«سندات دين بلدية»، تمهيداً للسطو على الأصول العقارية

0

SanadatDayenBaladiya

صحيفة الأخبار:
قانون البلديات الحالي يجيز للأخيرة الإدارة أو المشاركة في إدارة مشاريع ذات منفعة عامة، كالمدارس ودور الحضانة وبرادات المنتجات الزراعية والمستشفيات والمتاحف والمكتبات العامة والأندية على أنواعها، فضلاً عن «وسائل محلية للنقل العام»، كما تجيز المادة 49 منه تقديم القروض للمشاريع تلك، والمساهمة بنفقاتها، يقول الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد الحايك، منتقداً تخلي البلديات عن الكثير من مسؤولياتها وصلاحياتها.
بناءً عليه، يقترح الاستشاري إبراهيم مهنا إصدار البلديات سندات دين خاصة بها لتمويل المشاريع، على غرار البلديات في الولايات المتحدة الأميركية، فتكون الأصول التي تملكها البلديات، العقارية تحديداً، ضمانات لديونها؛ ففي حال إفلاس بلدية ما أو عجزها عن الدفع، تصبح أصولها غنائم للدائن (المصرف)! لم يكن تناول مهنا لتجربة سندات الدين البلدية في الولايات المتحدة الأميركية موفقاً، فقد طاول خطر الإفلاس بلديات أميركية كثيرة منذ سنوات، بينها بلدية مدينة نيويورك نفسها؛ وربما كانت الحالة الأبرز بلدية مدينة ديترويت التي أُعلن إفلاسها في المحكمة، وأُجبرت على بيع الكثير من أملاكها ومؤسساتها، بينها المدارس العامة، يوضح الباحث الاقتصادي والوزير السابق شربل نحاس، مشيراً إلى قيود مفروضة على استدانة البلديات في لبنان، كاشتراط موافقة وزارتَي الداخلية والمال. في حال رفع القيود عن استدانة البلديات، على الأخيرة أن تكون «واثقة» من حجم واستمرارية إيراداتها، كأن يدفع الصندوق البلدي المبالغ المستحقة للبلديات بشكل منتظم، وأن تكون حصة الأخيرة من الموازنة العامة مضمونة ومنتظمة، يقول نحاس، لافتاً الى أن الشروط هذه غير مؤمنة حالياً، ما يعني أن «لا معرفة ولا ثقة» للبلديات بمداخيلها، ما يجعل الاستدانة مغامرة خطرة، إذا افترضنا حسن النوايا؛ ونظراً للمعطيات الكثيرة التي تصعّب حسن الظن، فإن «العملية مشبوهة».
إسقاط التجربة الأميركية غير الموفقة على الواقع اللبناني المشوه سيأتي بنتائج أكثر سوءاً، نظراً الى «الانفصام الكامل» بين مكان الإقامة والعمل، وبين مكان القيد، يشرح نحاس: في بلدات الريف الذي نزح نحو 80% من أهله، الغالبية العظمى من المسجلين على لوائح الناخبين هم غير مقيمين بشكل دائم، ما يجعل البلديات «كيانات افتراضية» محكومة بأمرين، «العلاقات العشائرية» التي تشكل الرابط الاجتماعي أو «أساس اللحمة» الذي يُنتج رؤساء البلديات، و«السمسرة العقارية»، حيث يفعل رؤساء البلديات أقصى المستطاع لرفع أسعار الأراضي إلى حدها الأقصى، وتحويل جلها إلى مساحات قابلة للبناء. في ظل البنية الاجتماعية _ الاقتصادية القائمة، البلديات هي في المحصلة «تعاونية لمالكي العقارات»، يقول نحاس، ما يفسر التفنن في ابتكار شتى الأساليب لـ«نتش» أجزاء إضافية من المشاعات والأملاك البلدية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.