مجلس الوزراء يتحضّر لمناقشة مشروع توزيع عائدات الهاتف الخلوي على البلديات

0

موقع الانتقاد الإلكترروني ـ
لطيفة الحسيني:

صحناوي لـ”الانتقاد”: سأحارب لإنجاح المشروع و”المستقبل” صرف أموال البلديات دون حسيب أو رقيب

تعتزم الحكومة في المرحلة المقبلة دراسة ومناقشة مشروع القانون المقدّم من وزير الاتصالات نقولا صحناوي المتعلّق بإنشاء مؤسسة التنمية البلدية وتوزيع عائدات الهاتف الخلوي بغية تنظيم ملفّ أموال البلديات المتراكمة على مدى السنوات السابقة، على قاعدة إرجاع الحق لأصحابه، لاستثمارها في مشاريع تنموية محلية تعود بالفائدة على المجالس البلدية وبالتالي على المواطنين، ما يحقّق بطبيعة الحال بعضاً من الإنماء المتوازن بين مختلف المناطق اللبنانية.

مشروع صحناوي الذي يعتبر استكمالاً لإجراءات وزارية اتخذّت بين عامي 2010 و2011، يرمي الى تغذية خزائن البلديات في سنة واحدة بأكثر مما كانت قد حصلت عليه خلال الاعوام الخمسة عشر الفائتة، ما يتطلب تدريباً وتحضيراً للطواقم البلدية على صعيد إدارة المشاريع والاموال. ويقضي المشروع بتوزيع نسبة 50% من الأموال المتراكمة مباشرة على البلديات، بدفعات 120 مليون دولار فصلياً، و70 مليون دولار سنوياً تقريباً من خلال الأموال المحصلة، على أن تحتسب نسبة الـ 50% الأخرى من الأموال المستحقة سنوياً عبر مؤسسة التنمية البلدية.

يبلغ مجموع عدد البلديات في لبنان 945 بلدية موزعة على الشكل التالي:
بيروت: 1
محافظة لبنان الشمالي: 236
محافظة جبل لبنان : 307
محافظة النبطية : 116
محافظة لبنان الجنوبي : 138
محافظة البقاع : 147
ويشهد لبنان في السادس من أيار المقبل انتخابات فرعية لانتخاب 57 مجلساً بلدياً بعد أن تم استحداث بلديات لم تكن موجودة فيما حلّت أخرى

فُتح ملفّ أموال البلديات عندما تسلّم الوزير جبران باسيل حقيبة الاتصالات للمرة الأولى عام 2009 في عهد حكومة فؤاد السنيورة، حينها وجد باسيل نفسه أمام الواقع التالي:

– أموال تقتطع من الضريبة على القيمة المضافة لمصلحة البلديات، ثمّ ترسل من وزارة الإتصالات الى وزارة المال التي كانت بدورها تصرفها على الدين العام أو غيره من وجهات الصرف.
– وزارة المال لا تلحظ اطلاقاً أي اشارة الى أن للبلديات مستحقّات في ذمة الدولة.

هنا، تحرّك باسيل فأرسل عدداً من الكتب الى وزير المال آنذاك محمد شطح، لفت فيه الى أن هذه الاموال دين مستحقّ للبلديات يجب الاعتراف به. بعد ذلك، عُيّن شربل نحاس خلفاً لباسيل في وزارة الاتصالات في حكومة سعد الحريري، فاستكمل ما بدأه سلفه، وعمد الى تكوين هذه العائدات بحيث أصبحت كل مستحقات البلديات من الخلوي موجودة في حساب داخل مصرف لبنان بفائدة صفر بالمئة.

وعندما تسلّم صحناوي منصب نحاس في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، لاحظ أن هذا الاجراء لا يزال ناقصاً في ظل عدم وجود جدول وآلية محددة لتوزيع هذه الأموال، فما كان به إلا أن سارع للاجتماع مع رؤساء اتحادات البلديات في كل لبنان أو من يمثلهم، لإطلاعهم على حيثيات المشروع الذي يسعى لعرضه على الحكومة.

صحناوي: نحن الى جانب البلديات والكرة في ملعب وزارة المال

وفي هذا الاطار، يعرض صحناوي للمرحلة السابقة التي تولى خلالها باسيل وزارة الاتصالات واكتشاف الأخير تحوّل أموال الضريبة على القيمة المضافة التي تتم جبايتها لصالح البلديات على فاتورة الخليوي، الى وزارة المال، دون تسجيل دين لصالح البلديات في الموازنات، وهذا ما توقّف عنده وزراء التيار الوطني الحر عندما دخلوا الى الحكومة، ما دفع بباسيل الى ارسال مراسلات عديدة لمجلس الوزراء، فأقرّ وزير المال حينذاك محمد شطح بوجود أموال مستحقة للبلديات ويجب الاعتراف بها.

