رأسمسقا.. حربها مع التلوّث لا تنتهي

0

صحيفة البناء اللبنانية ـ
فاديا دعبول:
تمتد بلدة رأسمسقا الكورانية عقاريا من منتجع الناعورة غرباً (شمالي القلمون) وصولاً إلى جسر البحصاص (بوابة طرابلس الجنوبية). وهي تشمل من الجهتين الجنوبية والشرقية مناطق : بكمرا، البحصاص، الهيكلية، رأسمسقا الشمالية، رأسمسقا الجنوبية وضهر العين، لتصل حتى السامرية وتقف عند حدود بلدتي بتوراتيج والنخلة، على ارتفاع يقارب المئتي متر عن سطح البحر.
أمّا اسمها فيعني «أعلى مكان»، وهي تشرف على نبع ماء معروف بأبي حلقة الفوار، تشرب منه مدينة طرابلس حتى اليوم.
تقدّر المساحة الاجمالية للبلدة بألفٍ ومئة هكتارٍ تقريباً، وعدد المقيمين فيها حوالى خمسة عشر ألف نسمة، بينهم ثلاثون بالمئة من الاهالي الاصليين، وسبعون بالمئة من الامتداد الطبيعي لمدينة طرابلس ومناطق أخرى، ويتراوح عدد الناخبين في رأسمسقا حوالى ألفٍ ومئتي ناخبٍ.
كانت البلدة محصورة في رأسمسقا الشمالية، وكانت موطن «بكوات» آل ناجي، وأراضيها مملوكة من قبلهم وموروثة من جدهم الباشا في زمن العثمانيين، وقد كان آخرهم زكي بك ناجي الذي تولّى منصب مدير ناحية حتى العام 1930. ومنذ مئتي سنة تقريباً، انتقل قسم من أبناء البلدة واجتازوا وادي أبو حلقة جنوباً، وهناك اشتروا قطعة أرضٍ في بلدة برسا، وبنوا بيوتهم فيها، ولازمتهم تسمية بلدتهم الى أن تثبتت في المساحة عام 1930، وبذلك أصبحت رأسمسقا تتألف من شطرين شمالي وجنوبي ولها شيخ صلح واحد، هو الشيخ ميخائيل القاري، ثم عُيِّنَ لها مختاراً كان مركزه الشطر الجنوبي.
في أواسط الأربعينات من القرن الماضي، سعى أبناء رأسمسقا الشمالية إلى نزع الاسم عن الشطر الجنوبي وتسميته حارة النقر، وطالبوا بمختار مستقل لهم، وبدأت التدخلات إلى أن حسم الأمر أواخر الاربعينات، وبقيت رأسمسقا واحدة بشطريها، ولها اليوم مجلس بلدي مؤلّف من تسعة أعضاء، ثلاثة من رأسمسقا الشمالية وستة من الجنوبية، ويترأسه جورج القاري ونائبه زياد خالد عبدو، ولكل من شطريها مختار وهما نزيه ابراهيم نخول، وسمير عمر عبدو. ولمنطقة ضهر العين مختار هو إيلي مسعود طانس. أمّا البحصاص فمختارها هو طوني جرجس عريضة.
وفي رأسمسقا مراكز تربوية وجامعية، ومستشفيات ومراكز تجارية، ومنتجعات بحرية سياحية، وفنادق ومطاعم، ومصانع ومعامل أهمها: «مستشفى هيكل، فرع الجامعة اليسوعية، مبنى الجامعة اللبنانية الموحد في مون ميشال، الجامعة اللبنانية الدولية، الجامعة الكندية ـ الحريري، ثانوية القلبين الأقدسين، معهد سان بازيل للتجميل، الثانوية الرسمية، سوبرماركت بو خليل، تعاونية قاديشا…إلخ».
