لقاء في بعلبك عن مقتضيات التكامل بين البلديات ومؤسسات المجتمع المدني

0

نظم تجمع “باقون” لقاء في قاعة اتحاد بلديات بعلبك تحت عنوان: “التكامل بين البلديات ومؤسسات المجتمع المدني- تحديات الأزمة وواجب الخدمات”، في حضور رئيس قسم محافظة بعلبك الهرمل دريد الحلاني ممثلا المحافظ بشير خضر، رئيس اتحاد بلديات بعلبك شفيق قاسم شحادة، نائبه جمال عبد الساتر، ورؤساء اتحادات بلدية وبلديات منطقة بعلبك الهرمل، وفاعليات اجتماعية وممثلي هيئات المجتمع المدني.

 

الضيقة

وبعد تقرير مصور عن الخدمات التي قدمتها للبلديات الجمعيات التالية: “نقابة الفنانين التشكيليين والحرفيين” في البقاع، “نحن”، “وطن السنابل”، “التعايش والإنماء”، “مجموعة سوا”، و”الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب”، تحدث منسق اللقاء ركان الضيقه معتبرا أن “أولى علامات تطور البشرية تكمن في اتساع مسؤولية الفرد عن نفسه، إلى المسؤولية الجماعية، وان غاية التطور البشري هي التكامل للوصول إلى الأهداف النبيلة، حيث ان كافة المعتقدات آمنت وعملت وضحت في سبيل وجود الانسان وتكريمه، ولأن النمو التطوري عمل تراكمي وتكاملي، وكذلك الإنهيار، كان لابد لنا من التموضع في المكان السليم، وكون شعلة الأجيال في الكفاح وصلت إلينا، ولأن من تساوى يوماه فهو مغبون، ومن كان أمسه أفضل من غده أيضا مغبون، عقدنا العزم بأن نكون على قدر مستوى التحديات”.

 

مرهج

وتحدثت رئيسة جمعية “حرية حياة” المحامية سندريلا مرهج، مؤكدة أن “التكامل مطلوب في كل مجتمع من المجتمعات، فكيف بالحري في المجتمع التعددي مثل بعلبك الهرمل”.

 

وقالت: “ثمة تباين بيّن في مجال التعاون بين البلديات والمنظمات الدولية، وبين البلديات والمنظمات غير الحكومية المحلية التي يعتريها الكثير من الأشكاليات، بدءا من مصادر التمويل، إلى النظرة بريبة إلى أهدافها ودورها السياسي”.

 

وأشارت إلى أن”المنظمات غير الحكومية ليست بديلا عن الدولة، ولكن هذه الجمعيات والمنظمات تقوم بتغطية الفجوة الناجمة عن تقصير الدولة، او بسبب عدم استطاعة الدولة القيام بالمتطلبات الملقاة على عاتقها”.

 

 

شحادة

ورأى شحادة أنه “على الرغم من الدور الإيجابي والكبير الذي لعبته الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني على اختلاف اختصاصاتها واهتماماتها في مساندة السلطات المحلية ومساندة البيئة الحاضنة، إلا أن الأزمة الاقتصادية والإجتماعية التي نمر بها منذ قرابة 3 سنوات أظهرت افتقاد المجتمع لمفهوم المواطنة، فعلى الرغم من تلمسنا حماسة بعض المواطنين في مؤازرة البلديات ودعمها خلال هذه الأزمة إيماناً منهم بمبدأ الحقوق والواجبات، إلا أننا فوجئنا بتجاهل أغلب المواطنين لهذا التعاون والتكافل والتضامن، لا بل الذهاب إلى حد المعاداة مع البلديات أحياناً، وحتى أبسط واجبات المواطن تجاه بلديته وهي تسديد الرسوم المتوجبة قانوناً عليه والتي باتت لا تساوي الدولار الواحد في حدها الأقصى سنوياً، يمتنع عن دفعها، في وقت أصبحت البلديات بأمس الحاجة لجبايتها للإستمرار برفع النفايات كأكبر طموح خدماتي أوصلونا إليه”.

