افتتاح مكتبة الجامعة اللبنانية في قانا: بلدة الصلابة وام المناعة والثبات

0

اقيم في بلدة قانا حفل افتتاح مكتبة الجامعة اللبنانية برعاية رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور زهير شكر – المقدمة بمساهمة من الجامعة اللبنانية، في القصر البلدي للبلدة، في حضور ممثل حركة “امل” رئيس المكتب التربوي المركزي الدكتور حسن زين الدين، رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة الدكتور شربل كفوري، رئيس مجلس المندوبين الدكتور وسيم حجازي، عمداء، مديري أساتذة الجامعة، رئيس بلدية قانا المحامي محمد عطية وحشد من المهتمين.

استهل الإحتفال بالنشيد الوطني ونشيد الجامعة اللبنانية وقدم للخطباء عضو مجلس بلدية قانا محمد اسماعيل.

عطية

والقى رئيس بلدية قانا محمد عطية كلمة قال فيها: “كنا ضيوفا على السماء ونيسان يسكن الذاكرة وعلى جدار الجرح ينبت الزهر، استوطن الشهداء المدى. وعلى الجمر بنينا أبراج المستحيل.. سيفا لامعا يشتهي الإستشهاد قبضته تسمى بلادي. المكان هنا، والشهداء هنا، أسماؤهم حدود الحرية. سيفنا والقلم، سيفنا موال يغسله الشفق، ويبلله مطر الفداء فينساب على وجه قانا وردا وانبعاثا والقلم حلم السنبلات الخضر، ومحبرة في كف الشمس تكتب أسرار الحروف. قانا ذكرى الشهادة تفتح اليوم صرحا للثقافة والمعرفة، وعما قليل تطل علينا الكلمة وتسطع علينا الحياة”.

واستذكر العام 2007 “حين قصدت حضرة رئيس الجامعة اللبنانية فلم أفاجأ بالحماسة التي شاركنا بها في ما بعد رئيس الرابطة. هؤلاء الفرسان أساتذة وموظفين الذين تبرعوا من رواياتهم وأرادوا لاسم الجامعة اللبنانية أن يرفع عاليا على صرح ثقافي في قانا العام 1996 تحت عنوان “مكتبة الجامعة اللبنانية”، وبالإصرار نفسه وبعد نحو عشرة اعوام أردناه نحن وساما يعلق على صدر قانا. وتحقق الحلم فكان مركزها في هذا القصر البلدي الذي كان حلما من أساطير الخيال وكانت مساهمتهم كخبز المسيح الذي تبارك فأطعم العشرات. والصدى يكشف في عين اللغات شمس الكتاب”.

وقال: “في زمن تنام فيه الكتب على خد المساء والرفوف تعبت من حملها، وغابت الأيدي التي تقلب الصفحات والأعين الشاخصة الى انها تتدفق بالمعرفة والثقافة.ان افتتاح مكتبة الجامعة اللبنانية في قانا فجر يدق باب الشروق، فالكتاب مصباح يضيء الطريق للأجيال، ينمي فيها روح المعرفة، ويفتح أمامها آفاقا لتبني شخصيتها الثقافية”.

كفوري

بدوره، قال الدكتور شربل كفوري: “أن نفتتح مكتبة يعني ان نعمل على بناء إنسان عاقل، حر، واع ومسؤول، مثل هذا الإنسان هو من نفتقر اليه، ومن نتوق الى بنائه، دعما لمجتمع في سبيل وطن عزيز، وان تكون هذه المكتبة في قانا، يعني ان دماء الشهداء وبخاصة الأطفال، بدأت تزهر وتثمر اشتعال كرامات ونضال رجالات ومجد وطن”.

وأضاف: “قانا.. قانا.. فيك أعلن يسوع الوهيته في عرسك الشهير، وفيك أشرق نور الشهادة والبطولة، وهذه المكتبة اليوم، إعلان وفاء من الجامعة اللبنانية، الجامعة الأم، اليك يا أم الشهداء وأمة المقاومة”.

واعتبر ان “المقاومة ليست بندقية ومدفعا وزنودا فحسب، المقاومة ايضا بالمعرفة تكون، بالعقل تشرق وبالثقافة تقوم! فالعقل يخطط بناء على معرفة أصيلة معمقة. الثقافة ترفد العقل وهو يوجه. المواجهات بالسلاح، وبالكتاب. إعرف لتربح. المعرفة سلام فتاك في خاصرة عدوك. بها ترتقي وتنجح”.

اضاف:” نحن، أساتذة الجامعة اللبنانية الأصيلة، ما أسهمنا في هذا المشروع الوطني الثقافي المعرفي، إلا لترسيخ هذه القناعات. فنحن وقانا معا في سبيل لبنان المعرفة المقاومة”.

شكر

بدوره، قال شكر: “شاءك الله أن تكوني قانا، إبنة التاريخ، أرض الطهر، مهد أول أعجوبة للمسيح. شاءك الله أن تكوني عالية وأن تسددي الأثمان مواقف وتضحيات. وأي الصور تتجلى في الأذهان وتخترق الألباب حين يذكر إسم قانا. صور الصلابة أم المناعة والثبات، أم التشبث والصمود ،أم البطولة والفداء؟ ملاحم العطاء قدرك وخط آيات الفداء سيرتك ورايات البطولة أعلامك، فأي مجد تحملين، وأي احترام تنالين، وأي أجداث تحضنين، وأي مكانة ترتعين، وأي سدرة تتربعين. ولأنك قانا أبى التراب فيك إلا أن يتلون بلونك قانيا أحمرا فأديت قسطك بالوغى، قسطا ما كان أكرم في سداده موقع، ورفعت إسمك عاليا حتى بدا رمزا يجسد كل حب ووفاء”.

