اتحاد الهرمل: الزراعة أولاً

0

صحيفة الأخبار ـ
رامح حمية:
الصرف الصحي وحماية المزارعين وتوفير أسواق خارجية لمنتجات المنطقة، ملفّات عديدة، تعدّ مستعصية على السلطات المحلية في لبنان. اتحاد بلديات الهرمل تمكّن من تذليلها رغم حجمه الذي لا يتجاوز الخمس بلديات فقط.

لم يتأخر اتحاد بلديات الهرمل الجديد في مباشرة مهماته. فبعد مرور سنة على ولايته وضع خطة تنموية شبه متكاملة في محاولة منه لتلبية متطلبات المنطقة التي تحتاج إلى الكثير على أكثر من صعيد. هذه المنطقة، التي شاءت الجغرافيا لها أن تتموضع عند حدود الوطن الشمالية، بعيدة كل البعد عن مركزية صنع القرارات الإنمائية. وقد ضنّت الدولة على أهلها بأبسط الحقوق الخدماتية، ولم تحاول أن تخفّف عنهم بإقامة مشاريع إنتاجية، بل اكتفت بإصدار مراسيم وقرارات، لم ينفد أيّ منها، ولعلّ أبرزها مشروع سد العاصي، محافظة بعلبك ـــــ الهرمل، والزراعات البديلة.
اتحاد بلديات الهرمل ليس البكر في المنطقة، وقد تأسس في 13 كانون الأول من عام 2005، ويضمّ بلديات الهرمل ـــــ الشواغير ـــــ الكواخ ـــــ جوار الحشيش ـــــ والقصر، وينتظر انضمام بلدية فيسان المستحدثة أخيراً، إلى الاتحاد، إلا أنه لم يتمكّن من إنجاز المشاريع بسبب الأوضاع المضطربة التي مرّ بها لبنان، بدءاً من تاريخ تأسيسه مروراً بحرب تموز وما تبعها من حالات انقسام سياسي، «ليقتصر الأمر على بعض المشاريع الصغيرة، ووضع الأسس القانونية للاتحاد»، كما يؤكد مصطفى طه، الرئيس الحالي لاتحاد بلديات الهرمل. هذه المشاريع الصغيرة، كما الأسس القانونية، هي التي مهّدت الطريق أمام الولاية الجديدة لإكمال المسيرة والسير بالمشاريع المقترحة، ولا سيما التي كانت تنتظر الجهات المانحة.
يقول طه إن الهدف الأساسي الذي يعمل الاتحاد على إنجازه خلال السنوات الباقية لولايته يقوم على «إنجاز مشاريع مشتركة بين بلديات الاتحاد تبدأ بالشؤون الزراعية والبيئية، ولا تنتهي عند السياحة والآثار». والأولوية هي للشؤون الزراعية، لما يمثّله هذا القطاع من أهمية كبيرة بالنسبة إلى مدينة الهرمل والقرى المجاورة لها. وقد لفت طه إلى أن المزارعين على اختلاف منتجاتهم ومواسمهم، وفي ظلّ غياب سوق مركزية في المنطقة لتصريف إنتاج المزارعين، يتعرضون «لاستغلال فاضح من التجار، الذين يعمدون عند نضج المواسم من مشمش ودراق وكرز، إلى محاصرة صاحب الرزق بخيارين لا ثالث لهما، إما شراؤها بأسعار متدنية جداً من جهة، وإما التخلي عنه وهلاك موسمه من جهة ثانية». ويشير إلى أن الاتحاد، في إطار مساهمته في معالجة هذه المشكلة، «شرع، بتمويل قيمته 650 ألف يورو من الاتحاد الأوروبي، في تشييد براد زراعي ضخم مع كامل تجهيزاته، لحفظ المواسم والمنتجات الزراعية، على عقار تبلغ مساحته 12 دونماً، وفي موقع وسطي بين قرى الاتحاد في منطقة الكواخ ـــــ القصر، على أن ينتهي العمل به ويسلَّم في الأول من تشرين الأول المقبل».
ولأن قرى قضاء الهرمل عادت إلى زراعة الزيتون التي اشتهرت بها سابقاً، وبأعداد كبيرة جداً وصلت إلى نحو مليون ومئتي ألف شجرة، كان من الضروري، بحسب طه، توفير معصرة لهذا الإنتاج الضخم، الذي لا يقبل التأخير في عصره، إذ يتأكسد ويخسر من طعمه وكميته، وقد أضيف تشييد معصرة زيتون كبيرة إلى جانب البراد الزراعي، «وإن كان التمويل يشمل فقط البناء دون التجهيزات» يقول.
