خمس بحيرات اصطناعية لتجميع مياه الأمطار في قرى بعلبك

0

صحيفة البناء ـ
وسام درويش:
معاناة البقاعيين مع الحرمان والهدر تعود الى زمن بعيد، وإن كانت تخفت حيناً وتبرز أحياناً، حتى وصلت قيمة الدين العام الى ما يفوق الـ60 مليار ليرة، وإن دل ذلك على شيء فهو يدل على عدم التخطيط والتطبيق.
وما يندرج والوضع الاقتصادي ينسحب على المياه، بحيث يضيع مخزون المياه الجوفية ومياه الانهار هدراً في أرجاء طبيعة منطقة البقاع، من دون الاستفادة منها. فثمّة العشرات من مشاريع السدود، والعشرات من الدراسات التي تنتظر أن تبصر النور، لكنها لم تلقَ طريقها إلى التنفيذ، وما زالت مياه السلسلة الشرقية التي لو أحسنت الدولة الاستفادة من أنهارها، لروت آلاف الدونمات، لكنها تضيع هدراً، و المثال الأكبرعلى ذلك، نهر الشاغور في بلدة نحلة، ونهر سباط في مرتفعات بريتال وحورتعلا، وقد مضى على تدفق مياههما الغزيرة أكثر من شهرين، وما زالت مياههما تضيع هدراً، ما يدفع إلى التساؤل: «لماذا حجب المال عن وزارة الطاقة لتنفيذ سدود على أنهار كهذه في العام 1992، في وقت يشهد الكثير من الدراسات التي تفيد أن أزمة مياه مقبلة، ولا سدود في ظل تراجع الزراعة التي لا ضرورة لها في قاموس الحكومات المتعاقبة في لبنان.أما موضوع تمويل السدود فلا يزال مستتراً، وما تزال الزراعة تعيش على الهامش، والبقاعيون يهجرون قراهم باتجاه أحزمة البؤس، لكن لا حياة لمن تنادي، فالدولة لا تخطط ولا تضع برامج اقتصادية، ما أوصلنا إلى ما نحن فيه، وإلى عجز الموازنة لتبرز بعض المبادرات الفردية، في مناطق وقرى دير الأحمر.
الاحتفال
وشهدت منطقة بعلبك الهرمل أول من أمس إزاحة الستارة عن مشروع لخمس بحيرات لتجميع مياه الأمطار على ارتفاعات وصلت إلى حدود 1300 متراً في مناطق بشوات، الصفرا، القرّامة، المشيتية، وقرنة بيت سعاده، تتراوح سعة الواحدة منها ما بين 20 ألف إلى 45 ألف متر مربع، بدأ العمل بها منذ حوالى السنة بطريقة الحفر, ثم الردم بالتراب الناعم, ووضع غطاء الـ«جي مومبران»، ثم الشرائط وزنّار الباطون، أما التكلفة فبلغت 700 ألف دولار أميركي، وبتمويل من جمعية طلال المقدسي الاجتماعية الانمائية، بهدف ترسيخ أبناء المنطقة في أراضيهم وعدم تركها أو هجرها. وأزيحت الستارة برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ممثلاً بقائمقام بعلبك عمر ياسين، وحضور راعي أبرشية بعلبك ودير الأحمر المطران سمعان عطاالله, رئيس جهاز الدفاع المدني العميد درويش حبيقة, ممول المشروع طلال المقدسي, الأب طوني خضرا رئيس المجلس الكاثوليكي للصحافة, الرائد معروف حرب آمر مفرزة سرية درك بعلبك, رؤساء بلديات قرى ومناطق دير الاحمر, مختارون وفاعليات سياسية واجتماعية وأهلية. ورفعت خلال الاحتفال الأعلام اللبنانية وصور الرئيس سليمان, وصورة للبطريرك السابق نصرالله صفير الذي سميت بحيرة المشيتية ـ وهي كبرى البحيرات ـ تيمناً باسمه، وسعتها 45 ألف متر مكعب، كما زرعت بجانب كل بحيرة شجرة أرز بعد ازاحة الستارة، فيما استقبلت النساء الوفود بالزغاريد ونثر الأرز وتوزيع الحلوى.
ياسين
وألقى قائمقام بعلبك كلمة الافتتاح تمنى فيها «أن يكون عهد فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان عهد رخاء وعطاء، وكان قد دشّن بحيرة اليمونة، وها نحن اليوم في عهد فخامته ندشن عدداً من البحيرات والسدود ونأمل أن ندشن المزيد منها».
عطالله
كما ألقى راعي أبرشية بعلبك المطران ودير الاحمر المارونية المطران سمعان عطا الله كلمة شكر فيها «رئيس الجمهورية على رعايته وممول المشاريع»، وقال: «إذا كنا نسعى الى أن نعيد المواطن إلى الارض، وليس الى عودة المواطن المسيحي وحده، لأن عودته وحده لا معنى لها، فنحن نريد عودة المسلم، وبذلك نكمل ونحمل رسالة لبنان التي نريد أن نحملها بوحدة عميقة مكللة بالمحبة، لان المحبة هي التي تبني الوحدة ومن دونها لا نستطيع بناء الانسانية».
المقدسي
من جهته ألقى طلال مقدسي كلمة أكد فيها على «أن الشركة عمل انمائي لن يتوقف لترسيخ أهلنا في أرضهم، وتأمين سبل العيش الكريم لهم، فأجدادنا وآباؤنا ولدوا هنا وطيّعوا الأرض والحجر، وقدّموا بعضاً من فلذات أكبادهم شهداء على مذبح المؤسسة العسكرية دفاعا عن تراب الوطن العزيز».
وتابع: «عزيمتنا سوف تستمر في إقامة البحيرات الجديدة لتصل إلى 13 بحيرة بمتوسط استيعاب 35 ألف متر مكعب، إضافة إلى تأمين وتوزيع أشجار مثمرة متوسط أعمارها سبع سنوات، وفق شعار «إزرع اليوم وأحصد في العام نفسه».
كيروز
رئيس بلدية بشوات حميد كيروز قال: «أطلقنا على إحدى هذه البحيرات إسم «رئيس الجمهورية» لنؤكد له أننا إلى جانبه، وإلى جانب الدولة اللبنانية، وأن منطقتنا بحاجة دائمة إلى مشاريع تنموية كهذه، وأملنا كبير بفعل الطيبين من أجل خدمة المنطقة والانسان فيها».
الخوري
نائب رئيس جمعية طلال المقدسي حنا الخوري أكد على أهمية هذه البحيرات «التي تثبت الانسان في أرضه، والتي تهدف إلى ريّ أشجار التفاح والكرمة والأشجار المثمرة»، وباسم أهالي بلدة المشيتية شكر كل من ساهم في إنجاز هذا المشروع ».
خضرا
نهرا خضرا، مختار بلدة الصفرا التي أنشئت على تلالها الغربية إحدى هذه البحيرات، وحيث تنشط فيها زراعة الكرمة، رحّب بالانجاز وما تم تحقيقه على صعيد الانماء بهذه البرك التي تبرد قلوب العطشى، قائلاً: «ستبقى مشاريعنا مستمرة، وسنقف الى جانب العائلات التي تصارع البرد القارس، وتكابر في وجه صعوبات ومتطلبات العيش».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.