وتابع: “هكذا أنت أيتها البلدة النقية بطهرها، الكبيرة بأهلها، العظيمة بشهدائها، الوفية بوطنيتها، الغنية برجالها ومقاومتها. وفخر لنا أن نكون اليوم في ربوع قانا الطاهرة مع أهلها الميامين وأبنائها البررة، وفخر للجامعة اللبنانية ولأهلها من أساتذة وموظفين الذين بادروا منذ اليوم الأول لمحنتها العام 1996 بالإسهام بنسبة مقتطعة من رواتبهم لبناء مكتبة تستكمل اليوم بتجهيزها وتزويدها بكتب بعضها من منشورات الجامعة وبعضها تم شراؤه من دور نشر لبنانية، هادفين في هذه المبادرة لأن يكون للجامعة اللبنانية في بلدة قانا ما يثبت حضورها فيها وما يؤكد حضور هذه البلدة الدائم في الجامعة اللبنانية”.

واشار الى “ان اختيارنا لمكتبة فيها لمعرفتنا بابنائها المثقفين والمتعلمين الذين نعرف منهم عددا وفيرا برع ونبغ في مجالات متعددة في العلم والأدب والثقافة كما نعرف توقهم للقراءة والإطلاع”.

واضاف: “إن بلدة مشى على ترابها السيد المسيح، وعانى أبناء حسينيتها مرارة القهر والظلم والقتل والتدمير لهي جديرة بالاحترام والاهتمام وجديرة بأن تكون محطة رعاية وعناية المسؤولين، لأنها لم تكن في كل إعصار إلا في قلب العاصفة واقفة متصدية، وإن ما مر عليها من محن شداد استهدفت وجودها وتماسكها هو دليل مقامها ومكانتها ودليل صلابة أبنائها وثباتهم في حبهم للوطن والإخلاص له، وكانت كما عهدها بارة في كل مرة، تخرج من حروبها منتصرة بإرادة التماسك والتمسك بالأرض وإن غلا الثمن وارتفع، لأننا نعرف ما يكنه أبناؤها لها من محبة ووفاء، وها هي اليوم تعود مضمدة جراحها باسمة مشرقة بعزيمة الإصرار والتحدي فتنطلق مع سائر قرى الجنوب محافظة على قيم التعايش وكرامة الأرض”.

وقال: “إذا كان من كلمة تحاكي أصالة أبناء هذه البلدة الطيبة وسعيهم من أجل العلم وتحقيق الأمثل بغية الوصول إلى ما يرجوه الإنسان من عزة ورقي ونجاح فهي مقولة للإمام علي “عليه السلام” تتطابق وأهداف أبناء هذه الأرض:”إذا مر بي يوم ولم أستفد فيه علما ولم أصطنع يدا فما ذاك من عمري. من هنا كانت مكتبة الجامعة اللبنانية في بلدية قانا، هذه البلدية التي ضمت نخبة من المثقفين العاملين على تحقيق غاية مثلى في التطوير والتقدم”.

اضاف: “تأتي زيارتنا لبلدة قانا متزامنة مع الذكرى السنوية للمجزرة التي استهدفتها في الثامن عشر من نيسان العام 1996 يوم انتصر الدم على السيف ودونت قانا بدمائها أسمى آيات الإستشهاد والبطولة، يومها تأكد للعالم كله أن العدو الإسرائيلي هو أوهن من أن يواجه المقاومين فصب جام غضبه على الأطفال والنساء والرضع، وكعادته في ارتكاب المجازر لم يبال بدماء الأبرياء ولا بحق الشعوب، ولا يزال يقوم بانتهاكات يومية على مرأى العالم اجمع غير مكترث بقرارات دولية، مبيحا لنفسه هتك كل المحرمات في تحديه السافر الذي يؤكد يوما بعد يوم أنه كيان غاصب ولا يؤمن له جانب”.

وختم: “إن الإرادة التي تمتلك العزم هي إرادة قادرة على تخطي كل الظروف القاهرة والمحن الأليمة، وهي إرادة أثبتت أن العيش برفاه لا يكون إلا من تضحيات، وإن العيش الرغيد لا بد وأن يكون لأجله ضريبة، وضريبته كانت في الجنوب غالية وفي هذه البلدة باهظة وفي أكثر من موقعة وأكثر من تاريخ”.

وشكر بلدية قانا رئيسا ومجلسا ل”سعيها الدؤوب من أجل التطوير والبناء”، وشكر جميع الحاضرين من قانا والبلدات المجاورة وجميع ممثلي هيئات المجتمع المدني الذين أحسنوا وفادتنا واستقبالنا في هذا اليوم الأغر.

بعد ذلك، قص شكر والحضور الرسمي شريط الإفتتاح، وقدم رئيس بلدية قانا دروعا تقديرية لرئيس الجامعة ثم جال الجميع على أقسام المكتبة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.