يوضح صحناوي في حديثه لـ”الانتقاد” أن “هذه الاموال اليوم موجودة في حساب في مصرف لبنان، لكن وزارة الاتصالات لا تستطيع توزيعها لأن نصّ القانون لا يحدّد أي جدول يجب اعتماده، فهو يتحدّث عن أن هذه المبالغ توزّع داخل النطاق البلدي أو خارجه، وسابقاً كان القانون يشتمل فقط على الهاتف الثابت وليس الخليوي، ما يطرح أهمية تحديد النطاق البلدي للخليوي في ظلّ عدم تسجيل عناوين آلاف المواطنين، مع التنبّه الى مسألة تنقل المشتركين في أكثر من بقعة جغرافية، وهو الأمر الذي يحتاج الى توضيح”.

ويشير صحناوي الى أن مشروع القانون الذي رفعه الاثنين الماضي الى مجلس الوزراء بغية مناقشته يتضمن:

ـ جدول توزيع الاموال، من خلال الاعتماد على جدول الصندوق البلدي المستقلّ الذي يحقق الإنماء المتوازن ويستند الى مبدأ قيد النفوس.

ـ إنشاء مؤسسة تنمية محلية تودع فيها كل الأموال، فتأخذ كل بلدية حصتها منها على أساس الجدول المتبع.

وعن كيفية صرف الاموال التي بلغت ملياراً ومئتي مليون دولار ينص مشروع القانون على تقسيمها على النحو الآتي:

– 600 مليون دولار يوزع منها 100 مليون دولار كل ثلاثة أشهر.
– 600 مليون دولار تعطى لمؤسسة التنمية المحلية عند إنشائها، لتمويل المشاريع البلدية (معمل نفايات، تشجير منطقة، نقل مشترك، صرف صحي، مشاريع الطاقة الشمسية أو البديلة) التي تتجاوز النطاق الجغرافي الضيّق لكل بلدية.

لا تضارب بالصلاحيات بين وزارتي الاتصالات والداخلية في هذا المشروع، يؤكد صحناوي، فهناك ثلاثة وزراء معنيون بالمشروع وهم وزراء الاتصالات والداخلية والمال، ويضيف أن ” وزارته تحرّكت لأن الاموال بحوزتها”، مشدداً على “وجوب أن يحصل التوافق على المشروع والا لن يقرّ” ورامياً الكرة في ملعب وزارة المال.

واذ يصف ما حصل في أموال البلديات بـ”الفضيحة الكبرى”، يتهم صحناوي حزب المستقبل بـ”صرف أموال البلديات خلال السنوات السابقة على الدين العام وعلى شركة “سوكلين” بلا قانون وحسابات، وبدون إذن حتى”.

“سأقوم بجولة على كل المعنيين والأفرقاء السياسين وسأعمل على تمرير هذا المشروع، وسأحارب لإنجاحه، فنحن الى جانب البلديات ونسعى لإعادة الاموال اليها”، يقول صحناوي الذي يتحدّث عن “تأخر في هذا الملف بسبب وزارة المال التي تردّد أنها تدفع عن البلديات مبالغ طائلة كل عام، لكن معظمها يذهب للنفايات”، مشيراً الى “أننا كتكتل تغيير واصلاح لسنا متحمسين لدفع فواتير “سوكلين” لوزارة المال عبر الصندوق البلدي، في حين أننا نعرف أن لا أحد سأل البلديات رأيها، ولا يمكننا التغاضي عن وضع متراكم عبر سنوات وأن نعتبر أن لا وجود لاي شبهات في هذا الملفّ”.

نحاس: المشروع رافعة أساسية للتنمية المحلية المناطقية

سلف صحناوي في وزارة الاتصالات، الوزير السابق شربل نحاس يشرح لـ”الانتقاد” أن “هذه الأموال كانت تسلب من البلديات منذ سنة 1994 عند البدء بتشغيل الخليوي حتى سنة 2011 ، وتأخذها وزارة المالية ولا تسجّل في حساب البلديات، ما يعني أنها دين متوجب على وزارة الاتصالات للبلديات”، ويقول “لقد قمنا أثناء تولينا هذه الحقيبة باحتساب قيمة هذه الديون ورصدت تلك المبالغ لهذا الغرض في حساب خاص في مصرف لبنان وعادت الامور الى نصابها”.

