ندوة في البترون عن دور البلديات بالتنمية

0

نظمت رابطة البترون الانمائية والثقافية ندوة بعنوان دور البلديات في التنمية، وهي الثانية في إطار ندوات شهر أيار الثقافية التي تنظمها تحت شعار لبنان وطن الشركة والمحبة.
تحدث في الندوة وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال الدكتور سليم الصايغ والنائب أحمد فتفت، وأدارتها رئيسة الرابطة الدكتورة أودين سلوم، في حضور أنطوان حرب ممثلا وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال بطرس حرب، النائب سامر سعاده، السفير طنوس عون، المدير العام للشؤون البلدية في وزارة الداخلية والبلديات خليل حجل، قائمقام البترون روجيه طوبيا، مديرة الوكالة الوطنية للاعلام لور سليمان صعب، رئيس اتحاد بلديات منطقة البترون طنوس الفغالي ورؤساء بلديات واعضاء مجالس بلدية، رئيس رابطة مخاتير منطقة البترون جوزيف ابي فاضل وعدد من المخاتير، مأمور نفوس دوما شليطا خوري، ممثلي احزاب وتيارات سياسية، رؤساء وممثلي جمعيات واندية وهيئات وحشد من المدعوين والمهتمين بالاضافة الى اعضاء الرابطة واصدقاءها.
سلوم
بعد النشيد الوطني ونشيد الرابطة، ألقت سلوم كلمة تقديم وترحيب، واعتبرت أن التنمية المحلية هي القدرة على الاستفادة من مصادر البيئة البشرية والمادية المتوافرة، وزيادة تلك المصادر بما يعود نفعه على جميع أفراد المجتمع. وأكدت ان البلديات تلعب دورا اساسيا في عملية التنمية هذه، وهي قامت في الأساس من أجل تحقيقها على المستوى المحلي، فآفاق العمل البلدي أوسع من أي تحديد. وشددت على تعزيز دور البلديات ومدها بالوسائل الكفيلة باثراء مسيرتها لتحقيق مصلحة المجتمع.

الصايغ
ثم تحدث الصايغ عن العهد الجديد الذي قد يكتب للبنان مع انتخاب البطريرك مار بشاره بطرس الراعي، الذي قد أوحى وأنبأ الينا ان هناك في لبنان عهدا جديدا ستبزغ شمسه ان شاء الله قريبا على الدولة والشعب. لكن كذلك الزمن الذي نعيش فيه هو زمن المتغيرات الكبرى ولا بد من قراءة دور البلدية في التنمية في زمن هذه المتغيرات.
وقال: المتغير الأول في عالمنا وفي جيلنا هو العولمة حيث تمكن الاقتصاد والنمو من الايديولوجيات بشكل عام، وحتى كادا ان يتمكنا من دور الدولة التقليدي الراعي ودور الدولة المركزي الذي تنحصر فيه كل السلطات ومنه تنبثق كل السياسات التنموية، اقتصادية كانت ام اجتماعية. انما زمن العولمة قد أعطى للدولة دورا آخر حيث انحسرت الدولة من الدور الناظم الراعي الى دور الدولة المنسق بشكل عام للأمور، وانبثق الانسان في عهد العولمة ككائن متمكن اكثر فأكثر، متطلب أكثر فاكثر، واع ومدرك أكثر لحقوقه وبين يديه كامل المعرفة وكامل الامكانية للوصول الى أعلى المرتبات الاجتماعية أو العلمية. انه زمن الانترنت والعلم والتربية والتغير الاجتماعي الذي ربط الناس ببعضهم بطريقة تختلف عن تلك الطريق العامودية التي تعودنا عليها، وهكذا أصبح الانسان مرتبطا بأخيه الانسان من خارج الوطن وبشكل عفوي مما هدد كل البنى التحتية الوسطية التي ربطت تقليديا الانسان في أبعد قرية او مدينة بالسلطة المركزية في الدول التقليدية. وهكذا كان لا بد، ومع تمكن الانسان من الحصول أكثر فأكثر على مقدراته، من أن يتعزز دور العائلة والمجتمع الذي من خلاله يسعى الانسان الى النمو والى الانطلاق، فتعززت السلطة المحلية. وبالتالي نمى دور البلديات في العالم وأصبحنا نتكلم أكثر فأكثر عن السلطة اللامركزية وعن اعطاء هذه الصلاحيات التي كانت في عهدة الدولة المركزية أكثر فأكثر الى السلطات المحلية لأنها تدرك حاجات الانسان، وبامكانها الرد عليها ومعالجتها دون الرجوع دائما الى البنى الأعلى أي البنى التحتية أو السلطات العليا في دولة ما. وهذا المتغير الأول فرض على السلطة المركزية وعلى البلدية أن تقوم بدور جديد متجدد لم تكن مؤهلة له ولم تكن متدربة عليه في جيل مضى.