وعلى طريق ضهرالعين الرئيسية ثمانية مجمّعات سكنية، عدد شققها يناهز الخمسمئة وخمسين شقةٍ تقريباً، إضافة إلى مجمّعات سكنيةٍ أخرى قائمة في منطقة الهيكلية، والمطل الازرق المشرف مباشرة على البحر.
رئيس البلدية
في لقاء موسّع لـ«البناء» مع رئيس مجلس بلدية رأسمسقا جرجس خازن القاري، استعرض أهم إنجازات المجلس على جميع الأصعدة، كما تطرّق إلى المشاريع والاعمال التي يقوم بها والخطط المستقبلية للبلدة، متوقفاً عند العراقيل التي تعترض العمل الانمائي العام، وتحول دون تحقيق الحاجات الملحّة للمواطنين.
ملفات كثيرة في جعبة الرئيس القاري، جميعها موثّق ومدروس، يتابعها بدقة للوصول إلى النتيجة المرجوّة كي يرتاح، هو الذي يتابع الامور بتفاصيلها بنفسه، ويحضر الى المجلس دائما قبل الموظفين، ويتفقّد أحوال البلدة بشكل مستمر، لتكون رأسمسقا نموذجية كما يتمنى.
ملف النفايات
ملفه الأول والأخطر هو مشكلة النفايات، التي تتكبد البلدية مصاريف باهظة للتخلص منها، عن طريق نقلها يومياً من كل أنحاء المنطقة إلى محلّة عدرة في قضاء الضنية، وقد بلغت كلفتها الشهرية ثلاثة عشرة مليوناً وخمسمئة ألف ليرة لبنانية تقريباً، جرّاء إقفال مكبّ حامات.
وتمنّى القاري على اتحاد بلديات الكورة، «الاسراع في إيجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلة إثر الدراسات التي يقوم بها، لأنه لا يمكن الاستمرار مع هذا الواقع المُكلِف مادياً، والمُضِّر بيئياً».
مياه الكورة المبتذلة
وانتقل القاري إلى قضية المياه المبتذلة، التي تعاني منها البلدة كثيراً مع بداية فصل الصيف، بسبب عدم وجود شبكة عامة في القضاء، ما يرتدّ ضرراً بالغاً على رأسمسقا، حيث تجري المياه الآسنة من بلدات الكورة في الوديان التي تمرّ في البلدة، أو جرّاء تفريغ أصحاب الحفر الصحية مياههم هذه عبر صهاريج خاصة في المنطقة.
ولتدارك الأخطار البيئية والتخفيف من آثار التلوث، تقوم البلدية بمكافحة الحشرات خصوصاً «البرغش» طيلة الفترة الواقعة بين شهري أيار وتشرين الثاني من كل سنة في الاودية وبين المنازل، عبر رشّ المبيدات والمازوت والزيت المحروق. وتصل كلفة هذه الحملة إلى سبعة ملايين ل. ل. في الشهر الواحد، بما فيه ثمن الادوية ومعدات ووسائل الرش، وأكّد أنه «كان بالامكان الاستغناء عن هذه الأعباء لو أن الدولة وضعت برنامجاً خاصاً لهذه المشكلة، وعملت على مدّ شبكة كاملة لقرى القضاء، تصب في معمل للتكرير يراعي الشروط البيئية».
واعتبر القاري أن «بلدة رأسمسقا من أكثر البلدات المتضررة على مستوى هذا الملف بسبب ما تحتويه من مجمعات سكنية ضخمة على طريق ضهر العين، حيث تجري مياهها المبتذلة مباشرة في وادي هاب، إضافة إلى المياه التي تصلها من بطرام، مروراً بعابا، وصولاً إلى مجرى الوادي».
وأضاف القاري في حديثه إلى «البناء»: «كما إن المنتجعات البحرية وعددها عشرة، تملك جميعها محطات لتكرير مياهها المبتذلة، إنما مع الاسف لا يتمّ اللجوء إلى تلك المحطات من قبل أي من هذه المنتجعات، باستثناء منتجعَيْ «بالما» و«ناجي بيتش»، ما يتسبب في تلوث مياه البحر».
