أزمة ذوق مصبح… مصنع وبلدية وقائمقام

0

صحيفة الجمهورية ـ
جويس الحويس:

الأزمة بين بلدية ذوق مصبح ومؤسسة “إلكا” تراوح مكانها. الأزمة بدأت عندما حاول القيّمون على المصنع المذكور الاستحصال على رخصة هدم للبناء القديم القائم على أرض يفترض أن يتم تشييد مصنع فوقها، لكنّ البلدية رفضت ذلك على نحو قاطع. فلجأ المعنيّون إلى القائمقام الذي أعطى موافقته من دون العودة إلى البلدية، ما أثار حفيظة رئيس البلدية شربل مرعب.

بدأت الأعمال صباح الجمعة الماضي، فعمدت الشرطة البلدية إلى توقيف العمال، وعندها بدأ الإشكال.

بلدية ذوق مصبح

حسب رئيس البلدية شربل مرعب “هذا المعمل يجب ألّا يكون بين المنازل، وقانونا هناك صناعة محدّدة يمكن توافرها في ذوق مصبح، ومعامل الإسمنت ليست من ضمنها”، لكنّ صاحب المعمل حصل على رخصة إنشاء من وزير الصناعة.

ويشرح مرعب لـ”الجمهورية” أنّ بعض العناصر في رفقة النائب السابق فريد هيكل الخازن اقتحموا مبنى البلدية، وهدّدوا أحد العمال الذي كان موجودا هناك، “وتكرّر الهجوم عند الـ3:30، فعمدنا إلى التقدم بشكوى لدى القوى الأمنية، ولم نفلح في إقناعهم بضرورة التقدّم ببلاغ إلا بعد سلسلة اتصالات بوزير العدل شكيب قرطباوي”.

وكانت البلدية عقدت اجتماعا استثنائيا ليل الجمعة للبحث في الخطوات المستقبلية، لكنّ اللافت في الأمر أنّ “الجمهورية” حاولت الوقوف على رأي عدد من أعضاء البلدية، فجاءت إجابتهم متناقضة، إذ إنّ أيّا منهم لم يكن مطّلعا على تفاصيل القضية وحيثيّاتها، فلكلّ منهم عمله اليومي والروتيني الذي يقوم به. حتى إنّ أحدهم قال: “آخر همّ عندي، يفَزّرو بعضن!”

أما يوم السبت فنظّمت البلدية يوما إعلاميا، وأطلعت الإعلاميين على الأحداث. كذلك قامت برفع لافتات داخل البلدة مندّدة بما حدث، “وعمد أشخاص مسلّحون إلى إزالة هذه اللافتات تحت تهديد السلاح، ووقع اشتباك مع أبناء البلدة، وتدخلت عناصر من القوى الأمنية لفضّ الخلاف” حسب مرعب.

ونفى مرعب أن يكون وجّه أيّ كتاب إلى رئاسة الجمهورية أو أيّ مرجع رسمي، باستثناء القائمقام، كاشفا عن كتاب أرسله إلى اتحاد بلديات كسروان، مطالبا بعقد اجتماع موسّع لتدارك الوضع.

الشركة المعنيّة توضح

مديرة العلاقات العامّة في مؤسسة رشيد الخازن و”إلكا”، السيّدة نجاة حداد، أكّدت لـ”الجمهورية” أنّ المَجبَل في جعيتا أنشىء منذ 30 عاما، وهو يعمل وفق المهل الإدارية، شاكرة الراهبات في جعيتا اللواتي لديهن حكم بالإخلاء منذ 13 عاما ولم ينفذن هذا الحكم. ولكن بعد الإشكال الذي حصل في دير مار الياس الراس، اتخذت المؤسسة قرارا بشراء عقار أو استئجاره لننتقل إليه من جعيتا، بحثنا من أعلى الساحل (جعيتا) إلى غزير المعاملتين، ولم نجد المنطقة المصنّفة صناعية إلّا في أدونيس.

وأشارت إلى أنّ “صاحب مؤسسة رشيد الخازن للتعهدات المهندس جورج خديج هو من المقرّبين جدا من الشيخ فريد هيكل الخازن، وقد وجدنا عقارا يملكه تسعة ورثة في أدونيس المنطقة الصناعية، كما أن مَجبَل الباطون يجب أن يتمتع بموقع جيّد، لذلك قرّرنا شراء هذا العقار، وسعر متر الأرض 500 $، كلّفنا مع تسجيل وفوائد، لأننا اقترضنا هذا المبلغ من البنك، 900 $ (مليونان ونصف مليون دولار كلفة الأرض ونصف مليون دولار شراء معدّات).

