الحريري من زحلة: مع إجراء الانتخابات البلدية وعلى الجميع النزول الى المجلس
لبى الرئيس سعد الحريري بعد ظهر اليوم دعوة رئيسة “الكتلة الشعبية” ميريام سكاف الى مأدلة غداء أقامتها على شرفه في فندق “القادري الكبير” في زحلة، حضرها النواب روبير غانم، عاصم عراجي، طوني ابو خاطر وزياد القادري، والسيدة منى الهراوي والمفتي خليل الميس وعدد من المطارنة ورجال الدين وفاعليات وشخصيات المدينة.
استهلت المأدبة بالنشيد الوطني، ثم ألقت سكاف الكلمة الآتية: “أرحب بالجميع في زحلة. اهلا بدولة الرئيس سعد الحريري في قلب زحلة، واهلا بمفعول رجعي بعودتك الى لبنان، الى بلدك، بلدنا الذي اصبح اليوم اكثر من اي وقت مضى بحاجة الى حضورك ودورك الوطني كما هو بحاجة الى كل زعيم وقيادي سياسي يقدم جهدا مضاعفا لوطن يستأهل منا كل التضحيات.
دولة الرئيس، زحلة التي زرعتها بالقلب، قلبها اليوم يتألم لأن ايلي سكاف كان يحب أن يتقدم صفوف الناس الذين يستقبلوك ويقومون بواجبهم تجاهك. كان بوده ان يهديك وردا لا يشبه ايام وجعه الصعبة، لكن ما اعرفه عن ايلي ان روحه في مدينته، وان هذه الروح لطالما كانت مسكونة في زحلة ستقول لك “يا مية اهلا”، هو حاضر معنا بكل تفصيل، عيناه علينا تعطياننا قوة لنسير على طريقه بخطى ثابتة لا تهزها أي مخاوف مهما كان مصدرها.
نستقبلك اليوم وما زلنا بالاسود، ما زال الحزن سيد موقفنا الانساني، لكن تأكد أنه بالموقف السياسي والوطني لن ندع الحزن يكسرنا ولا يتغلب على قراراتنا، عندما يجب ان نفرح سنفرح وعندما يجب ان “نضوي ضوينا”، وعندما يجب ان نعلن مواقف سنتخذها عن سابق قرار وتصميم. وكم نتمنى ان يكون أول خبر مفرح نعلنه للمواطنين غدا عبر نتائج الانتخابات البلدية، لان هذه المدينة بحاجة اليوم اكثر من اي وقت مضى الى ان نهتم بها خدماتيا، ونمد جسورا انمائية بعدما تقاعس البعض عن اداء دورهم “معليش بدهن يزعلوا مني كتار الان “سواء كان دورا نيابيا او دورا بلديا.
ويا للاسف، العمل البلدي بدأ يتراجع منذ أن بدأ الفساد يدق ابوابه، اي ان الانهيار كان بالقرار اللاحق وليس بالخيار السابق، ويجب ان نعوض الخطأ بفضيلة انتخابية تغييرية بالبلديات أولا، ولا اريد ان اظلم، ومعنا هنا اعضاء بلدية حاولوا ان يعملوا، ولكن لم يستطيعوا أن ينتجوا كثيرا، علما أنهم جربوا، ونوجه لهم التحية.
تصحيح الخطأ يكون بفضيلة انتخابية تغييرية بالبلديات اولا وبالانتخابات النيابية ثانيا، ومن العار ألا يكون امامنا الا خيار التمديد الثالث لمجلس النواب، وهنا دوركم دولة الرئيس أن تضعوا كل جهدكم في سبيل تحقيق هذا الهدف. ولا ينقصنا اي شيء لنؤكد للداخل وللخارج اننا قادرون وراشدون سياسيا ولسنا بحاجة الى وصاية”.
وأضافت: “دولة الرئيس، انت تعرف ان زحلة نسوها عن الخريطة السياسية، وهل اطلعك سعادة النواب اننا اصبحنا مغيبين عن القرارات الوطنية؟ نحن الذين عقدت الطاولات من دوننا وزاريا وحواريا، مع ان مدينتنا تتمتع بحصة وازنة نيابيا. ومن هنا، من زحلة تتم صناعة القرار كما صنعنا الكلمة وصرنا بيت القصيد، وكما خرجنا اجيالا ونخبا وفنانين وادباء جلسوا على ضفاف نهرها ينظمون الحرف على الحرف، وكانت مصدر إلهام من الجبل الى الوادي.
بحضورك اليوم نقول إن أهل زحلة سبق أن تبنوا شعار ايلي سكاف الذي وعدهم بسياج عال للمدينة لا يقفز عنه أحد. هذا السياج منع استغلال النفوذ لضعاف النفوس وابعد ارواحا كانت تنتحل صفات من اجل ان تصنع لها ادوارا، وشل أياد كانت تحاول توجيه صفعة للحضارة، ومن يومها زحلة يحسب لها الف حساب على الصعيد الشعبي، لكن كل هذا العنفوان لم يكن نفسه على مستوى التمثيل السياسي الذي ارتضى ان يكون خلف الكواليس”.