ووصف القاري وزارة البيئة بـ»«الوزارة الاقوى بين الوزارات التي يجب أن تقوم بمهامها بشكل فاعل»، آملاً أن ««تلعب دورها المطلوب في المستقبل، ما يريح البلديات في بعض المواقع، إذ أنها حالياً لا تأخذ بعين الاعتبار الأضرار التي تسببها المنتجعات البحرية من تلوث لمياه البحر». ودعا القاري وزارة البيئة إلى «اتخاذ التدابير اللازمة بحق المخالفين رحمة بالبحر وثماره من التلوث».
مشروع مياه الشفة
وفي موضوع مياه الشفة لفت القاري إلى ««أنه تمّ مؤخراً استجرار المياه من البئر الارتوازية المحفورة في كسارة الأحدب قديماً (ملك وقف مار يعقوب دده) بعد موافقة المتروبوليت افرام كرياكوس، راعي أبرشية طرابلس والكورة وتوابعهما، بغية وصلها بالقساطل العامة، خصوصاً مؤسسة مياه الكورة، لتصبح كمية المياه الاجمالية كافية بنسبة 90 % لأهالي البلدة، بعد أن عطّلت شركة «أوبري بوبليتشي» المتعهدة أعمال تمديدات مياه الشفة، الذي كان مخصصاً للبلدة بموجب عقد موقع بين مجلس الإنماء والإعمار، ممثلاً الدولة اللبنانية، والشركة متعهدة الاشغال بتاريخ 28/ 8/ 2007 على أن تكون مهلة التنفيذ ثمانية عشر شهراً متوجبة الانتهاء بتاريخ 12/ 8/ 2009. إلا أن الشركة قامت ببعض الأعمال من القلمون باتجاه البحصاص بشكل سيء، ما شكّل معاناة لدى الأهالي، وصدمة قوية للبلدة. وعلى الرغم من المراجعات وشرح العيوب للوزير المختص، لم يتلق المجلس البلدي أي جواب أو ردّ، وتراكمت الأضرار في المنازل المجاورة للأعمال، وفي المحال التجارية، وفي المصالح، بسبب انقطاع الطريق التي تنفذ عليها الاشغال، وعلت صرخات المواطنين للتعويض عن خسائرهم».
وراجع القاري مع الأهالي مدير الشركة المتعهدة الذي قال: «نحن لزّمنا العمل»، ولدى مراجعة الملتزم قال: ««سأتعرض للخسارة في المشروع، يكفيني أني أسدد رشىً (برطيل) بنسبة 5 %»، من دون أن نعرف لمن يسدد الملتزم هذا «البرطيل» وما هي مسؤولية الأهالي إذا دفعه؟ ومن يعوّض عليهم خسارتهم جرّاء التأخير في التنفيذ؟
وشدّد القاري، بعد المعاناة الطويلة مع هذا المشروع الذي لم يبصر النورحتى الساعة، على «أن البلدية لن تسمح بأية اعمال جديدة في المنطقة من دون أن يكون لها دور فني وتقني مع الشركة ومجلس الإنماء والإعمار ومكتب المراقبة، وأن الاهالي سيقفون في وجه كل متعهد إذا لم يكونوا على علمٍ ويقينٍ بالمدة المحددة للتنفيذ، لأنهم غير مستعدين لتحمّل مشقاتٍ جديدةٍ».
وتمنى القاري أن «يفسخ العقد، خصوصاً أن مجلس الإنماء والإعمار لا يعطي أي معلومات حول المشروع الذي يلفّه الغموضٌ، ومصيره مجهولٌ بين إمكانية المتابعة به، أو الغائه».