ويضيف نحاس أن “دراسة كيفية توزيع الاموال تمّت بشكل مفصّل وهي بكلّ بساطة تقوم على آلية الاحتساب ذاتها التي تطبق على توزيع الصندوق البلدي المستقلّ”، ويوضح أن “هذا المبلغ (مليار و200 مليون دولار) الكبير جداً يفوق القدرات الآنية المتاحة للبلديات وقدرة البلديات على استخدامه بشكل مجدٍ لأن الحاجات الفعلية على مستوى الخدمات المحلية من صرف صحي أو نقل عام أو تأهيل بعض المواقع التي تمّ تشويهها من خلال الكسارات أو عمليات تلوّث، تفوق بكثير النطاق الضيّق لكلّ بلدية على حدى لأنها تشمل مناطق أوسع بكثير”، ويتابع “لذلك طرحنا أن يستخدم هذا المبلغ على شكل رأس مال لمصرف إنماء محلي تملكه البلديات يكون قادراً على تمويل مشاريع تنموية محلية تشمل مناطق مختلفة وتخدم فعلياً حاجات هذه المناطق”.

ويعتبر نحاس أن “هذا الأمر يمثّل دون أي شكّ رافعة أساسية للتنمية المحلية المناطقية”، آملاً أن “يُفوّق الوزير صحناوي فالمشروع يلبّي حاجات المواطن”، متمنياً على “البلديات والمواطنين أن يقوموا بما يتوجّب عليهم في هذا الاطار لتحسس مسؤولياتهم واغتنام هذه الفرصة”.

ويوضح نحاس توزع المسؤولية في هذا الملف بين اكثر من وزارة، مشيراًً الى أن “وزارة الداخلية لديها الوصاية المباشرة على البلديات وهي تقوم بمسؤولية إدارية عبر الرقابة، في حين أن دور وزارة الاتصالات تأمين التمويل”، ويستشهد هنا بـ”تحمّس وزير الداخلية السابق زياد بارود عند طرح هذا الموضوع في حكومة الحريري”، آملاً من وزير الداخلية الحالي مروان شربل أن يكون كذلك أيضاً.

المطلوب، بحسب نحاس، من وزارة المال توضيح موقفها حيال هذا الامر، خاصة أنها “كانت تضع يدها زوراً” على تلك الاموال وتصرفها لغايات غير التي حدّدت لأجلها، داعيا الوزارة الى “عدم عرقلة المشروع، وأن لا تستغلّ فضيحة “سوكلين” التي نهبت أموال البلديات بتعطيل هذا الموضوع الحيوي”.

ويتحدّث نحاس عن عراقيل واجهها عندما عمد الى فتح حساب مالي للبلديات في مصرف لبنان، ويلفت أيضاً الى أن “وزيرة المال السابقة ريا الحسن كانت متفهمة لأهمية هذا الامر لكن من دون الوصول الى حسمه نظراً للضغوط السياسية التي كانت تتعرض لها” علماً ان الحسن نفسها شنت مؤخراً حملة على مشروع صحناوي.

نحاس يشبه “عمليات السطو على أموال البلديات بما يحصل اليوم في موضوع قطع الحساب الذي يشكّل مخالفة موصوفة لأن الاموال كانت تسجّل وكأنها عائدة الى وزارة المال أي الى الخزينة المركزية في حين أنها من حق البلديات”، ويستغرب “عدم ورود أي إشارة لهذا الموضوع في مشروع القانون الصادر مؤخراً عن قطع الحساب”.

وقّع وزير المال محمد الصفدي
مشروع مرسوم توزيع
 عائدات الصندوق البلدي المستقل
 للعام 2010 في تاريخ 1/12/2011

الخنسا: ملاحظات على اعتماد قيد النفوس في توزيع الأموال

رئيس اتحاد بلديات الضاحية محمد الخنسا (أبو سعيد) يصف “الاجتماع البلدي” الذي عقد مع وزير الاتصالات الاسبوع الماضي بـ”الجيّد”، ويروي لـ”الانتقاد” بعضاً من مداولات الجلسة التي تمحورت حول “أن المال هو من حق البلديات ولا يجوز التصرف به من قبل أي جهة كانت دون موافقة البلديات المعنية، والمطلوب توزيع المبالغ كاملة لأنها في الأصل للبلديات، لاسيّما أن أي مشروع تنموي يحتاج الى تمويل كبير”.

