سيول البقاع تتجدد ووعود بالتعويضات

0

موقع العهد الإخباري ـ
عصام البستاني:

يتكرر مسلسل السيول في البقاع عامة والبقاع الشمالي خاصة، وتتوزع بين الهرمل ورأس بعلبك والقاع واللبوة ونحلة ويونين وبعلبك وشعث وغيرها.

السيناريو متشابه في كل المناطق: “شتوة” أولى يتبعها سيل جارف يتسبّب بأضرار كبيرة في الممتلكات، ويتبع ذلك وفود ووعود وأمل بالتعويضات لا ينفذ أبداً، إلا ما ندر ووفق استنسابيات معينة.

هذا ما حدث طيلة الأسابيع الماضية في عدد من البلدات حيث اجتاحت السيول القادمة من جرود عرسال، وشعب السلسلة الشرقية، الساحات والأحياء والبساتين وجرفت معها السيارات وألحقت أضراراً جسيمة بشبكات الصرف الصحي والكهرباء والمياه وبالمحلات التجارية على الطريق الدولية وداخل القرى. كما أدت إلى حجز آلاف المتوجهين إلى البقاع الشمالي في سياراتهم لساعات طويلة.

 

وفيما كانت البلديات تصارع لإزالة ما أمكن من الصخور والأتربة التي قطعت الطريق الدولية، بمساعدة عناصر الدفاع المدني، سارعت “وحدة إدارة الكوارث في بعلبك ـ الهرمل” إلى الاجتماع في مبنى المحافظة، وطلبت مساعدة وزارة الأشغال العامة بإرسال جرافات كبيرة لإزالة الصخور والوحول والعوائق من الطرقات.

هذه السيول أكّدت أن “الكارثة” تكمن في أن أحداً غير جاهز لمواجهة أي “مفاجأة” طبيعية، إذ أن 21 مركزاً للدفاع المدني في منطقة بعلبك ـ الهرمل، تمتد بين بلدتي القصر والقاع الحدوديتين شمالاً إلى بدنايل والنبي شيت جنوباً، لا تملك سوى جرافة كبيرة واحدة وثلاث جرافات صغيرة من نوع “بوبكات” و10 سيارات إسعاف، فضلاً عن النقص الفادح في العديد، إذ يبلغ مجموع عناصر هذه المراكز 56 (مع بعض المتطوعين)، وفي بعضها لا يوجد أكثر من عنصر واحد.

مصادر في الدفاع المدني قالت إن نقص العديد سببه عدم توقيع مرسوم تثبيت متطوعي الدفاع المدني. ولفتت إلى أن نقص الآليات “تعاني منه معظم المناطق اللبنانية، وإن بتفاوت، لعدم إجراء المديرية مناقصات لشراء آليات منذ زمن بعيد”.

للتذكير فقط، فإن رئيس الحكومة سعد الحريري قطع جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في السراي في أيار 2017، وتابع مع عدد من الوزراء، عبر شاشات اتصال تلفزيوني موصولة بمحافظة البقاع، مناورة حية لـ “خطة الاستجابة للكوارث والأزمات الخاصة بمحافظة بعلبك – الهرمل”، نظمتها وحدة إدارة مخاطرالكوارث التابعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

إيهاب حماده: نحاول عبر البلديات وحزب الله تغطية بعض الحاجات الضرورية

عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب إيهاب حماده تحدث عن النقص الفادح في العناصر والمعدات والتجهيزات معتبرا أنه “استهتار بحياة الناس”. وقال إن المدير العام للدفاع المدني ريمون خطّار “الذي زرناه مؤخراً لم يبد تجاوباً في معالجة النقص في المحافظة، ونحاول عبر البلديات وحزب الله تغطية بعض الحاجات الضرورية”.

مناورة العام الماضي ترافقت أيضاً مع وعود بإنشاء برك لدرء مخاطر السيول عن البلدات المهددة، وهو ما يؤكّده أمين سر “وحدة إدارة الكوارث في بعلبك ـ الهرمل” المهندس جهاد حيدر، مشيراً إلى أن هذه البرك “كانت جاهزة وتحتاج للتمويل، وتم بحث ذلك بين رئاسة الحكومة وبرنامج الامم المتحدة لكن لم يتوافر التمويل بعدما تبين أن البرك التي نفذت في رأس بعلبك سابقاً انهارت مع أول سيل لعدم وجود رقابة على الأشغال وعدم تنفيذها بالمواصفات الفنية المطلوبة. بل إن ما ينفذ اليوم من أشغال في مجرى السيل في رأس بعلبك أكثر سوءاً، وهذا هدر للمال العام واستخفاف بأرواح الناس ومصالحهم”.