في الشأن الانساني والاجتماعي
في الشأن الانساني والاجتماعي تناول القاري آخر نشاطات المجلس، من حيث «شراء سيارة خاصة بالخدمات الانسانية، لنقل المرضى من وإلى المستشفيات، وكذلك لنقل الموتى من جميع الأحياء التابعة للمنطقة العقارية لرأسمسقا، وهذه السيارة موضوعة في خدمة من يرغب في استعمالها لهاتين الغايتين».
وتطرّق إلى «مساهمات البلدية الفعّالة في جميع النشاطات الاجتماعية والرياضية والمدرسية، وتكريم الأمهات في عيدهن خلال حفل غذاء أقيم في مطعم جسر رشعين، برعاية القائمقام، حيث كرّمت البلدية أكثر من تسعين أمّا».
كما أشار إلى تنظيم المعلومات الجغرافية، لتسهيل العمل البلدي وقد أعدّه الدكتور كمال عازار.
وأعلن القاري أن «البلدية أقدمت حالياً على تنظيم البناء وفقاً للمخطط التوجيهي الذي اقترن بموافقة رئيس الجمهورية، والتنظيم المدني يطبّق مضمونه الذي يمنع إقامة تجمّعات سكنية، ويفرض مساحات خضراء بين العقارات، للحفاظ على الطابع القروي، لأن البلدة اصبحت تشكّل حيّاً من أحياء طرابلس بسبب الامتداد العمراني».
أزمة السير
وإشكالية الجسر
وتطرّق القاري إلى «أزمة السير التي تشهدها البلدة يومياً بسبب الكثافة السكانية، على الرغم من وجود ثلاثة رجال من شرطة البلدية، يؤمّنون السير على مداخل مستشفى هيكل، وثانوية القلبين الأقدسين، وداخل البلدة، إلا أن هذا غير كافٍ، ونحن بحاجة إلى عناصر أكثر من الشرطة، لتنظيم السير وتسهيله أمام السيارات، إضافة إلى مؤازرة عناصر مخفر ضهر العين من وقت إلى آخر».
وأمل «أن تتراجع مشاكل السير في البلدة عندما تنجز شركة «هومن» المتعهدة القسم من الطريق الواقعة بين ضهر العين والبحصاص، التي تسلكها السيارات القادمة من قرى وبلدات الكورة نزولاً إلى طرابلس وبالعكس». وإذ يثني القاري على جهود الشركة، ويقدّر لها أعمالها، فإنه يتمنى عليها السرعة في التنفيذ.
وحول سبل التخلص من ازدحام السير عند مدخل البحصاص، ركّز القاري على «ضرورة إنشاء جسر علوي كان مقرراً بين مستشفى السلام في طرابلس والبحصاص، وهو السبيل الوحيد لحلّ هذه الأزمة، إلا أنه كغيره يعتبر من المشاريع التي لا تحظى بلدة رأسمسقا بنيلها، إذ سبق أن وضع وزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي حجر الأساس لمشروع الجسر، وعاد وعلم أن ركائزه ستقوم على البنى التحتية، فتراجع عنه بانتظار إعداد دراسات جديدة، علماً أن الأموال مرصودة له، والبلدية تتابع باستمرار مع وزارة الاشغال العامة والنقل، وبلدية طرابلس، للسير في المشروع الجديد، وهو إقامة جسر بين البحصاص و«سوبرماركت بو خليل»، إلا أن المتابعة لم تُجْدِ نفعاً، وانقطع مؤخراً التواصل مع بلدية طرابلس، جرّاء عدم التعاون في تنفيذ هذا المشروع الحيوي لأبناء الكورة بشكل خاص، والشمال بشكل عام».
غلاييني
في اتصال لـ«البناء» مع الدكتور خير الدين غلايني، المسؤول عن الدراسات المتعلقة بجسر البحصاص قال: «لا أسباب تقنية تحول دون التنفيذ، إنما المطلوب مراجعة الرئيس السابق لمجلس بلدية طرابلس رشيد جمالي، لأنه على اطلاع وثيق بأسباب تأخير التنفيذ، وقد بوشرت الدراسات في عهده».
