مكبّ نفايات صيدا في مجلس الوزراء

0

صحيفة الأخبار ـ
خالد الغربي:
منذ فترة ورئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي يهمس في آذان مقرّبين منه «ليس في وسعي الاستمرار في رئاسة البلدية ما لم ينجز موضوع إزالة مكبّ النفايات». في العلن كان السعودي يعلن أن «الوعود الانتخابية ستنجز قريباً، وعلاقته مع القوى السياسية الداعمة للبلدية ممتازة». همس السعودي تحوّل إلى ما يشبه الإعلان في اجتماع المجلس البلدي الأخير، عندما شرح هواجسه المتعلقة بعدم تحقيق وعود انتخابية كان قد قبِل على أساسها خوض الانتخابات البلدية قبل عام وأربعة أشهر. وبحسب مصادر من داخل المجلس البلدي، ختم السعودي شكواه بعبارة «قد أجد نفسي مضطراً إلى عقد مؤتمر صحافي أعلن فيه استقالتي من رئاسة البلدية، إذا لم نتقدم في حل مشكلات المدينة، وخاصة مشكلة مكبّ النفايات». كلام السعودي فتح باب الاجتهادات. فهل تلويحه بالاستقالة مجرد «كلام عابر»، أم انه وصل إلى طريق مسدود ونقطة اللاعودة؟
يوم الأحد الماضي، أمام مكب النفايات في صيدا، جرى سباق سيارات. كان لافتاً أن بلدية صيدا رفعت في المكان لافتات تشكو من عراقيل حكومية ومن وزارة البيئة لإنشاء السد البحري من أجل المباشرة في إزالة مكبّ النفايات. وقد استغلت البلدية هذا النشاط لتشنّ هجومها على الحكومة الحالية، رغم أنها امتنعت عن إطلاق كلام مماثل في ظل حكومة كان يرأسها ابن صيدا الرئيس سعد الحريري، وكان وزير بيئتها محمد رحال، «المستقبلي» حتى العظم. لاحقاً، تبيّن أن اللافتات المرفوعة كانت لحرف الأنظار عن هواجس رئيس بلدية صيدا وشعوره بأن «أهل البيت» قد خذلوه، بعدما لمس أنه ضُلِّل في موضوع قرب إقامة السد البحري. وهو أعلن سابقاً، خلال رئاسة الحريري للحكومة، موعد وضع الحجر الأساس لهذا المشروع، من دون أن يتحقق ذلك.
وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن السعودي لمّح خلال حديثه أمام أعضاء المجلس البلدي إلى عدم التعاون الذي لاقاه من «الجميع»، مذكّراً بالبرنامج الانتخابي والتعهدات التي خاض على أساسها معركته ضد اللائحة المدعومة من النائب السابق أسامة سعد، ومركّزاً على ثلاث مسائل بيئية: أولاً، معالجة المياه الآسنة التي تصبّ منذ عقود في البحر ملوّثة مياهه. وقد أشار السعودي في حديثه إلى أن قسماً كبيراً من المشروع قد تحقق، «علماً بأني قلت إن تحرير الشاطئ من مياه المجارير انتهينا منه بالمجمل». ثانياً، قضية معمل فرز النفايات وتشغيله، وهو ما أشار إليه في كلامه من خلال القول «قضية المعمل ذهبت إلى التحكيم القضائي، وحلّ قضيته مسألة لا يعلمها إلا الله»، لافتاً إلى أن البلدية كان باستطاعتها وضع يدها على المعمل وتشغيله، وهو ما فهمه بعض أعضاء المجلس البلدي تشكيكاً في نيّات الفريق السياسي الداعم للبلدية لجهة حسم موضوع معالجة معمل الفرز.
أما القضية الأبرز التي تشغل بال السعودي، فتتمثل في مكب النفايات، وهو ما يراه رئيس المجلس البلدي لصيدا «امتحانه الأصعب» في رئاسته للبلدية وتحقيق وعوده الانتخابية. وهو كان يأمل الانتهاء من هذا الملف وتحقيق إنجاز سريع. «خلال حملتنا وعدت الناس والمنازل التي زرتها بتخليصهم من هذه الكارثة وإزالة المكب» يقول السعودي الذي كان قد أبلغه قبل شهر الرئيس فؤاد السنيورة والنائبة بهية الحريري وآخرون، بعد استفساره عن الأشواط التي قطعتها مراحل العمل من أجل المباشرة في إقامة السد البحري، أن الملف انتهى والعمل جار على قدم وساق، وبعد عيد الفطر ستبدأ المباشرة الميدانية لتنفيذ المشروع».
وفيما أشارت مصادر مقرّبة من النائبة بهية الحريري إلى وجود «عراقيل وممارسات كيدية من قبل الحكومة الحالية، وأن ملف السد البحري عالق في وزارة البيئة»، سأل عضو «نشيط» في المجلس البلدي لصيدا، في حديث مع «الأخبار»: «لماذا نرمي الكرة في ملعب الوزير ناظم الخوري وهو من حصة رئيس الجمهورية؟ ولماذا نتهم حكومة عمرها أشهر، فيما الملف مطروح منذ حكومة الرئيس سعد الحريري؟ وأين كان الوزير محمد رحال الذي غسل يديه من الملف وأحاله على المدير العام للنقل عبد الحفيظ القيسي؟ ألم يكن في وسع وزير تيار المستقبل إنهاء الملف؟».
وقد تلقّى السعودي، خلال اجتماع المجلس البلدي عينه، دعماً من عدد من أعضاء المجلس البلدي الذين أبلغوه أنهم مستعدون للاستقالة معه إذا لم يبدأ العمل على إزالة مكبّ النفايات.
ويبدو أن «انتفاضة» السعودي غير العلنية أتت أكلها، إذ أكدت مصادر في المجلس البلدي لـ«الأخبار» أن مشكلة مكبّ النفايات سلكت طريقها إلى الحل، وأن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير البيئة ناظم الخوري باشرا الإجراءات اللازمة لحل القضية. وقال الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري لـ«الأخبار» إن حل المشكلة لم يعد بحاجة إلا إلى جلسة «طبيعية» لمجلس الوزراء يُتّخذ فيها قرار المباشرة في الأعمال.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.