أضاف: أما المتغير الثاني فهو الثورات الاقليمية التي نعيش والتي تعصف من حولنا وقد تعصف بنا. وهذه الثورات، ان دلت على شيء، فهي تدل على أن التنمية لا يمكن أن تكون فقط سعيا وراء الارتزاق، اذ لم نر أي ثورة أو أي انتفاضة أو أي يوم غضب يطالب الدولة بعمل أو بمكافحة الفقر او بالدخول الى حاجات الانسان المادية. ان الانسان يسعى الى الاحترام، السلطة وان أعطته المادة تبقى كرامته قبل كل شيء، ليس فقط أن يعمل بل أن يعمل في بيئته التي ترعرع فيها، وهنا ندخل الى اشكالية تنمية الريف والى اشكالية ابقاء القروي والفلاح والمنتج والعامل، كما ابقاء رجل العلم والموظف في البيئة التي انطلق منها، فلا يهاجر ضمن وطنه ويصبح في غربة عن وطنه. وهذا يطرح اشكالية الانتماء الى الوطن، لأنه عندما تهاجر من قريتك تصبح في غربة عن وطنك وهنا تطرح ايضا مشكلة الولاء. فكيف تريد من الناس ان يكون ولاؤهم للدولة وللوطن وهم لا ينتمون الى الوطن والدولة لأنهم قد تركوا البيئة التي ترعرعوا فيها وأصبحت بيروت بالنسبة اليهم كما باريس، كما لندن واوستراليا، هم مهاجرون. هذه الاشكالية القديمة نقرؤها أكثر في الثورات، اسمعوا بكل صدق ومن دون افكار مسبقة وقراءات ايديولوجية بعض الشيء الى واقع الامور، اسمعوا حقيقة صراخ الشعوب ومطالبها فتسمعوا الصرخة الواحدة: نريد الانسان المتمكن من بناء نفسه المادية والمعنوية والروحية.
تابع: المتغير الثالث هو تعطيل الدولة في لبنان، اذ نحن نتكلم عن التنمية وعن بناء الانسان وعن دور الدولة وتفاعلها مع السلطة المحلية او مع البلدية، والدولة في لبنان معطلة ولا انتظام للحياة السياسية، نحن في حكومة لم تستطع ان تتمتع لاكثر من ثلاثة اشهر ببعض الاستقرار السياسي، وهذا أمر غير طبيعي، ونحن مطلوب منا ان ننتج تنمية محلية واقتصادية واجتماعية في كل مناطق لبنان.
وقال: الوزير الذي يريد أن يقدم وينفذ التزامهم الوطني والسياسي هو وزير فدائي. ولكن القضية حلوة وعملية بناء الانسان بالتعاون مع البلديات هي رحلة جميلة لأنه على الرغم من الانقسام السياسي الحاد، جاء التشجيع دائما من البلديات والسلطات المحلية التي كانت تطلب منا دائما اهتمام الدولة حيث ان هناك شغف وتعطش للتشبيك مع الدولة اللبنانية.