وتابعت: “نستغل مناسبة وجودك عندنا وانت معتاد الشكاوى وحمل المطالب، أول مطلب لنا هو الضغط لإجراء الانتخابات البلدية، لأنه من خلال هذا الجهد على صعيد المجالس المحلية نجعل الناس تتنفس، ومع تغيير الدم البلدي قد تصبح هناك حياة نابضة لمواطنين موجوعين، يسعون الى مزيد من الإنماء. فزحلة صدرت النور وتمكنت من ان تكون المدينة الوحيدة المضاءة ليلا ونهارا، تعالج نفاياتها في أرضها، وصارت نموذجا للاتكال على القدرات الذاتية، ولكن ما يعطل النمو والتقدم هو حاجز اللامركزية الادارية الذي نتمنى تخطيه بقوانين عصرية.
أما بقية المطالب فدولتك تعرفها، لكننا نؤكد بدورنا أن الكتلة الشعبية هي مع أي خيار توافقي يهتدي به الوطن على رئيسه، ويعرف طريق بعبدا الذي من المعيب ان تبقى تتبع زواريب اقليمية لم تعد تسأل عنا. طريق بعبدا أقرب من أي عاصمة خارجية، ويمكن أن نصل اليها ببعض التنازلات”.
وباركت “أي تحالفات هدفها مصلحة هذا البلد، وليس تسجيل نقاط سياسية ومزايدات على بعضنا البعض، ونحن نؤمن بالتنافس، ولكن الديموقراطية لها قواعد، وليس تحت سقف الديموقراطية نشل البلد ونتلاعب بابنائه ونحتفل بمرور الف يوم على التمديد ونبقى لـ 36 جلسة انتخابية بلا رئيس و8 اشهر تطمرنا النفايات، وتتحكم بهذه الازمة نفايات سياسية لا يجرؤ أحد على تسميتها باسمها”.
وقالت: “نحن نرى وطننا بعيون وطنية صافية، ليس فيها أي هدف سوى الاستقرار السياسي وتمتين السلم الاهلي الذي صار في أولوية القضايا”.
وأضافت: “دولة الرئيس، بقدر ما نرحب بك اليوم في مدينتنا، نريد منك ان يبقى قلبك على الوطن مثلما عودتنا، ونحيي فيك هذا الاداء المترفع عن أي حساسيات، والذي قدمته منذ عودتك، وكنت رجل دولة وفي الوقت نفسه زعيما سياسيا وشعبيا يتفقد ناسه، ويأتي اليهم ويصلي معهم ويغامر بأمنه لينضم الى جمهوره في صلاة الجمعة، من طرابلس الى الطريق الجديدة الى سعدنايل، ويثبت بأدائه انه مهما غاب قسرا عن بلده هو قادر على أن يعود ويلم الشمل تحت شعار “لبنان اولا” الذي يجب ان يتغلب على اي شعارات اخرى. نحييك ونشد على يدك، كلما كانت هذه اليد تداوي بلدنا وتصون وحدة ابنائه”.
وسألت: “ماذا تفيدنا الاصطفافات الخارجية غير المزيد من التشنج والتقسيم؟ ولماذا لا نؤسس لمرحلة نصبح فيها معتمدين على الذات السياسية الحرة، التي تتخذ قرارها بنفسها من دون أي وحي خارجي، وبالتالي من دون التطاول على الوطن؟ رحم الله والدك الذي قال: “ما حدا اكبر من بلدو”، كأن الرئيس الشهيد رفيق الحريري شرب من نبع البردوني لأن شعاراتنا في أيام ايلي سكاف واليوم، انه لا يمكن لأحد أن يتخطى مدينته، واذا تخطاها سيتعرض لخطر الوقوع عن جدرانها العالية”.
وختمت: “نشكرك دولة الرئيس على زيارتك العزيزة جدا على قلبنا، ونقول لك إن ايلي جوزيف طعمة سكاف واولاده اعلنوا من وقت رحيل زعيم الكتلة الشعبية أن بيتهم مفتوح للجميع، والأكيد أن دولتك بما تمثله من زعامة وطنية ستلمس اننا لم نكن نفتح الابواب بالشعارات فقط، انما بالتعاون الجدي والعملي مع كل مخلص يريد ان ينهض بالمدينة وليس بمصلحته الخاصة.