جمالي
وبادرت «البناء» إلى الاتصال بجمالي، الذي أوضح إشكالية الجسر عند المدخل الجنوبي لمدينة طرابلس فقال: «عند انتهاء الدراسة ومحاولة تلزيم مواقع العمل للمتعهد، ظهرت كميات ضخمة من البنى التحتية تحت الموقع منها: مجارير لتصريف لمياه الامطار، شبكة صرف صحي، خطّين لمياه الشفة تتغذى منهما المدينة، كابلات توتر عالي، شبكة هاتف، ولأن الجسر يقع فوق هذه الانشاءات، ما يجعل عملية الحفر مستحيلة، استدعى ذلك من الوزارة الغاء المشروع وإعداد دراسات جديدة بديلة».
وأضاف جمالي: «أعدت دراسات بديلة بتوجيه من الوزارة ومجلس بلدية طرابلس، وكنت حينها رئيسا للبلدية، إلا أن هذه الدراسات واجهتها اعتراضات من قبل مكاتب هندسية بحجة أنها غير ناجحة، ولم يتمّ التلزيم، على الرغم من أن الاعتمادات ملحوظة في وزارة الاشغال العامة والنقل، والوزير غازي العريضي كان ملتزماً بتأمين الحلول المناسبة».
ولفت جمالي إلى «أن ثمّة إمكانية لتقديم حلول مناسبة، إنما يتطلب ذلك حسم إستملاكات كثيرة، الاعتمادات غير مرصودة لها، كما تتطلب المزيد من الوقت والمتابعة».
وعرض لحلّ أزمة السير بشكل فعّال ونهائي، و«ضرورة تلازم تنفيذ جسر البحصاص – سوبرماركت بو خليل، مع تنفيذ الجسر الملحوظ بين أبي سمرا وضهر العين، في ظلّ وجود الحزام الشرقي لمدينة طرابلس، الذي يمتدّ من وادي هاب، قاطعاً أبي سمرا ليعبر إلى القبة».
مشاريع عمرانية
وعلى الصعيد العمراني تقوم البلدية حالياً، كما قال القاري لـ«البناء»، من ضمن برنامج عمل يعتمد توسيع المداخل الشرقية للبلدة، الاول:
«مدخل رأسمسقا ـ ضهر العين، والثاني جامع رأسمسقا الشمالية باتجاه طريق عام البحصاص ـ ضهر العين، وتتناول أعمال التوسيع هذه زيادة عرض الطريق من خمسة أمتار إلى عشرة مع بناء جدران جانبية من الاسمنت المسلح، وتلبيسها بحجارة خاصة لتجميلها».
مشاريع مستقبلية
واستعرض القاري بعض المشاريع المستقبلية والدراسات التي يهمّ البلدية أن تقوم بها في القريب العاجل عند توافر السيولة المادية اللازمة وأهمها: «دراسة توسيع الجسر القائم بين رأسمسقا وضهر العين، وإمكانية تنفيذه خلال الصيف المقبل لتتلاءم وضعيته مع وضعية الطريق الجديدة، دراسة أعمال تزفيت بعض طرق المنطقة. دراسة تنفيذ بعض جدران الدعم في ضهر العين وغيرها من منطقة رأسمسقا العقارية».
أهم الإنجازات البلدية
أما أهم ما أنجزه المجلس البلدي من مشاريع عمرانية، فقد استعرضها القاري بشكل سريع وهي: «تنفيذ طريق كنيسة مارجرجس، تنظيم مداخل البلدة، تجميل
الجدران، إقامة الساحة العامة في رأسمسقا الشمالية، بناء حيّ خاص بكنيسة القديسة بربارة للحفاظ على التراث القديم، تنفيذ جسر رأسمسقا بقيمة 125 مليون ليرة لبنانية على نفقة البلدية الخاصة، من دون أن تساهم وزارة الاشغال في أعماله، على الرغم من أن الطريق مصنّفة تحت اسم البحصاص ـ رأسمسقا ـ برسا».