واكد أن ليس هناك من لبناني او تنظيم او سلطة محلية لبنانية يتصور أن يكون رديفا للدولة اللبنانية. وهناك مشاهدات عينية، أن السلطة المحلية تطلب الخبرة من الدولة، لأن ليس لديها الخبرة التقنية ولا الموارد البشرية التي تؤمن استمرارية نوعية للمشاريع التنموية، وكذلك في أغلب الاحيان، وفي الريف، ليس لديها الموارد المادية لكي تتمكن من اكمال عملية التنمية، وهناك عينات في عكار والجنوب وحتى في عمق جبل لبنان، فهناك حاجة مثلثة الأبعاد للدولة اللبنانية، بالموارد البشرية والمادية والخبرات، من اجل التنمية ولتنفيذ المشاريع المتقدمة. من هنا من واجبنا كدولة ان نتجرأ ونقدم وأن نسعى لاعتماد سياسة تنموية محلية، وهذا يعود في السلطات الى وزارة الداخلية والقائمقام الذي يعطيه القانون مسؤولية التنمية المحلية، لكن ليس في اليد حيلة، فهناك ضعف الامكانات ومشاكل الصندوق البلدي وكل هذه المسائل تطرح اشكالية تعطيل الدولة التي تضرب الانتظام الطبيعي للتنمية المحلية. ولكن بالرغم من هذا الأمر، استطاعت البلديات، اما لوحدها منفردة واما من خلال اتحادات او تجمعات خارج الاتحادات، من صياغة بعض المشاريع المتكاملة والمشاريع التنموية.
وعلق أهمية كبرى على الشراكة الحقيقية بين البلديات والدولة كما حصل بين وزارة الشؤون الاجتماعية والبلديات في انشاء المشاريع في مختلف المناطق، والتأسيس على هذه المبادرات يحصن المجتمع ضد اي انهيار سياسي او غيره في ظل تعطيل الدولة.
وختم الصايغ: البطريرك قال بالشركة والمحبة، ونحن لا نستطيع الا أن نؤيده في ذلك، لكن لا بد ان نشرح مفهوم الشراكة لنطوره نحو الحق، اذ لا يمكن أن تكون شراكة بين اللصوص وقطاع الطرق والفاسدين، ولكي تصلح الشراكة والمحبة يجب ان يكونا على الحق والحقيقة.
فتفت
ثم كانت مداخلة للنائب فتفت قال فيها: البلدية هي الادارة المحلية الفعلية، ولذلك فانها تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والاداري في نطاق قانون البلديات (المادة 1). وقد اعتبر القانون أن كل عمل ذي طابع أو منفعة عامة، في النطاق البلدي، هو من اختصاص المجلس البلدي (المادة 48). أما مجال صلاحيات المجلس البلدي المحددة في المادة 49 من القانون، فتكاد تكون شاملة لكل شؤون الحياة في النطاق البلدي، اما بشكل مستقل تماما مع رقابة ادارية، واما بالتعاون مع التنظيم المدني في ما خص الطرق والحدائق والمخطط التوجيهي. واذا ما تمعنا في حيثيات المادة 49 المذكورة، نرى أنه ما من شأن ذات طابع انمائي الا والقرار يعود فيه في نهاية الامر الى المجلس البلدي.
أضاف: بالطبع هذا الكلام القانوني المحض يصطدم بالواقع التطبيقي بخلفياته السياسية والمالية والادارية على الصعيد السياسي المحلي والعام وعلى الصعيدين الاداري والمالي.
وعرض لنقاط توضيحية للاطار القانوني والمعوقات الفعلية للعمل الانمائي للبلديات، طارحا اسئلة حول تفعيل الدور الانمائي المحلي، وقد يكون السؤال أشمل بمعنى تفعيل العمل البلدي بشكل عام.