 

ودعا إلى”تعزيز ثقافة المواطنة والإنتماء، وشرح القوانين، وتحفيز المواطنين وحثّهم على تسديد ما يتوجب عليهم لصالح بلدياتهم رأفة بعمال النظافة الذين لم ينقطعوا يوماً عن أعمالهم في خدمة الناس وعوملوا بإجحاف من قبل الدولة، ومن قبل المواطنين أيضاً، حيث دخلنا في الشهر السابع من العام الحالي ولم يتقاضَ هؤلاء العمال رواتبهم ومستحقاتهم بعد”.

 

واعتبر أن “الأمل الوحيد والحل الأمثل في ظل الإفلاس الحكومي، هو تعزيز روح التكافل والتعاون والتضامن بين المجتمع المدني والسلطات المحلية لتخطي هذه المرحلة، فالتعاون والتكافل من الضروريات الإيجابية التي تعود على كل مكونات المجتمع بالخير والمنفعة العامة”.

 

اللقيس

ولفت مؤسس ورئيس الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب الدكتور رامي اللقيس إلى “ثلاث إشكاليات فكرية واجتماعية يعاني منها مجتمعنا، تعيق مسار التنمية وتؤثر على جهود التكامل بين كافة مفردات المجتمع، الاولى مرتبطة بالنظام الاجتماعي، بحيث نشهد تكاملا اجتماعيا في حياتنا الأسرية والعائلية والمجتمعية اليومية، ولكن هذا التكامل لم يتطور الى تحقيق التكامل الانمائي. والإشكالية الثانية مرتبطة بالعقل البشري بشكل عام، وهي ظاهرة التعميم ولخطورتها تحاول بعض الدول التخفيف منها من خلال اعتماد لغة الأرقام والنسب المئوية، لأن التعميم يخلق صور مشوهة. أما الاشكالية الثالثة فهي مرتبطة بالقيم الاجتماعية ومنها الاتهام، هذه الظاهرة نواجهها دائما، فكل فاعل بهذا المجتمع متهم، وشيوع الاتهام السريع يخلق تصورات غير حقيقة، وتداول هذه الصور الذهنية بين الناس يؤدي الى التفكك الاجتماعي، لذا نستنتج هنا ان هذه الاشكاليات تعد من معوقات التنمية والتكامل”.

 

وقال: “الركيزة الأولى في عملنا التشاركي هي الدولة بمؤسساتها، والثانية المجتمع المنظم (الجمعيات، النقايات، التعاونيات ، اللجان)، والثالثة مع المنظمات الدولية الفاعلة، فسمة القرن 21 هي التعاون بين الدولة والمنظمات الدولية. اما على مستوى التطبيق العملي، نعمل وفق استراتيجية محددة، على رأسها الحوكمة، بما تحمل من معاني التكامل”.

 

وشدد على “دعم نظام الحوكمة وإنتاج الخدمات، وبالتالي إعادة الثقة بين منتج الخدمات ومنها البلدية كممثلة للدولة وبين المواطن، وفي هذا الملف نؤسس مجموعات نسائية وشبابية للمساعدة في تفعيل المجتمع. ومن القضايا التي نعتقد بانها تحقق التكامل هي بناء السلم الاهلي، ونحن في لبنان نعاني تاريخيا من هشاشته، لانه يؤثر بشكل مباشر على العمل الانمائي، كلما ازداد السلم الاهلي رسوخا، ازدادت إمكانية العمل التنموي ونجاحه، وكلما تقلص السلم الاهلي انخفضت قدرتنا على تحقيق مشاريع التنمية، لذا نعمل على خلق مصلحة مشتركة بين الجميع تدفع بهم للتعاون والتكامل من اجل تحقيقها”.

 

وختم اللقيس: “من العناصر التي تؤثر على التكامل، التعاون الاقتصادي الذي له دور كبير في تحقيق التكامل الناجح والمستدام والمتبادل، لذا ذهبنا الى تصميم مشاريع تهدف الى تشجيع الشباب على العمل قوامها التدريبات المختلفة”.