وختم القاري متمنياً «تحقيق المزيد من المشاريع الانمائية الضرورية للبلدة، وأن تزول كل العراقيل التي تعترض مسيرة العمل العام في سبيل تقديم كل ما هو أفضل للمواطنين، ولرفع شأن البلدة أسوة بالبلدات المتحضرة».
وأثناء تجولها في البلدة، التقت «البناء» بعض الاهالي الذين يقطنون قرب وادي هاب ومنهم:
فضول
جورج فضول الذي نقل معاناة أهله وجيرانه من «التلوث الذي يحيط بهم والروائح الكريهة التي يحملها الوادي إليهم جرّاء المياه المبتذلة التي تصب فيها من كل قرى القضاء والبيوت المجاورة والمشاريع السكنية، حيث أن الحياة لم تعد تحتمل، وهم صيفاً ينتقلون من المنطقة لأن السكن شتاء تعتريه صعوبات، فكيف تكون الحال خلال فصل الصيف، مع ازدياد الحر والحشرات والبرغش؟».
واستغرب كيف «يشرب أبناء طرابلس من المياه الجوفية التي تصلهم من نبع وادي هاب، وفوقها تمر أنهار من المجارير من دون أن يتحرك لهم ساكن؟ وبشهادة الجميع، إن مياه الشفة ملوثة جراء اختلاطها بالمياه المبتذلة، والتي كثيراً ما تسبب في إصابات لسكان المدينة، أمّا المسؤولون فغائبون».
مطانيوس
من جهته أطلع حنا مطانيوس «البناء» على «أن منطقة ضهر العين كانت حيّاً صغيراً، وكانت تملك المدرسة الرسمية فيها مشروع مجارير خاص بها ينتهي بمصفاة، ويعمل وفق مواصفات تقنية عالية، ويصبّ عند الوادي، إلى أن تحوّلت ضهر العين إلى مدينة عمرانية ضخمة، تضمّ مجمّعات سكنية، وشققاً لا تحصى، ونتيجة تكاثر السكان وانعدام وجود شبكة صرف صحي عامة، لجأ بعض الاهالي إلى الحفر الصحية، والبعض منهم تركوا المجارير تنساب مباشرة إلى الوادي من دون رقيب أو حسيب، والبعض الآخر حوّلوا المجارير إلى مشروع المدرسة الذي لم يعد يستوعب كثافة السكان، ففقد دوره، أما الروائح المنبعثة من الوادي فهي خير شاهد على فداحة المشكلة، ومياه المجارير في الوادي تروي الحكاية».
ولفت إلى «أنه ذات مرة كشف الوزير نجيب ميقاتي – عندما تسلم وزارة الاشغال العامة والنقل – على الموقع بسبب ما أصاب أبناء طرابلس من حالات تسمم لشربهم المياه التي تختلط بالمياه المبتذلة في وادي هاب، وحتى اليوم لا يزال الوضع على حاله، بل يزداد سوءاً وتلويثاً وضرراً على الجميع».
وتمنى «أن تهتم الوزارات المعنية بحماية المواطن، لا أن تقضي عليه، خصوصاً أنه سبق لنا مع أهالي الحي أن تقدمنا أمام المحافظ بادعاءٍ على ما يلحقنا من أضرار جرّاء الملوثات في الوادي، فكانت النتيجة أن نظّمت وزارة الصحة محاضر ضبط فينا، وحمّلونا المسؤولية كلها».
يبقى أن نقول: «إن بلدة رأسمسقا تشكل نموذجاً حيّاً عن قضاء الكورة، الذي يعاني إجحافاً كبيراً من ناحية اهتمام المسؤولين به، والذي يحتاج إلى رعاية فائقة من قبل الدولة اللبنانية خصوصاً أن أهاليها مسالمون، ويقومون بواجباتهم كلها تجاهها».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.