تربية سمك الترويت على ضفاف نهر العاصي، قطاع آخر تشتهر به الهرمل، ولم تشمله الدولة بعين الرعاية والاهتمام. أكثر من 400 عائلة تستفيد من هذا القطاع، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ويُنتج ما يقارب 2500 طن سنوياً، وفي محاولة منه لإنجاح هذا القطاع الحيوي، أقدم اتحاد بلديات الهرمل السابق، بالتعاون مع مشروع الأمم المتحدة، على إنشاء معمل تسحيب سمك الترويت وتدخينه، «لكنه لم يوفر منتجاً ذا نوعية خاصة للتسويق للخارج»، بحسب طه، الذي كشف عن إقدام الاتحاد الحالي على تطوير المشروع، وشراء مصنع فرنسي جاهز لسحب سمك الترويت وتدخينه و«السومو»، وبمواصفات جودة عالية للتصدير، وبقيمة 84 ألف يورو. وأضاف طه إن الخطوة جاءت بعد الاتفاق مع أسواق في دول عربية وأجنبية على استيراد السمك، «وبالتالي على دورة اقتصادية متكاملة، بدءاً من مربّي السمك، الذي لا يخاف من كساد إنتاجه وهبوط الأسعار، مروراً بالمعمل الذي سيستفيد منه عدد من أبناء المنطقة كيد عاملة، وصولاً إلى الأرباح وانتشار منتج نوعي خاص بمنطقة الهرمل».
جعبة العمل لدى طه لم تنضب من المشاريع الزراعية الثلاثة، التي شرع الاتحاد فعلاً في إنجازها، فقد أُعلنت أخيراً مناقصة عمومية لشراء عدد من الآليات التي تحتاج إليها بلديات الاتحاد في أعمالها (جرافة ـــــ آلية صرف صحي ـــــ ونش كهرباء ـــــ ونش إنقاذ…)، وتمويل إنشاء ملعب كرة قدم في القصر.
إلّا أن المشروع الذي يعدّه طه «إنجازاً حقيقياً»، يتمثل في حل مشكلة الصرف الصحي، التي «لم يكن قد طرأ عليها أيّ تغيير من أيام الوزير محمود أبو حمدان»، إذ نُفّذ حينها 17 كلم فقط في الهرمل، في الوقت الذي ما زالت فيه المدينة تحتاج إلى 17 كلم أخرى كتمديدات داخلية، فضلاً عن 10 كلم، الوصلة الخاصة بمحطة التكرير، كاشفاً عن «اتفاق بين الاتحاد ومجلس الإنماء والإعمار والإيطاليين»، على تمويل المشروع وإنجازه كاملاً، من تمديدات ومحطة تكرير للصرف الصحي، وقد تكفّل الاتحاد بتقديم قطعة الأرض الخاصة بمحطة الصرف الصحي، إضافةً إلى إنجازه البناء المخصّص لنقطة ترحيل النفايات الصلبة من الهرمل إلى معمل الفرز والتسبيخ في بعلبك المزمع إنشاؤه. وتجدر الإشارة إلى أن اجتماعاً سيعقد في مبنى الاتحاد في الهرمل مع الإيطاليين بتاريخ 7 تموز (غداً الخميس)، بشأن المشروع.
وبناءً عليه، لا يخفي طه أن عمله ينطوي على «صعوبات قانونية وإدارية تعوق عملهم كاتحاد وتؤخره». فتجربته في السلطات المحلية، من عضو في المجلس البلدي منذ عام 1998إلى رئيس للمجلس البلدي في الهرمل، وحالياً كعضو في المجلس البلدي ورئيس للاتحاد، جعلته يراكم ملاحظات عديدة، أبرزها «ضرورة إقرار اللامركزية الإدارية»، فالبلديات بحسب رأيه «بحاجة إلى سلطة محلية فعلية وبعض من الاستقلالية الإدارية كحد أدنى، للهروب من اللامركزية والروتين الإداري المبطئ للعمل، الذي يفرض على الملفات الانتقال من هالك إلى مالك إلى قطّاع الرؤوس ومن أجل تواقيع روتينية بسيطة».

مطالب سياحية

يبدي رئيس اتحاد بلديات الهرمل مصطفى طه استغرابه من عدم اهتمام الدولة بالمرافق السياحية المهمة التي تتمتع بها منطقة الهرمل، من أماكن أثرية ومزارات دينية، وسياحة بيئية ورياضية. «لا نجد أي أدلة إعلانية، حتى في مطار بيروت»، مشيراً إلى أن وزير السياحة زار المدينة وقضى فيها يوماً كاملاً، ووعد بالعديد من الأمور، أهمها موظف واحد يكون مسؤولاً عن متابعة ما يحصل في الأماكن الأثرية وتقديم المعلومات عنها، مشدداً على أن الاتحاد سيعاود زيارته للوزير، «بغية تهنئته وإعادة تذكيره بالوعود التي قطعها على نفسه» يختم طه. يذكر أنه ستنطلق في العاشر من تموز الجاري فعاليات المهرجان الثقافي والسياحي الخامس في الهرمل، بعدما اكتملت سائر الاستعدادات اللازمة لإطلاق سائر نشاطاته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.