ولفتت حداد إلى أنّه قبل شراء هذا العقار، قام الخازن بزيارة وزير الصناعة آنذاك ابراهام دده يان في حضور النائب أغوب بقرادونيان طارحا عليه مسألة إنشاء هذا المَجبَل على العقار، وفي هذه المنطقة الصناعية في أدونيس، فحصل على الجواب بعد مرور عشرة أيام، موضحة أنّه “لا يمكن تفكيك المَجبَل في جعيتا قبل تركيب المَجبَل في أدونيس”.

لذلك، تقدّمت المؤسسة بطلب إلى وزارة الصناعة للحصول على ترخيص، واستغرق الأمر أربعة أشهر بدل الشهر ونصف الشهر، ذلك جرّاء تصرفات رئيس البلدية، مضيفة “إستلمنا الترخيص في 17 شباط من وزارة الصناعة وموافقة وترخيص من التنظيم المدني بناء على مرسوم رقمه 5243/2001”.

وشدّدت حداد على أنّ المؤسسة توجهت إلى البلدية طالبة ارتفاقا وتخطيطا، “حصلنا عليه بعد مرور شهر ونصف شهر، بعد تدخّل القائمقام. ثم تقدّمنا بطلب التخمين فحصلنا عليه بعد مرور شهرين، وأيضا بعد تدخّل القائمقام”.

وتتابع حداد: “تقدّمنا بطلب هدم البناء الموجود على العقار لأنه قديم جدا وفي حال سيئة. وبعد مرور 72 ساعة على هذا الطلب من دون أي جواب من رئيس البلدية، تقدّمنا بطلب من القائمقام وحصلنا على الترخيص”.

وتشرح أنّ مع بدء العمل بالهدم، فوجئوا بوصول ثلاثة عناصر من شرطة البلدية لوقف العمل بالقوّة، “قالوا ما منفهم بالوزير ولا بالقائمقام، هون في بلدية بس”، فتمّ الاتصال بالخازن، وحضر إلى مبنى البلدية لحسم استخدام القوّة، “وقال لهم إذا في أي تبليغ بوقف الأعمال، فليكن من خلال الدرك”. وعندما وصل الى دار البلدية، لم يجد أحدا، ربّما فرّوا عندما علموا بقدومه أو لم يكونوا موجودين، مشيرة إلى أن البلدية دائرة مفتوحة للجميع، “وهناك مئتا عائلة تعتاش من هذه المؤسسة، وهو يريد أن يحرمهم من لقمة العيش”.

حقيقة الوضع

بعد اطّلاع “الجمهورية” على عدد من الوثائق، تبيّن أنّ مؤسسة رشيد الخازن وإلكا استحصلتا على موافقة من وزارة الصناعة برقم 3098 تاريخ 14/2/2011، بإنشاء معمل باطون على العقارات 1482، 1483، 1507 في منطقة ذوق مصبح.

إلا أنّهما لم تباشرا الأعمال لعدم إعطائهما الترخيص من قبل البلدية لأن المنطقة مصنفة فئة ثانية C3، ويقصد بها المعامل التي تعمل بواسطة آليات صناعية، إي من دون أن ينتج منها أي غبار.

وبذلك، وبعد مراجعة قائمقام كسروان، أعطيت شركة رشيد الخازن موافقة من قبله برقم 912 تاريخ 15/6/2011، من حيث السلامة العامة بالموافقة على القيام بهدم إنشاءات موجودة بعد إسنادها إلى فقرات من قانون البناء الرقم 646 والمرسوم التطبيقي. مصدر مطّلع اعتبر أنّ القائمقام قد يكون تجاوز صلاحياته، إذ كان يستوجب عرض الموضوع على جانب المحافظة وفقا للتنظيم الإداري المتبع بالمرسوم الاشتراعي 116، والذي كان يفترض أيضا قبل المباشرة بأعمال الهدم، الاستحصال على موافقة مباشرة من نقابة المهندسين، وهذا ما لم يحصل.

وعليه، وبعد إصدار الموافقة من قبل القائمقام، أجابت البلدية أنّ من حيث السلامة العامة، لا يحتاج البناء إلى هدم، والمنطقة غير مصنّفة وفق الترخيص المطلوب (مجبل باطون)، والذي سيلحق، في حال موافقة البلدية على طلب الترخيص، ضررا بيئيا بسكان المنطقة الذين يبلغ عددهم 70 ألف نسمة.

واستخلاصا مما تقدم، فإنّ المسؤولية ضائعة، ولو أن بعضهم يأخذ على القائمقام عدم تريثه في إعطاء أي موافقة قبل بت الموضوع من قبل مجلس شورى الدولة، بناء على شكوى مقدّمة من البلدية، طعنا بالترخيص المعطى من وزارة الصناعة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.