ويضيف الخنسا أن “ممثلي المجالس البلدية أعلنوا بالإجماع رفضهم القاطع لفكرة أن تعطى شركة “سوكلين” جزءا من هذه الاموال، على اعتبار أنها تأخذ أساساً من الصندوق البلدي المستقل دون حسيب أو رقيب، فهي تعبّئ وتسعّر دون مراجعة البلديات”، ويلفت الى أن “هذا الموضوع أثير أيضاً في اجتماع عقد بين ممثلي البلديات ورئيس الحكومة نجيب الحكومة ووزير الداخلية مروان شربل قبل أيام”.

ويسجل الخنسا اعتراضاً على اعتماد مبدأ قيد النفوس في توزيع الأموال، متسائلاً “هل يُعقل أن تكون البلدية التي تحوي 200 أو 300 ألف مواطن، ولديها في قيد النفوس 40 ألف مواطن كما هو الحال في مناطق الغبيري وبرج البراجنة وحارة حريك وسن الفيل والمريجه أن تعامل معاملة تستند الى قيود النفوس”، ويوضح أنه “تمّ اقتراح أن تكون نسبة التوزيع على صعيد الوحدات السكنية التي تعدّ دليلاً على عدد الموجودين، وهو ما سيدرسه مجلس الوزراء”.

وإذ يؤكد أهمية المشروع الذي يعيد للبلديات حقوقها، يعتبر الخنسا ان “كلّ طرح لا يرعى توزيع المال على البلديات مباشرة مرفوض لأن البلديات ليست قاصرة بل هي مركز من مراكز التنمية المهمة في البلد”.

رفعنا الكثير من الشكاوى سابقاً حول أموال البلديات المستحقة، يقول أبو سعيد الخنسا، وهو يعرب عن اعتقاده بـ”وجود جهات لا تريد أن تكون هناك شخصيات إدارية ومالية مستقلة للبلديات”، ويأسف الى أنه “في الوقت الذي يُدرس مشروع اللامركزية الادارية، هناك عقليات مركزية كبيرة في أوساط الحكم اللبناني تضرّ بالمشروع الخاص بالبلديات”، ويرى أنه “آن الاوان لاعتبار البلديات من المحطات التنموية الكبيرة فلو تمّ إحصاء ما قامت به هذه الجهات على مدى الـ14 سنة الماضية لوجدنا أن هناك إنماءً ضخماً حصل في البلد تعجز عنه وزارات رسمية كبيرة”.

وينبّه الخنسا الى أنه “حتى الآن لا وجود لمركز دراسات استراتيجي خاص بالبلديات ولا مرجعية تطالب بالحقوق البلدية أيضاً، ولا تحديد واضحاً لآلية العمل في الصندوق البلدي المستقلّ”.
_______________________________________________________________

بتاريخ 2011/12/12 ، اتفق صحناوي وشربل على التشاور مع
 الصفدي بهدف وضع صيغة ترفع الى مجلس الوزراء لإقرارها،
 بغية توزيع الدفعة الاولى من الاموال
 المستحقة للبلديات من الهاتف الخليوي، على أن يجري بموازاة ذلك استكمال خطوات
 تفعيل وصاية وزارة الداخلية على الصندوق البلدي المستقل وإنشاء صندوق للتنمية المحلية

 
البلديات ترفع مطالبها الى ميقاتي

عقد مؤخراً اجتماع ضم رئيس الحكومة ووزير الداخلية ورؤساء ممثلي المجالس البلدية تناول مشروع اللامركزية الادارية وحقوق البلديات وتم خلاله تشكيل لجنة مؤلفة من بلديات الغبيري وذوق مكايل وزحلة وطرابلس كمنتدبين للمطالبة بحقوقهم لدى الاوساط الرسمية. كما رفعت ورقة عمل الى ميقاتي تضمنت جملة من المطالب من بينها موضوع عائدات الهاتف الخليوي والصندوق البلدي المستقلّ الذي يجب أن يكون واضحاً، والتعاميم المخالفة للقوانين والتي ترسلها بعض الجهات. إضافة الى القيود الروتينية التي تفرض على البلديات من بعض الجهات الحكومية، فضلاً عن موضوع التعاطي مع رؤساء المجالس البلدية المنتخبة ومن ينوب عنهم، لناحية حقوقهم المادية والمعنوية”.

تحقيق:لطيفة الحسيني

تصوير:موسى الحسيني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.