا الأمر قد يتطلب يوماً أو يومين واعداً أهالي المنطقة بإنتهاء هذه الأزمة التي تعنينا جميعاً.
فيما دعا بسام حمود الأهالي في منطقة عبرا الى «التجاوب مع هذه المبادرة التي اطلقها سيادة المطران والتي تؤكد مدى حرصه على انهاء هذه الأزمة ورد الضرر عن جميع السكان، متمنياً على أهالي المنطقة تأجيل الاعتصام المزمع تنفيذه يوم الجمعة حتى نعطي الفرصة لسيادته وللمعنيين لايجاد الحلول المطلوبة، مؤكدا ان سيادة المطران أعلن أنه سيكون مع الأهالي على رأس المعتصمين في حال لم تنفذ هذه الحلول أو وضعت عراقيل في وجهها من أي طرف كان».
يذكر أنه قد جرى يوم أمس اجتماع موسع في مكتب الدكتور أسامة سعد، شارك فيه رؤساء المجالس البلدية المنضوية في إطار اتحاد بلديات صيدا- الزهراني، بالإضافة إلى أعضاء بلدية الظل في صيدا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.