تصدّع بلديّة طرابلس يزداد: غزال يكابش السياسيّين

0

صحيفة الأخبار ـ
عبد الكافي الصمد:

انفجر الاحتقان المتراكم منذ أشهر داخل بلدية طرابلس دراماتيكياً، بعد تصعيد المواجهة الكلامية بين رئيس البلدية نادر غزال وأعضاء في المجلس البلدي، تزامناً مع إشكال فردي وقع بين غزال وأحد موظفي البلدية. فذلك الإشكال لم ينته مباشرة، بل تطور إلى نقدٍ مباشر وجّهَه غزال إلى كل من الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي، لأنهما زكّيا «شبيحة» و«بلطجية» لعضوية المجلس البلدي!
وبات واضحاً في ضوء التطورات الأخيرة أن الجرّة قد انكسرت تماماً بين غزال و14 عضواً يمثلون أكثرية معارضة في وجهه داخل المجلس البلدي، منتمين إلى أغلب الاتجاهات السياسية. وإعادة «تلزيق» الجرة بحاجة إلى جهود كبيرة لم تكن تجد سابقاً من يبذلها، بعدما ترك السياسيون ــــ الذين أتوا بمجلس بلدي توافقي ــــ الأمورَ تُدار على علّاتها من غير أن يتدخلوا، إلى أن وجد الجميع أن الأمور وصلت إلى حائط مسدود.
التجاذبات داخل المجلس البلدي وحوله، والتي تجاوزت السقوف المرسومة لها، دلّت على أن الأمور باتت مفتوحة على كل الاحتمالات، سواء في التوصل إلى تسوية مؤقتة أو دائمة للأزمة، أو في اللجوء إلى آخر الدواء، أي فرط عقد المجلس البلدي الحالي. فغياب الانسجام بين رئيس البلدية وأعضائها بات العنوان الأبرز للمرحلة في عاصمة الشمال، وإنْ كانت لذلك حسابات ومحاذير متشابكة ومعقدة، أغلبها متعلق باستحقاق 2013 النيابي.
لكن الداعين إلى تغيير رئيس بلدية طرابلس بآخر، على خلفية أنه لم «يُقلّع» في عمله كما يجب، وأطاح مكتسبات وغطاء التوافق الذي جاء به، يرون أنه يجب أن تكون إلى جانب حكومة ميقاتي بلدية تعمل على استنهاض المدينة لمواجهة الاستحقاق الانتخابي، بدل أن تكون «ثغرة» تسبّب إضاعة كل الجهود التي تبذل. غير أن سؤالاً مُلحّاً طرح في هذا الإطار، فحواه مدى جدية طرح إجراء انتخابات بلدية فرعية في طرابلس إذا فرط المجلس البلدي الحالي، وهل نتائجها مضمونة؟
وسط هذا الكباش داخل البلدية، جاءت تطورات الأسبوع الماضي لتجعل الكيل يفيض بما فيه، بدءاً باعتراض بعض الأعضاء على اقتطاع البلدية مبلغاً مالياً خلال مهرجان العيد الذي نُظّم في حديقة الملك فهد، مروراً بالإشكال الذي نشب أول من أمس بين غزال وأحد موظفي البلدية، فضلاً عن الإشكال الذي نشب أمس بين شرطة البلدية وبعض أصحاب البسطات قرب مستديرة نهر أبو علي. ووصلت الأمور إلى ذروتها مع الكلام اللافت الذي أطلقه غزال في حق بعض الأعضاء والقوى السياسية في ختام مهرجان العيد مساء الأحد، ما دلّ على أن القلوب الملآنة لم تعد قادرة على استيعاب المزيد.
فالاعتراض الذي سجله 7 أعضاء متوّزعي الانتماءات السياسية على اقتطاع البلدية 5 آلاف ليرة على كل شخص كان يريد الدخول إلى الحديقة استمر فصولاً، بعدما رأى هؤلاء الأعضاء أن «ما قام به غزال غير قانوني، ويعدّ تفرداً منه بسلطته». لكن غزال ردّ بأنهم «نسوا أن دورهم في المجلس البلدي تقريري استشاري يقترح عبر اللجان التي لم تعقد».
هذا السجال أعقبه إشكال وقع أول من أمس بين غزال وموظف البلدية خضر صبح الذي رفض، حسب مصادر بلدية، قرار غزال إبعاده عن مركزه الأخير في التفتيش ونقله إلى العمل في مرأب البلدية، فحصل تلاسن كاد يتطور إلى تضارب لو لم يتدخل بعض الأعضاء الذين كانوا موجودين.
تطور الأمور على هذا النحو دفع غزال، الذي كان غائباً عن السمع، إلى رفع دعوى قضائية ضد صبح، قبل أن يتدخل النائب محمد كبارة وأحمد صبح (وجيه عائلة صبح) لحل المشكلة، بعدما أشارت مصادر بلدية إلى أن خضر صبح «استعان به رئيس البلدية لمواجهة عضو البلدية خالد صبح، لكون غزال يعتبر الأخير رأس حربة ضده، لكن الخلاف دبّ بينهما لاحقاً».
خالد صبح الذي أكد أن «ما حصل لم تتضح ملابساته لنا بعد»، ورفض التعرض لمقام رئيس البلدية، استغرب أن «ينزل غزال إلى هذا المستوى، عدا عن تطاوله على أعضاء البلدية، واستمراره في مخالفة القانون، ما سيجعلنا نعدّ لاتخاذ إجراءات لمنعه من هدر المال العام». وأكد صبح أنه «رغم الكيدية ضدي، فإنني وزملائي مستمرون في مسيرة تصحيح أداء البلدية، ومستعدون لفتح كل الملفات وإقامة مناظرة بيننا وبين غزال».
بدورها، أكدت عضو البلدية فضيلة فتال «أننا حريصون على مقام الرئيس، لكن غزال لا يحرص عليه بتصرفاته وأقواله»، وأن «ما يقوم به معيب وغير حضاري».
في غضون ذلك، شنّ غزال هجوماً غير مسبوق على معارضيه داخل البلدية، عندما أكد أنه «لن نسكت بعد اليوم على المخالفات والتطاول على حرمات الناس وكرامتهم»، معتبراً أنه «مما عمى على أعينهم أنهم في جلّهم ممن زكّاهم الرئيس ميقاتي والوزير الصفدي، وها هم يتهجمون على فرحة الأطفال وعلى بسمة الأهالي تحت ظل حقد لم نر له مثيلاً من قبل، وكيدية نادرة ضد رئيس البلدية». وتعهد غزال بأنه «لن نسكت بعد الآن عن تجاوزاتهم وافتراءاتهم، وقد أثبتوا ضعفهم وأنهم كالخفافيش ينشطون عبر صفحات الفايسبوك ولا يواجهون». وإذ شدد غزال على أنه سيعمل «مع كوكبة من أعضاء المجلس البلدي الذين أتشرّف بالتعاون معهم، ولن نترك المجال لهؤلاء الخفافيش ليعبثوا بقضايا أبناء المدينة»، فإنه حاول إبقاء علاقة الحد الأدنى مع ميقاتي، مع أن أبرز معارضيه مقرّبون منه، عندما توجه إلى هؤلاء الأعضاء قائلاً: «إننا مع دولة «قولنا والعمل»، وسنعمل مع الرئيس نجيب ميقاتي ونسعى في سبيل النهوض بمدينتنا، بعدما تجاوزوا صلاحياتهم ليصلوا إلى مرحلة أعمت عيونهم».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.