 

الحلاني

ووجه الحلاني تحية شكر وتقدير لتجمع “باقون” على تنظيمه “هذا اللقاء الذي قد يكون الأول من نوعه، وبحسب المرسوم الإشتراعي رقم 118 تاريخ 1977/6/30 (قانون البلديات) في تعريف البلدية، أنها إدارية محلية تقوم ضمن نطاقها بممارسة الصلاحيات التي يخولها إياها القانون، وأنها تتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي والإداري في نطاق هذا القانون، وإنطلاقاً من هذا التعريف تحدث البعض عن أن البلدية هي وجه من وجوه اللامركزية الإداريـة، كما أعطى هذا القانون صلاحيات واسعة للمجلس البلدي المنتخب من أهل البلدة، وجعل كل ما يتعلق بأمورها ضمن إختصاصه، كما سمح للمجلس البلدي المساهمة في نفقات المدارس الرسمية ومساعدة النوادي والجمعيات لأبنائها، ومراقبة سير المرافق العامة، وصولاً إلى وجوب موافقة المجلس البلدي على تغيير إسم البلدة وحدودها، هذه الخدمات أو الإختصاصات مرتبط بصلب عمل الوزارات، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن البلدية هي حکومة محلية مصغرة في البلدة، وبإمكان أي بلدية، فيما لو توفرت لها الإمكانيات المادية، تحويل البلدة إلى بلدة نموذجية في الخدمات المباشرة للمواطنين من مياه وكهرباء وصرف صحي ومعالجة نفايات وطرق ومراكز صحية وتربوية وإجتماعية، أو غير المباشرة كالنواحي التجميلية والحدائق والمتاحف والمشاريع ذات النفع العام”.

 

وأشار إلى أنه “منذ إعادة تفعيل وجود البلديات في العام 1998 بعد الحرب الأهلية وإستقرار الإنتظام العام للدولة حيث جرت أول إنتخابات للمجالس المحلية، لم تعط البلديات الإمكانيات اللازمة والكافية للقيام بدورها الطبيعي سيما وأن الدولة قد غابت كلياً خلال فترة الحرب وما نتج عنها من آثار إقتصادية ومالية وقضايا أخرى، عن تقديم أبسط الخدمات التي يحتاجها المواطن مما حمل البلدية عبئاً كبيراً عجزت وتعجز عن القيام به وأصبح كل شيء مطلوب من البلدية حتى في المشاريع الكبيرة التي تعود صلاحية تنفيذها للوزارات المعنية، هذا ونحن نتكلم عن حال البلديات ما قبل الأزمة الإقتصادية والمالية التي يئن تحتها لبنان منذ العام 2019 ولغاية تاريخه، فما بالك بعد هذا التاريخ؟”.

 

وتابع: “بسبب ضعف الإمكانيات المادية تراجع دور البلدية تراجعاً كبيراً حتى أنها باتت عاجزة عن تأمين حتى رواتب موظفيها وأبسط الخدمات للمواطنين، وتحولت البلديات من مؤسسات مختصة بتقديم الخدمات للمواطنين إلى عبء عليهم وأصبح المجلس البلدي بصلاحياته الواسعة عاجزاً عن القيام بعمله ولا حول له ولا قوة بسبب صناديقه الفارغة. من هنا يأتي دور مؤسسات المجتمع المدني التي تنشأ أساساً لمساعدة المجتمعات المحلية وتضع ضمن غاياتها وأهدافها العمل على تطويرها في كافة ميادين الحياة، وفي ظل هذه الظروف العصيبة التي يمر فيها الوطن وتمر فيها البلديات وفي ظل وجود التحديات الجمة التي يواجهها المواطن بصورة يومية، وفي سبيل الصمود ومواجهة هذه التحديات كان لا بد من تدخل مؤسسات المجتمع المدني للمساهمة في تأمين كافة الخدمات المطلوبة وضمن إمكانياتها المتوفرة، لا بل أصبح من الواجب عليها التدخل وإبراز دورها وتحقيق غاياتها وأهدافها المنصوص عنها في أنظمتها الداخلية والأساسية ، ليس للحلول محل البلديات، إنما للمساهمة في التخفيف من الأعباء الملقاة على عاتقها ، وتقديم الخدمات الضرورية والأساسية للمواطنين”.

 

واختتم اللقاء بجلسة حوار مفتوح بإدارة الدكتورة زينب يوسف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.