 

الشتوات اللاحقة وسعت استهدافها لتطال قرى جديدة فضربت يونين ونحلة وبعلبك ووصلت إلى البقاع الاوسط فطالت بلدة كفرزبد والفاعور ومن ثم بلدات مجدل عنجر وغزة والصويرة والدكوة حيث اجتاحت السيول البيوت واحتجزت الاهالي والاطفال. وامتدت السيول لتطال أغلب القرى في السلسلة الشرقية وصولاً إلى رياق واجتاحت الطوابق السفلية في مستشفى رياق فغمرت قسم الطوارئ وسجن المستشفى وثانوية علي النهري الرسمية وهذا ما سبب أضراراً كبيرة في الممتلكات والسيارات.

هذه السيول ترافقت مع مخاوف من سحب مدارية تهدد لبنان بأمطار طوفانية وفياضانات ستشهدها بعض المناطق.

مارك وهيبي رئيس مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت أفاد أن لبنان واقع تحت تأثير منطقة من الضغط الجوي المنخفض تسيطر على الحوض الشرقيّ للمتوسّط، مشيراً إلى أن “ما يشهده لبنان هو طقس ممطر طبيعي باستثناء المنطقة الواقعة شمال شرق البقاع فهي معرضة لحدوث بعض السيول والفيضانات بسبب طبيعة أرضها وموقعها”. كما لفت إلى أن ما حدث في منطقة البقاع وفي بعض المناطق هو بسبب طبيعة الأرض ونوع التربة غير القادرة على امتصاص جزء كبير من المياه، وهو ما يؤدي إلى حدوث مثل هذه الفيضانات بفعل كميات الأمطار الغزيرة التي هطلت.

 

رئيس بلدية اللبوة محمد رباح أسف لما حدث، وطالب بالتعويض السريع لأصحاب المنازل والمحلات المتضررة وأصحاب السيارات التي جرفها السيل واعادة البنية التحتية من طرقات وشبكات مياه وكهرباء وصرف صحي التي تعطلت جراء العاصفة، كما ناشد المسؤولين لإيجاد معالجة جذرية كي لا تتكرر المشكلة من خلال إقامة ممرات للسيول وحيطان الدعم والعبارات.

عضو بلدية نحلة والاعلامي علي يزبك أشار في حديث لـ “العهد” إلى ما جرى من تساقط غزير للأمطار والبَرَد، حيث بلغت سماكة البرد حوالي خمسة سنتيمترات ما تسبب بحدوث سيول جرفت الحجارة والأتربة، فدخلت المياه إلى عدد من المنازل وتسببت بأضرار في البنى التحتية وجدران الدعم وحفر في الطرقات، وهذا يطرح مسألة الكشف على الأضرار والتعويض على المزارعين، وقد قام وفد من الهيئة العليا للإغاثة بجولة تفقدية وتثبت من حدوث أضرار في البلدة والبلدات الأخرى، وكلّف البلدية بإعداد كشف بأسماء المتضررين ورفعها إلى الهيئة العليا للإغاثة، وبدورها ستقوم بإرسال نسخة عنها للجيش اللبناني لإجراء الكشف الميداني والتأكد من حدوث هذه الأضرار تمهيداً لتقديم طلبات من قبل المتضررين للتعويض عليهم.

أضاف يزبك: “لكن لم يعد هناك ثقة بالوعود المعطاة، حيث أنه منذ حوالي أربعة اشهر حصلت الحالة نفسها من عواصف رعدية وسيول في بلدات نحلة وشمسطار وطاريا والبقاع الشمالي، وإلى الآن لم يجرِ التعويض على المزارعين نتيجة تلك الأضرار”.

 

وقد تفقد نواب كتلة الوفاء للمقاومة البلدات المتضررة واطلعوا على حجم الأضرار، وبدورهم طالبوا الهيئة العليا للإغاثة بالمباشرة بصرف التعويضات بعيداً عن الاستنسابية، مع الحديث عن أن هناك بعض البلدات قد قبض المتضررون فيها التعويضات، الأمر الذي لم ينسحب على باقي القرى.

ودعت بلدية نحلة وبلديات المنطقة مع هذه المتغيرات في المناخ إلى تشكيل لجنة خاصة من الوزارات المعنية، خصوصا وزارتي الطاقة والأشغال من أجل وضع خطة لإنقاذ ما يمكن انقاذه على صعيد بناء مصدات لمجاري السيل، وخصوصاً تلك التي تؤدي إلى منازل سكنية، وأيضاً إنشاء بحيرات جبلية لتخزين هذه الكميات الكبيرة والاستفادة منها خلال فصل الصيف.

كل هذا لا يعفي البلديات والاتحادات من أن تفكر جدياً باتّقاء ما يمكن من خلال إنشاء سواتر من الصخور وبعض الإجراءات التي لا بد من اتخاذها للتخفيف من الخسائر وحماية المواطنين والمزروعات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.