تابع: قانون البلديات ممتاز نظريا مثل الكثير من القوانين اللبنانية والتي تكشف حدودها وعجزها، لا في النص بل في ارادة التطبيق اداريا وسياسيا. والبداية يجب أن تكون من ايصال عناصر فاعلة للمجالس البلدية تتمتع بحد أدنى من المقومات العلمية لتسمح لها بأن تستوعب وتفعل الامكانات القانونية، ولكن هذا لا يكفي اذ أن ثقافة العمل البلدي هي نوع من التعلم المستمر لرئيس المجلس البلدي والاعضاء، ولكن ايضا للادارة وللمواطن وهنا تكمن المسؤولية الكبرى للبرامج التربوية وللاعلام بشتى وسائله، كما للخطاب السياسي الرسمي والحزبي، بالاضافة الى الكفاءة الادارية والمالية، لأن تمكين العنصر البلدي قانونيا واداريا يمكنه ليس فقط من الادارة الرشيدة بل من كسب ثقة المواطنين ودعمهم ومن الحد من سطوة الادارة الرسمية على عمله، كما تمكنه من استيعاب الامكانات الانمائية الحديثة مثل متطلبات المشاريع الانمائية الدولية عبر السفارات أو المنظمات غير الحكومية.. ان هذا العمل التثقيفي يجب أن يشمل ايضا الادارة المشرفة وحتى المواطنين لدورهم الفاعل في دعم وافشال العمل البلدي وهنا الثقافة السياسية، بالمعنى الايجابي أي التي تحمل مشروع تطور للمجتمع، هي الاساس في كل ما يطرح.
ورأى أنه على الصعيد المالي لا بد من الاقرار أن الاشكاليات عديدة ويجب وضع النقاط على الحروف فيها لتأمين حاجات الانماء المحلي. فالجباية المحلية هي مشكلة المشاكل حيث قلما يعتبر المواطن وتحديدا في القرى أن هذه الجباية هي لمصلحته، وكثيرا ما يعتبرها ضريبة اضافية للدولة ولا مانع من التهرب منها. واذا كانت الثقافة البلدية مهمة هنا، الا أن اشتراك المواطنين في النشاطات والقرارات واظهار شفافية كبرى في الشأن المالي يساعدان على حث المواطنين على القيام بواجباتهم. أما توزيع مخصصات البلديات عبر الصندوق البلدي المستقل التي تتم بقرار وزير الداخلية تنفذه وزارة المال عبر معادلة تأخذ بعين الاعتبار عدد السكان وحصيلة الجباية المحلية مما يعني أن من لديه يعطي ويزاد وربما يجب اعادة النظر فيه لأنه يزيد بعض البلديات غنى والأخرى فقرا خصوصا في الريف… كما يجب ايجاد موارد اضافية لهذا الصندوق وحلول لتوزيع العائدات للبلديات من الهاتف الخلوي والتي تبلغ حاليا مليار دولار وهذا يتطلب ايضا تفعيل الرقابة المالية على البلديات ليس للعرقلة بل لمضاعفة الانتاج.
وتناول اشراك البلديات واتحادات البلديات في رسم السياسات التنموية المحلية ان وجدت وليس فقط استطلاع رأيي حول بعض المشاريع وآليات التنفيذ التي تغرق فيها البلديات. وهنا يبدو طرح اللامركزية أو اللاحصرية الادارية المنصوص عليها في الطائف أساسي جدا اذ يوفر دورا مساهما في رسم السياسات المحلية للمجالس المحلية في الأقضية والمحافظات المتشابكة مع المجالس البلدية.
وختم فتفت مثمنا للرابطة طرحها هذا الموضوع الاساسي في وقت نتهاتر فيه في ما يسمى السياسة الكبرى مع علمنا في كثير من الأحيان أننا لسنا اصحاب قرار كامل فيها، فيما الشأن البلدي هو شأننا اليومي ولا نأليه ما يستحق من اهتمام.

تكريم الفغالي
بعد الندوة كرمت الرابطة رئيس اتحاد بلديات منطقة البترون طنوس الفغالي تقديرا لنشاطه وعمله وجهوده على المستويات كافة. وبعدما ثمنت سلوم المشاريع والاعمال التي يقوم بها، ألقى مؤسس الرابطة الدكتور سمير ابي صالح كلمة نوه بها باندفاع الفغالي وعطاءاته في منطقة البترون على مستوى البنى التحتية والطرق والصرف الصحي ومعالجة النفايات.
ثم قدم ابي صالح درع الرابطة لفغالي الذي شكر الرابطة على مبادرته، مؤكدا ان العمل البلدي يجب أن يكون دائما في خدمة المواطن والقرى والبلدات والمدن والمجتمعات وتمنى أن لا يبقى القانون ضد تنفيذ المشاريع التنموية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.