وزحلة قلبها كبير يتسع للجميع. اهلا بك دولة الرئيس، ومع ان نور زحلة 24 على 24 لكن زيارتك ستعطينا مخزونا اضافيا يعوضنا ايام كان فيها ظلام وظلم، من اليوم يمكنك ان تضع زحلة على صدرك بعدما وضعتها في قلبك، لأن ناسها دولة الرئيس “بيرفعوا الراس”، ونتمنى لك اقامة مديدة في لبنان، وان شاء الله بهمتك نواجه التمديد”.
الحريري
ورد الحريري: “شكرا للسيدة ميريام، وشكرا زحلة على الاستقبال. يحز في قلبي ألا يكون إيلي سكاف بيننا، فقد نكون اخلتفنا معه، لكن بيته كان دائما مفتوحا، وكانت العلاقات متواصلة معه، ويا ليتني حين دخلت عالم السياسة عام 2005 كنت أعرف ما أعرفه اليوم، لكانت الأمور اختلفت جدا، ولما كنا اختلفنا مع ايلي سكاف في السياسة ولا في أي مكان آخر، ولكن سامح الله من جعلنا نختلف.
نحن هنا لكي نقول للسيدة ميريام إننا نشكرك على هذه الدعوة ونشكر زحلة، ونقول لكم إننا وإياكم واحد. صحيح أن الانتخابات البلدية أمر مهم، ولكني أظن أن زحلة تريد انتخابات رئاسية أولا، لأن انتخابات الرئاسة هي مفتاح خلاص لبنان من كل الأزمات التي نعيشها، إن كانت اقتصادية أو اجتماعية أو معيشية. اليوم، عدم وجود رئيس في بعبدا هو أكبر تخاذل سياسي بالنسبة الى كل اللبنانيين، وهناك مسؤولية كبرى على كل النواب، ويجب أن ننزل جميعا إلى الجلسة رقم 37 وننتخب رئيسا للجمهورية. وأكرر أنه أيا كان الفائز، فأنا سأقول له “مبروك فخامة الرئيس”. لا يتحججوا بعد الآن بأن لهم حقا دستوريا في عدم النزول إلى المجلس النيابي، هذا ليس حقا، وليس حقا أن نبقي البلد 18 شهرا أو 19 أو عشرين شهرا من دون رئيس جمهورية، ولا أظن أن هناك أحدا في العالم يمكن أن يوافق على هذا الحق. تصدر بيانات تشيد بانتخابات حصلت في بلد ما، ونحن غير قادرين على انتخاب رئيس للجمهورية، يا للأسف”.
وأكد “أننا مع إجراء الانتخابات البلدية، ولا يظن أحد خلاف ذلك، من هنا من زحلة نؤكد هذا الامر. فشكرا جميعا، شكرا سيدة ميريام على هذه الدعوة، وإن شاء الله نأتي دائما ونرى زحلة “منورة بأهلها وأحبائها”، خصوصا أن ميزتها أنها تعيش فعلا معنى العيش المشترك. هناك كثر يتحدثون عن العيش المشترك، يقرأونه كلمة على صفحة بيضاء ويرددونها، ولكن هناك من يعيشونه بالفعل، يحبونه ويعتبرونه جزءا من حياتهم، وهذا ما نراه في زحلة”.
وفي الختام قدمت سكاف الى الحريري هدية تذكارية.
ماروني وأبو خاطر
وكان الحريري استهل جولته في زحلة بزيارة منزل النائب ايلي ماروني حيث كان في استقباله، يحيط به رئيس بلدية الفرزل ملحم الغصان والمهندس أسعد نكد والسيدان وليد الشويري وطوني طعمة ورئيس اقليم زحلة يوسف ابو زيد. ورافق الحريري مفتي البقاع الشيخ خليل الميس ونادر الحريري.
ورحب ماروني “بالضيف الكبير باسم زحلة التي تحبه وتقدر دوره الوطني”، ونقل اليه تحيات الرئيس أمين الجميل والنائب سامي الجميل.
وأكد ماروني للحريري “الشراكة في دماء الشهداء الذين ضحوا ليبقى الوطن”. وجدد “استمرار التحالف المتين بين الكتائب والمستقبل وأن وحدة 14 آذار أمانة في أعناقنا لأن الوطن يحتاج الينا قوة موحدة”.
ورد الحريري بأنه لا يمكن أن يزور زحلة “من دون زيارة هذا البيت الكريم الذي أعطى شهداء ورجالات وطن نفتخر بهم”.
وجدد تعازيه بالشهيد نصري ماروني، وقال: “أنقل تحياتي الى الرئيس أمين الجميل الصديق الكبير، والى حبيب القلب الشيخ سامي الجميل الصديق الدائم”. وقال: “زحلة في ضمائرنا ونثق بكم وبدوركم، وسنتابع معا الدرب الطويل”.
وغادر الحريري بالحفاوة نفسها التي استقبل بها. وفي أثناء الزيارة تلقى اتصالين من المطرانين جوزف معوض وعصام درويش للترحيب به عبر هاتف النائب ماروني.